روى أحدهم أنه ذهب سائحاً إلى الأقصر، وقرر أن يزور مقبرة الملك توت عنخ آمون في وادي الملوك، وأعدّ كاميرا سريّة للتصوير دون أن يلحظ رجال الأمن ذلك. وفي ليلة الذهاب رأى الملك توت في الحلم، ولما اقترب منه أطلق الملك الفرعوني أشعة مخفية من عينيه، فسقط مغشيًا عليه، ثم وجد نفسه أمام رجل أمن يحاول مساعدته.

أفاق الرجل من نومه مفزوعاً، ولكنه عاد وسخِر ممّا رأى، وفي الصباح ذهب مع صديق له إلى المقبرة، لكن السيارة التي اشتراها صديقه قبل أيام تعطلت وتوقفت عن السيّر، فأخذ سيارة «تاكسي»، ولكنها أيضاً توقفت بسبب نفاد الوقود، ولما وصل في نهاية المطاف، ودخل إلى المقبرة، فوجئ بأن رجل الأمن الذي رآه في حلمه ينظر له شذراً، مع أنه لم يره في حياته قطّ، فكان أن ارتجف، لكنه تماسك حتى قام بالتقاط صور عديدة، ولما عاد للمنزل وجد الكاميرا في حالة جيّدة، وجميع الصور كما هى، لكن لا توجد صورة واحدة لمقبرة توت!

هذه قصة من آلاف القصص حول لعنة الفراعنة، ولعنة من يتجرأ على مقبرة الملك الشاب الذي رحل قبل آلاف السنين.

على المقبرة كان هناك تحذير من أن الموت سيحيط بجناحيْه كل من يُعكر صفو الملك، وقد أحاط الموت بالفعل برجل الآثار البريطاني «هوارد كارتر» الذي اكتشف المقبرة، وكذلك بأخيه، وباللورد الذي قام بتمويله، ثم بنحو عشرين شخصاً آخر ممن لهم صلة بالأمر.. لقد ماتوا جميعاً، وفي ظروف غامضة، وبأمراض أكثر غموضاً.

تمتد القصص بشأن لعنة الفراعنة إلى السفينة الشهيرة تايتانيك التي كانت تحمل قطعة آثار فرعونية ثم غرقت، وبمنازل ومواقع أصابتها اللعنة لأسباب مشابهة.

جمَع الكاتب المصري أنيس منصور حكايات عديدة مثيرة بهذا الصدد، ويروي مصريون عاديون قصصاً شبيهة. ولمّا قررت السلطات المصرية نقل مومياوات ملوك وملكات مصر من المتحف المصري وسط القاهرة إلى متحف الحضارة في حىّ الفسطاط، قال بعض أنصار النظرية، إن مخاطر كبيرة ستلحق بالعالم، وقالت إحداهن: عليكم أن تنتظروا وباءً يضرب الكوكب بأكمله، ولما وقع وباء كورونا عادت وقالت: إنها لعنة الفراعنة.. لقد قلتُ لكم.

ثمّة رواية علمية موازية لهذه الرواية الميتافيزيقية، حيث عمل باحثون على دراسة أسباب كيميائية أو بيولوجية للعنة الفراعنة، لابد وأن يكون هناك سبب علمي مّا. في عام 2024 نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية بحثاً يؤكد أن اليورانيوم المشع هو الذي أدى إلى الموت، وأن التسمم الإشعاعي هو التوصيف العلمي لما حدث.

في العالم المعاصر يعاني البشر من نفايات نووية باتت مرعبة، يلقي بعضهم بها عند سواحل أفريقيا، ويدفنها آخرون في رمال القارة بأثمان زهيدة، بينما يعاني الملايين من أمراض خطيرة، ولعنات فرعونية عديدة.

مناجم اليورانيوم في النيجر تتزاحم أكوام مخلفاتها ليوازي ارتفاعها عشرة طوابق، ومناجم أخرى لم تفتتحها الحكومة لكنها تبيع اليورانيوم وتستقبل مخلفاته.. إنها واحدة من أخطر كوارث البيئة في العالم.

السؤال الآن.. كيف أنتج الفراعنة اليورانيوم القاتل بهذا الحجم المحدود، وكيف جرى تخزينه للردع بهذه الكفاءة العالية؟.. وهل كانت الفيزياء النووية حاضرة في الحضارة الفرعونية إلى هذا المستوى من الردع النووي في مواجهة اللصوص؟.. ربما!

وهذا مقال آخر.