أعتقد أن ما مر به الشعبان الفلسطيني والاسرائيلي طوال العقود الماضيه لدليل واضح على أن هذا الصراع الدائر بين الطرفين لن تكون له نهاية على المدى القريب اللهم الا اذا أرادت الحكوماتان الفلسطينية والاسرائيلية المضي قدما بتطبيق اتفاقيات سلام فيما بينهما... فقد أثبتت الصراعات التي مر بها الفلسطينيين والاسرائليين أن الخاسر الوحيد هما الشعبان الفلسطيني والاسرائيلي ولو استمر هذا الصراع فان الخسائر في الارواح البشرية بين الشعبين ستكون أكبر وأكبر في ظل اصرار الطرفين على استخدام قوة السلاح.
لقد آن الاوان لان يزيل الفلسطينيين والعرب من عقولهم فكرة إزالة اسرائيل من الوجود فمن المستحيل القضاء على شعب وكيان بالكامل... لقد آن الاوان لأن يفكر العرب بعقولهم لا بقلوبهم والاقتناع بأن الوجود الاسرئيلي في المنطقة أصبح أمرا واقعا لا محالة منه... لقد آن الاوان لأن يقبل الفلسطينيين أولا والعرب ثانيا فكرة التعايش السلمي مع الشعب الاسرائيلي... وكذلك على الاسرائليين أن يبدؤا القبول بفكرة التعايش مع الشعب الفلسطيني لأنه ومهما حاولت القوات الاسرائلية القضاء على الشعب الفلسطيني فان هذا الشعب لا يمكن محوه عن الكرة الارضية فهو شعب ممتد داخل فلسطين وخارجها وبأعداد كبيرة... فحتى وان تم القضاء على الشعب الفلسطيني فان الشعوب العربية لن تنسى فلسطين والقدس الشريف وستبقى المشكلة قائمة الى أبد الابدين... ولهذا فقد أن الاوان للتفكير مليا بأن الشعبان الفلسطيني والاسرائيلي سيبقيان متجاوران الى يوم القيامه وأن السلام فيما بينهما أصبح أمرا واقعا لا محالة منه... وهذا السلام يحتاج الى تنازل كلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي عن بعض الحقوق والمطالب على أن يكون هذا التنازل معقولا وليس على حساب أي من الطرفين...
اذا كان الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية قضية مرفوضة لدى العرب والمسلمين في كافة بقاع الارض فهو أمر طبيعي... وإن كان العرب والمسلمين يرفضون السلام مع الاسرائليين فهذا حق من حقوقهم... وإن كان العرب والمسلمين يرفضون التوقيع على اتفاقيات سلام مع الاسرائيليين فانه أمر ليس بغريب... ولكن لماذا نرفض نحن العرب والمسلمين وضع ايدينا بيد الاسرائيليين لانهم احتلوا الاراضي الفلسطينية في الوقت الذي نفتح فيه حدودنا وأذرعنا وقلوبنا لدولة عربية مسلمة احتلت دولة عربية مسلمة أخرى... أليس هذا بغريب... أليس الاحتلال السوري للبنان بأمر لا يقبله العقل ولا ضمير أي عربي أو مسلم... لا بل أن الدول الاوروبية وحتى اسرائيل يرفضون هذا الاحتلال غير المنطقي من قبل القوات السورية للاراضي اللبنانية... إن مطالبة الفلسطينيين للاسرائيليين بالخروج من الاراضي الفلسطيني ورفض الاسرائيليين لهذه المطالب لامر طبيعي بسبب وجود صراع بين الطرفين... إلا أن الغريب والمصيبة أن يرفض السوريين الانصياع لمطالب الشعب اللبناني بالخروج من أراضيه... اليس غريبا أن تبقى علاقاتنا مع الاسرائليين مقطوعه لاحتلالهم الاراضي الفلسطينية في الوقت الذي نفتح فيه أذرعنا الى السوريين ونعقد معهم الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والدبلوماسية وغيره من الاتفاقيات رغم رفضهم الانسحاب من الاراضي اللبنانية والانصياع لمطالب الشعب اللبناني الذي أصبح السوريين بالنسبة لهم هو العدو اللدود لا الاسرائيليين... فالجار الاسرائيليي للبنان وان كان يقوم بطلعات جوية وضرب بعض المواقع في الجنوب وغيره الا انه لم يكن كاحتلال السوريين للبنان... السلطات الاسرائيلية تطلق بين الحين والاخر سراح بعض المعتقلين الفلسطينيين واللبنانيين في الوقت الذي تجهل فيه مئات من العائلات الفلسطينية واللبنانية مصير أبناءها في السجون السورية... لقد آن الاوان وكما قلت لأن نفكر بعقولنا ونمد أيدينا الى الاسرائليين وأن يمد الاسرائيليون أيديهم لنا لننعم بالسلام في ظل دولتان فلسطينية واسرائيلية... فالصرع الفلسطيني العربي من جهة والاسرائيلي من جهة أخرى لن يعود بالمنطقة إلا بمزيد من الحروب والدمار وصرف الاموال على بناء الترسانة العسكرية في المنطقة والتي لن تؤدي إلا الى تدمير شامل لمنطقتنا العربية... لنأخذ العبرة من الاحتلال السوري الى لبنان ونفتح صفحة جديدة مع الاسرائيليين وإن كان ضمن تنازلات معقولة من كلا الطرفين لأنه ومهما طال الزمان أو قصر فسيظل الشعب الفلسطيني موجودا الى أن تحين الساعه وكذلك بالنسبة للاسرائيليين فلا يمكن محوهم عن وجه البشرية... وفتح صفحة جديدة مع الاسرائيليين لن يؤدي إلا الى انتعاش منطقة الشرق الاوسط ودول الخليج العربي والعديد من دول العالم ليس من الناحية الاقتصادية فقط بل من الناحية التكنولوجية والتجارية والمهنية حيث سيتم تحويل صرف أموال الترسانة العسكرية الى البحوث والدراسات والاتفاقيات التجارية والاقتصادية والسياسية بين الفلسطيننين والعرب والاسرائيليين فالتكنولوجيا التي تملكها اسرائيل ويخشاها العرب يمكن الاستفادة منها اذا ما تم فتح صفحة جديدة في العلاقات العربية الاسرائيلية... فالعلاقات العربية للاسرائيلية أمر واقع قادم علينا طال الزمن أم قصر وتوقيع اتفاقيات سلام بين العرب والاسرائيليين من شأنه ازالة أية مخاوف لدى الدول المجاورة لاسرائيل من احتمالية شن هجمات عسكرية اذا ما احترم الطرفان الاتفاقية الموقعة فيما بينهما ولن يكون هنالك حاجة وقتها لا للوجود السوري ولا غيره لحماية لبنان من الاسرايليين أو من غيرهم لا بل على العكس فان الوجود السوري على الاراضي اللبنانية سيبقي المخاوف لدي الاسرائليين قائمة... وأولى على السوريين حماية أراضيهم واستعادة قراهم المحتلة بدلا من التحجج بأن وجودهم على الاراي اللبنانية هو لحماية لبنان من الاسرائليين فقد أثبتت الايام أنه بالامكان استعادة الاراضي المحتلة من الاسرائليين من خلال توقيع اتفاقيات سلام مع الاسرائيليين وأكبر مثال على ذلك اتفقيات السلام الموقعة بين مصر واسرائيل والتي بموجبها استعادت مصر أراضيها التي لم تستطع استرجاعها خلال الحروب الماضية.

أنور الحمايده
كاتب وصحافي فلسطيني/ كندا