العالم العربي عالم الشعارات والكلام، فالشعوب العربية يومها كلام، نومها كلام، حياتها كلام في كلام، هذا عن الكلام ويضاف إلى ذلك من مشتقات الكلام الشعارات الرنانة التي لا تنطبق على الواقع المرير للشعوب العربية عامة، والشعب المصري على وجه الخصوص، وخصوص الخصوص المواطن القبطي المقهور المغلوب المطحون والمهان من أجهزة الدولة المصرية عامة وجهاز مباحث أمن الدولة خاصة.
ومن هذا المنطلق دعنا نستعرض الشعارات التي هي عكس الواقع في مصرنا.
بما أن مصر جزء من العالم العربي بل أنها اكبر دولة في الدول العربية فبالطبع لها النصيب الأكبر في فن الكلام والخطابة هذا الفن (فن الكلام فقط) الذي اصبح المصريون امهر الشعوب في توظيفه حتى في احلك الظروف مثل النكسة فبقيادة الإعلامي احمد سعيد تحولت الهزيمة النكراء إلى نصر ساحق و لكن بالكلام (مثل الصحاف في العراق صاحب مصطلح العلوج الشهير) بل من مهارة المصريين في فن الكلام اصبح شعار المصريين (إحنا اللي دهنا الهواء دوكو) أي أن كلامنا اصبح له لون ورائحة وطبعا الرائحة ليست من باريس بل من مصر واصبح المصريين ملوك الكلام والشعارات.
ومثال حي لذلك أهم قضية للأقباط في مصر منذ ثورة العسكر الأحرار (الأشرار) هي قضية بناء الكنائس والدستور المصري المقنن لاضطهاد الأقباط لتعرف وتتأكد مدى إتقان المصريين لفن الكلام تجد الكل بلا استثناء من الغفير إلى الوزير من المخبر إلى اكبر رأس في النظام يرفعون شعار (الدين لله والوطن للجميع).
ومن الطبيعي جدا في الساحة العربية عامة والمصرية خاصة إن كل ما يقال هي شعارات جوفاء فالحكومة المصرية تعمل العكس تماما فليس الدين اصبح لله ولا الوطن اصبح للجميع.
و لك مثال حي ضمن آلاف الأمثلة التي تؤيد غريزة الشعارات الجوفاء الفارغة كنيسة في منقطين منذ 28 سنة (أي والله ثمانية وعشرون سنة) وأمن الدولة بقيادة وزير الداخلية (حبيب العادلي) يقف أمام بنائها منذ 28 عاما (ليس يوما أو شهرا بل أعوام) والشعار الدين لله والوطن للجميع شعار يردده المصرين في كل مناسبة وفى كل مجلس و في الإذاعة والتليفزيون والمجلات حتى أن رئيس الجمهورية دائما يصرح مرارا وتكرارا أن مصر وطن واحد للجميع ولا توجد مشكلة قبطية وان حادث الكشح من اجل 3 دولارات كما صرح في فرنسا سابقا وهذه ال3 دولارات آدت إلى قتل 21 قبطيا منهم من حرق في وسط الحقل ووسط أرضة وأمام الشرطة ورغم ذلك تجد مصر مازلت مملوءة بالشعارات الجوفاء ولذلك فليس بغريب في مصر أن تجد الدولة دائما تتغنى بشعار الدين لله والوطن للجميع ترفض بناء كنيسة في قرية "منقطين" بمركز سمالوط بمحافظة المنيا منذ 28 سنة (السنة في مصر 365يوما واليوم في مصر 24 ساعة حتى يعرف الآخرون إن مصر تتبع نفس التوقيت العالمي وليس لها توقيت أخر).
وقبل ذلك ما حدث في قرية "طحا الأعمدة" من قتل كاهن واثنين من الشمامسة، نتيجة ترميم سور الكنيسة من اثر سقوط شجرة علية الساعة الواحدة صباحاً.
وإنني لو ذكرت أمثلة للحوادث التي تتعارض مع الشعارات التي ترددها مصر وسلطاتها تحت راية (الدين لله والوطن للجميع) فإنها لا تحصى، منها ما هو يومي، ومنها ما هو دوري وبكل أسف من القائم بهذا كله رجال الأمن والشرطة المسؤولين عن الأقباط لاضطهادهم وإذلالهم حتى يكرهوا على الارتداد عن المسيحية.
وحسب أوامر وزير الداخلية ولخطورة بناء الكنائس في مصر، وتطبيقا للشعار الأجوف الدين لله والوطن للجميع لم يصرح ببناء الكنيسة في منقطين، ويضطر الأقباط الغلابة إلى السفر 5 كيلو متر إلى الكنيسة في القرية المجاورة مع العلم بان عددهم 5000 نسمة، ويوجد في قرية منقطين 22 جامع وزاوية وليست هناك كنيسة واحدة، لأن هدف وزير الداخلية هو حرمان الأقباط من إيمانهم المسيحي وإيمان أجدادهم، ورغبته في ارتدادهم عن الأيمان المسيحي وأسلمتهم بالإكراه.
وعليه، وحيث إنني لا أرغب في اعتناق الإسلام، لكن يجب عليّ كمصري أن اتبع تعليمات وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي أن يكون الإسلام لي دين، ولكن نظرا لحالتي الصحية غير المستقرة لإصابتي بكثير من الأمراض فلا أستطيع القيام بالمهام التي ذكرها جهابذة الفتاوى من أن لكل مؤمن 72 حورية في الجنة، وأنا بحالتي الصحية المتعبة هذه افضل أن أكون مشركا بأمر وزير الداخلية الذي حرمنا من وجود كنيسة للتعبد فيها وللاحتفاظ بإيماننا وإيمان أجدادنا، فأنا ألبي طلب وزير الداخلية، وابدأ من ألان كأول قبطي يعلن إشراكه.
وحيث أن من الصعب أن الحد بالله خالق الكل فقررت الإشراك به بناء على تعنت وزير الداخلية ونزولا على رغبته، وحيث أنني مثل باقي المصريين والعرب في هذه المنطقة التي تعظم وتمجد الطغاة والقتلة و تمجد معذبيها، وبما أن الأقباط معذبهم الأول هو وزير الداخلية، فها أنا أعلن إيماني بعظمته، فهل يرضى عني ويدعني في حال سبيلي ؟.
* مصري يعيش في سويسرا