قال لها وقلبه يرجف وهو يتأمل في عينيها الجميلتين:

أنا لا أبا لي بالعين الحمراء , ولا أعيرها اهتماما, بالرغم من أنني أقف طائعا أمام إشارة المرور الحمراء.

لكنني , أقف حبا وإجلالا واحتراما وهياما... أمام " العين الزرقاء " التي ما أن أقف أمامها حتى أشعر و كأنني في جلسة مع نزار وعبدالحليم والموجي أردد معهم:

الموج الأزرق في عينيك.... يناديني نحو الأعمق

وأنا ماعندي تجربة..... في الحب ولا عندي زورق

إني أتنفس تحت الماء

أني أغرق أغرق أغرق

قالت بدلال وغنج:

يا الله … كيف غاب عنا هذا النوع الراقي من الفن... كلمة ولحنا وصوتا؟!

من ذبح الجمال في واقعنا ثم أرسل جمجمته إلى مزبلة القبح؟!

حتى الطرب أصبح له إرهابيون يذبحونه كل يوم على شاشات الفن التي تتسابق على إبراز الغناء الإرهابي الذي يثير الرعب في قلوبنا الضمآنة للطرب.

فلا نسمع سوى هذا الصراخ من الكلام الرديء عبر الحناجر المجمعة في مصانع تايوان وسنغافورة.

لا نزار.... يغرس الكلمات في الوجدان لتصبح كالعشب في الحديقة.

ولا موجي... يترجم البوح إلى عزف.

ولا عبدالحليم... يشدو كالعصافير كي يوقظ فينا الفرح المغيب.

وعاد يمارس تأمله في وجهها متسائلا:

لماذا نغرق في الكراهية إلى هذا المستوى من الجنون؟

ولا نمارس الحب كي ننجو من الكراهية؟!

لماذا نبحر في الدم حتى نغرق في الموت؟

ولا نبحر في زرقة عينين كي نغرق حبا في الحياة؟!

وكيف تحول الفن في واقعنا إلى إرهاب للقلوب والجيوب والشهوة؟!

تخاطب الكلمة قلبا مصنوعا من الدراهم... ويلمع جسد الفنانة لتغني وترقص على غرائز المشاهدين.

حتى الفنانون الرجال أصبحوا ينافسون الفنانات على إغراء الذكور أكثر من إغرائهم للإناث !

ثم عادت لتشاركه البوح والتساؤل والتأمل لتقول:

يقول نزار على لسان عبدالحليم:

إني أتنفس تحت الماء

إني أغرق أغرق أغرق….

أتصور هنا: أن نزار يغرق حبا كي ينعم بالحياة.

وكأنه يصنع قانونا جديدا يعلمنا أن الغرق في الحب يعتبر الحالة الوحيدة التي لا يفقد فيها الإنسان حياته.

أي أن كل غرق يعرض صاحبه للموت إلا الغرق في الحب.

لكن السؤال يظل مريرا ملطخا بالدم:

أي واقع عربي هذا الذي أنتج لنا هذا الزخم الهائل من الكراهية؟!

في الوقت الذي كنا نعتقد أننا على وشك الغناء على مسارح المحبة وليس على مسارح الجماجم المتفحمة وبين المقابر الجماعية !

أي فكر هذا الذي صنع لنا إنسانا لا يحب الحياة؟!

ومن يكون المجرم الحقيقي؟!

القاتل... أم الفكر الذي صنع القاتل؟!

ومن يستحق القصاص أولا؟!

أليس العصر الذي أفرز لنا هذا الفكر الذي صنع لنا هذا الإنسان المشوه حري بالمحاكمة؟!

ثم أنهت حديثها اليه وهي تقول:

ويظل الجواب مستحيلا , كاستحالة سقوط الدمعة من عين حجر.

ثم صرخت باكية وقالت:

وهل للحجر قلب كي تدمع عيناه؟!

سالم اليامي [email protected]