ورغم أن القيادة الفلسطينية سارعت إلى تطويق الخلاف الذي فجرته بغباء سهى عرفات في وجه المستورثين، إلا أن الجميع لمسوا أن الخلاف لم يكن خلافاً على القضية، ولم يكن على السياسة، إنما كان فقط على الأصفر الرنان، والحسابات المترعة بالمليارات من الدولارات في البنوك الأوربية، وحسابات الأفشور .. ولا أدري كيف تمت معالجة القضية، وتطويقها، فهل تم الإتفاق على "تقسيم" الإرث و حصر الورثة، أم أن "مسدس" أبو عمار كانت له الكلمة الفصل عندما رفعه في وجهها "رفيقٌ آخر" كما هو شأنهم عندما يختلفون على الغنيمة ..

تصريح سهى المفاجئ، ثم سكوتها المفاجئ أيضاً ، يحملُ الكثير من علامات الاستفهام . ويُشير إلى مدى نضالية "الحرس القديم" وإخلاصهم لقضية العرب الأولى والمصيرية! .. كما يؤكد أيضاً أن جزءاً من تكاليف قضيتنا المصيرية انتهى إلى دور الأزياء والمجوهرات في لندن وباريس وميلانو التي يقولون أن "سهى" شغوفة بالتسكع على أرصفتها وبين متاجرها شغفها بعشق أبوعمار نفسه ! . أحد المستورثين في تصريح صحفي له "نفى" وجود مكان "للسيدة الأولى" في قاموس النضال الفلسطيني، وقال : ( أم الشهيد هي فقط السيدة الأولى، ولا مكان لسيدة أخرى ! ) . غير أن أم الشهيد هذه ارتوت من شرب الهوى، وأصابتها كل أنواع التخمة وهي تلتهم الوعود حتى التلبك المعوي . فهي لا تجد قوت يومها فضلاً عن أن تجد المعطف الحريري الأسود الباذخ الذي تلتف به عقيلة الرئيس المناضل وهي تودعه في القاهره ..

سهى الطويل، أو سهى عرفات، كفتنا ، وكفت المؤمنين، أو المخدوعين، ( شر القتال) والنضال .. وأغنتنا عن الجدل حول سر الهزيمة، وإلى أين تذهب (ادفع ريالاً تنقذ عربياً) ، فلم ننقذ عربياً فحسب، وإنما أنقذنا أيضاً كل العاملين في شارع (فيا سبيغا) في ميلانو ، و ( الشانزيليزيه) في باريس، و (النايتس بريدج) في لندن ..

رحلَ (الختيار) وبقيت القضية كما هي منذ أربعين عاماً .. وبقيت سهى و"المستورثين" ونحن . واكتشفنا متأخرين للأسف أن سهى كانت (عروس عروبتنا) وليس (القدس) .. ولكن (بعد أن طارت الطيور بارزاقها)، أو أرزاقنا، لا فرق!..