من النقاط الهامة عندما يريد أى شخص أن يقدم أى اثبات علمى، أن يبدأ بتعريف واضح للنقطة التى يود اثباتها، ثم يقدم براهين علمية تؤكد ما يقول، وهو عكس ما يفعله، وفعله الدكتور زغلول النجار مرات كثيرة عندما استخدم أى معنى و لفق له أى نتيجة من وحى خياله و أدعى أنها اكتشفت و أنها تتفق مع عبارات دينية، و له كل الحق لأنه يعلم أن من أطلقه على العقل العربى سمح له بذلك، كما أنه يعلم تمام العلم أنه يخاطب العاطفة الدينية، و بالتالى فالكل سيسمع منه.. و يصدق و لن يحاول التأكد مما يقول..

كتب سيادته بتاريخ 2005 يناير 17 :
" توسطة مكة المكرمة لليابسة‏:
وقد قام بإثبات ذلك الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏)‏ في اثناء تحديده لاتجاهات القبلة من المدن الرئيسية في العالم فلاحظ تمركز مكة المكرمة في قلب دائرة تمر بأطراف جميع القارات السبع التي تكون اليابسة‏.‏فإذا كانت الأرض هي مركز السماوات السبع بنص الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان‏*‏‏(‏الرحمن‏:33).‏ فلابد أن تكون الكعبة المشرفة في مركز الكون‏"

ونقطة توسط مكة المكرمة لليابسة من النقاط التى ذكرها سيادته عدة مرات فى كتاباته، و الأمر فى أوله كان يبدو كزلة غير مقصودة، لكن مع اعادة سيادته الحديث فى هذه النقطة رأينا انه من المفيد التعرض لها..

عندما نتحدث علميا عن مركزية أو توسط أى نقطة لمسطح ما، فنحن نتحدث عن شكل منتظم معرف الأبعاد، مربع مثلا، مثلث..، دائرة.. الخ، و حتى هذه الأشكال تختلف فيما بينها عما يمكن أن نسميه مركز أو نقطة توسط، فالمثلث المتساوى الأضلاع يختلف عن الدائرة أو المربع أو الخماسى الأضلاع المنتظم أو أى شكل هندسى آخر..و بالتالى فالتعريف نفسه يختلف اختلافا كبيرا باختلاف الشكل.. أما ما فعله الدكتور فكان شيئا لا علاقة له لا بالعلم و لا بالهندسة و لا بأى شىء له قواعد، فهو لم يعرف معنى توسط، و لم يعرف مركزية و لم يعرف أبعاد الشكل االذى يتحدث عنه، ألا و هو اليابسة، و اليابسة ليست سطحا مستويا، بل هى أجزاء غير منتظمة و غير متصلة من مسطح شبه كروى ليست له أبعاد منتظمة (لها تعريف هندسى واضح) نستطيع من خلالها أن نوجد نقطة و ندعى أنها تتوسطه، و بالتالى فالادعاء الذى أورده العالم الكبير باسم العلم أن مكة المكرمة تتوسط اليابسة، هو ادعاء، فى أفضل الأحوال، غير صحيح!
واذا كان سيادته اعتمد على الدكتور حسين كمال الدين الذى "لاحظ تمركز مكة المكرمة في قلب دائرة تمر بأطراف جميع القارات السبع التي تكون اليابسة‏"، فما هى هذه الأطراف؟ و هل بعد مكة المكرمة عن طرف أوربا يساوى بعدها عن طرف أسيا؟ وعن طرف أفريقيا؟ و ما هو التعريف العلمى الذى استخدمه سيادته لكلمة طرف؟ و لماذا لا ينقل سيادته هذا الاكتشاف لجريدة الأهرام العريقة العظيمة، لكى نتعلم جميعا من هذه الاكتشافات العلمية الجغرافية الغير مسبوقة؟ اذا كان لديه خريطة و يوجد بها دائرة تمر بأطراف القارات السبع و مركزها مكة المكرمة، نريد أن نراها تلك الخريطة الجهنمية.. حتى لا تتعالى الصيحات بالاتهامات والأوصاف التى تنال منه هو و جريدته،والتى تفيد التعارض مع العلم و التناقض مع الأمانة..
والأكثر من ذلك اعتبر سيادته أنه كون مكة تتوسط اليابسة(مسطح) "فلابد أن تكون الكعبة المشرفة في مركز الكون"(كذا) فهل هو يقصد مركز الثقل، أم مركز الفراغ؟ويقصد به نقطة تستوى فى بعدها عن أطراف هذه الشكل الثلاثى الأبعاد(الكون) الذى نفترض أن الدكتور بعلمه الغير مسبوق وصل اليه..، فهل هو يعنى أن مكة المكرمة تقع فى نقطة تبتعد مسافات متساوية عن أطراف الكون؟ وهل هو متأكد (وهو لم يقدم أدلة علمية)؟أم أنه يعتمد على عاطفة دينية ستحتم على المتلقى تصديقه (وهو ما يتعارض مع العلم الذى لا يبنى على فرضيات أومسلمات دينية)؟ أم أنه يورد رأى شخصى؟ وهل الأراء الشخصية يمكن تصنيفها تحت بند الاعجاز العلمى؟ وهل سيادته وصل لأطراف الكون فعلا وتأكد من هذه المعلومة وهذا الفتح المعرفى الغير مسبوق؟ أم أن سيادته سأل العرافة؟ أم أن سيادته قرأ الطالع والبخت حتى وصل لهذه المعلومة العلمية المذهلة؟ واذا كان سيادته غير متأكد لماذا يرتكب هذا الجرم و يخرب
عقل القارىء بهذا الشكل؟
بعد ذلك كتب سيادته فى نفس المقال "الكعبة المشرفة مبنية بزواياها الأربع في الاتجاهات الأربعة الأصلية تماما‏،‏ فالحجر الأسود في اتجاه الشرق الحقيقي تماما‏،‏ والركن المصري في اتجاه الغرب الحقيقي تماما‏،‏ والركن اليماني في اتجاه الجنوب تماما‏،‏ ويقابله الركن الشامي في اتجاه الشمال الحقيقي‏،‏ تماما‏.‏ وتحديد تلك الاتجاهات بهذه الدقة في زمن موغل في التاريخ كالذي بنيت فيه الكعبة المشرفة ينفي امكانية كونه عملا بشريا‏،‏ ويؤكد علي كرامة المكان‏،‏ ويضيف إلي ما فيه من الآيات‏" و هى بالطبع عبارات تستدعى الكثير من المراجعة..، لكن أبسط تعليق هو ماذا عما تركه الفراعنة من تراث معمارى، و هو تراث اعجازى بكل المقاييس، هل نستطيع أن نصف هذا الاعجاز بأنه " ينفي امكانية كونه عملا بشريا‏،‏ ويؤكد علي كرامة المكان‏،‏ ويضيف إلي ما فيه من الآيات".. السؤال نطرحه على العالم الكبير.. و نتمنى له التوفيق فى الاجابة..

هذه بعض النقاط رأينا أن نعلق عليها لخطورتها على العقل العربى، و لاظهار المحنة التى يمر بها هذا العقل المسكين..، لأن هذا الشخص يكتب فى أكبر صحيفة عربية فى العالم، و نظرا لكونه مستمرا فى كتاباته و انجازاته رأينا أن نعلق، لعلنا نلفت النظر لهذه النكبة التى يمر بها هذا العقل.. و فى النهاية.. لايسعنا سوى أن نطرح هذا السؤال لعلنا نوقظ النيام: لماذا الغرب والشرق متقدمين بينما نحن لازلنا نصارع أمراض انقرضت من العالم كله؟