تجربة المجلس الوطني الكوردستاني

ليس خافيا على الجميع التجربة الديمقراطية في كوردستان وريادتها من ناحية ومن ناحية اخرى قصر الزمن قياسا بتجارب الشعوب الاخرى في المارسة الديمقراطية وفي ارساء دعائم وقواعد ومن ثم بناء مؤسسات المجتمع المدني في الاقليم على غرار ما هو عليه في مؤسسات الدولة في دول الجوار وفي المنطقة بصورة عامة.
التركيبة السياسية للمجلس الوطني الكوردستاني فريدة من نوعها في المنطقة في قبول اسس التعددية الفكرية والثقافية والقومية لابناء كوردستان حيث ذلك المبدا تعتبر من اهم مقومات الاساسية للعملية الديمقراطية ومنذ البداية الاولى لتاسيس للبرلمان الكوردي عقب انتخابات البرلمانية الكوردستانية عام 1992 وتحت وجود تهديد مباشر من نظام فاشي من اعتى الانظمة جورا وعنفا الا وهو النظام العراقي السابق، اقول رغم وجود تهديد ذلك الطاغوت فقد كانت التشكيلة البرلمانية ومنذ البدا نموذجا رائعا ورائدا كتجربة جديدة ولاول مرة حيث جمع الحزبين الكبيرين الكورديين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني بجانب الاحزاب السياسية الاخرى المتواجدة على الساحة الكوردية من احزاب دينيية او علمانية او قومية. ولا ريب كما عليها كل تجربة جديدة فهي ليست خالية من الاخطاء والهفوات والاخفاقات ولكن الزمن كفيل بتقوية الركائز الممارسة الديمقراطية وتكوين تقاليد واعرافا برلمانية وعلى اسس صحيحة. كما ان الساحة الكوردستانية تحولت الى بيت لجميع العراقيين من المعارضين للنظام السابق وازدهر فيها وبحرية مؤسساتهم السياسية والثقافية. في حين نرى ان العديد من الانظمة في المنطقة وخاصة دول الجوار ولحد يومنا هذا تحظر عمل تلك الاحزاب على كافة اتجاهاتهم السياسية او القومية خذ مثلا الجمهورية الاسلامية في ايران فانها تحظر عمل القوى اليسارية والعلمانية وفي تركيا حظر تام على العمل السياسي للشعب الكوردي والشعوب الاخرى وقوى اليسار من الشيوعيين والعديد من القوى الاسلامية المحظورة حسب القوانيين والاعراف السياسية السائدة وقد جرى اجهاض جميع المحاولات السياسية لانشاء الاحزاب السياسية الكوردية بجميع اتجاهاتها الفكرية هذا رغم وجود وتطبيق النظام الديمقراطي البرلماني الذي يسود البلاد وتوجهاتها الاوربية الى الانتماء الى الاتحاد الاوربي ومنذ اعلان الجمهورية التركية 1916 وكذا الحال في سوريا ويستثنى اليوم اللجمعية الوطنية العراقية كتجمع ديمقراطي يجمع كافة اطياف الشعب العراقي البديع.

الفائزون بالمقاعد النيابية في المجلس الوطني الكوردستاني


ساتطرق الى بعض التطبيقات الديمقراطية مع التركيز على النموذج الكوردستاني وتركيبة المجلس الوطني الكوردستاني بعد الانتخابات الاخيرة التي جرت في شهر شباط من هذا العام الجاري 2005.

نتائج الانتخابات البرلمانية في محافظة اربيل حيث مقر حكومة اقليم كوردستان
لاحظ التركيبة التعددية الفكرية والقومية والثقافية*

ان التطورات الحثيثة باتجاه الديمقراطية لمؤسسات الاقليم ينبع من التوجهات الفكرية للاحزاب الكوردية المعتدلة من ناحية ومن ناحية اخرى تاثر تلك الاحزاب بالتجارب السياسية العقيمة لاحزاب السياسية في المنطقة والتي ادت تطبيقاتهم في ادارة دفة الحكم الى نشوء العديد من الدكتاتوريات الفكرية والحزبية الشمولية التطبيق ولو ان الكثير مكنها لا تزال تدعي بالديمقراطية كتلك الاحزاب العاملة على الساحة التركية مثلا ولا ريب هذ الانعكاس كان له ردودا فعل ايجابية انعكاسية لدن الاحزاب السياسية الكوردية مبتعدين تماما عن التوجهات الفكرية الضيقة والشمولية والتطبيقات الخاطئة والغريب ان العديد من الاحزاب التي تدعي الديمقراطية لا تجد في نفسها القدرة باعطاء المثال الكوردستاني كتجربة يقتدى بها وكتجربة رائدة رغم قصر عمرها الزمني والاحباطات التي تلت انتخاب اول برلمان كوردستاني عام 1992. بالتاكيد ان توجهات العامة للاحزاب السياسية الكوردية التي كانت الى فترة قصيرة تحمل راية الكفاح المسلح نحو انشاء دولة المؤسسات العصرية والمجتمع المدني وقبول وجود الاخر المختلف توجهات جديرة بالتقدير والتشجيع وسط بيئة ومنطقة تسودها اما افكار قومية او احزاب شمولية التوجهات او نظام يعتمد على الدين الاسلامي الحنيف. ان مجرد القاء نظرة عابرة على نتائج الانتخابات النيابية في الاقليم ودراسة الساحة الفكرية للاحزاب المشاركة نرى توجهها صحيحا نحو قبول الاخر من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وتلك كافية كي تتحول الى عامل فخر واعتزاز للجميع لا تتجرء عليها دول ذو تاريخ سياسي طويل في المنطقة وحتى في العالم.
الاحزاب السياسية تناضل من اجل ان يحصل المواطن على حقوقه وان يشعر بالامن والامان في وطنه محققا امانية في حياة كريمة والحزب الذي يعامل شعبه معاملة سيئة لا ريب عاجلا ام عاجلا سيكون عرضة لمحكمة الشعب الرافض لوجوده وفي اول اشارة ديمقراطية وبذورة طيبة لرياح نسمات الحرية نرى ان الناس ينتفظون من حول الحزب مقدمين اقسى النقد الى افكارها ورجالها. ان مشاركة الشعب في تقرير مصيرة في التوجه الى صناديق الاقتراع لتعين نوابهم اللذين سيمثلونهم في البرلمان ويصدورن القرارات والقوانين باسمهم يعتبر احد ركائز الانظمة الديمقراطية. ان مشاركة ابناء كوردستان في الحياة العامة والخاصة وبحرية كاملة سيؤدي الى انطلاق الطاقات الخلاقة والابداعية في المجتمع هؤلاء يتمتعون بروح المسؤلية الملقات على عاتقهم في حماية مؤسسات الدولة الديمقراطية كانتماء حقيقي لتلك المؤسسات التي تنطلق بالاساس من اهدافهم الوطنية والفردية الحرة و الخاصة.


ان التطورات الجارية على الساحة الكوردستانية خاصة في المجال الاجتماعي والاقتصادي سيولد مجتمعا منفتحا على كل جديد في المنطقة، مجتمع متسامح يقبل التعددية، يرى فيها عاملا تطوريا لاغناء مكونات المجتمع ويبعد شبح نمو الفكر القومي الشوفيني السلبي مما يدفع كل ذلك الاقليم الى مسارات جديدة نحو التحضر والتطور اذا ماكانت القيادات السياسية واعية وتستفيد من المكتسبات التاريخية التي حصل عليها الشعب الكوردي بعد نضال وكفاح طويلين وقافلة من الشهداء الابرار.


النتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني الكوردستاني 2005

لا ريب ان الصورة المتغيرة التي بدات ملامحها بالظهور في الاقليم سيبدل الصورة النمطية التي كانت سائدة ايام تسلط الفاشية ومن اهم نتائج تلك التغير الى الاصلح هو قبول التطورات والتغيرات بسرعة مخافة تماما لما كان عليه المجتمع الكوردي وهذا سيكون في جميع المجالات التقنية والتكنيكية والمعمار والازياء والافكار المتسامحة المفتوحة على العالمية وتتحول المنطقة الى مزار للسياح وطالبي الحرية الهاربين من جميع انواع القمع والتسلط والاحجاف بالحقوق متحولا المجتمع الكوردستاني الى مجتمع انساني عصري. اما الناحية الاقتصادية فان مسير التطور ستتسارع قريبا بعد ان يكتشف الكثيرون مدى الاهمية الاقتصادية لمنطقة فيها النمو الاقتصادي متسارع نسبيا الى المناطق الاخرى ويسود الامن والامان ربوعها الجميلة وجبالها الطيبة.
بينما يستقبلهم المواطنيين بالترحاب على عادتهم ومنذ فجر التاريخ وعلينا ان لا ننسى ان العدو الوحيد الذي جلب الخراب والدمار الى العالم هو القوى الشوفينية القومية فاذا ما ترعرعوا كاطحالب في اي مجتمع حصد ابنائها الخراب والدمار والحروب هؤلاء من النازيين والفاشيين والطورانيين والبعثيين وكل من سار في دربهم ومن جميع الامم.
اننا هنا يجب ان لا ننسى وجود تعددية عرقية وعقائدية في المجتمع الكوردستاني ينعكس كذلك من تركيبة النواب اللذين تم انتخابهم في المجلس الوطني الكوردستاني. هذا المجلس النموذجي في المنطقة فلو ارد التركماني " القومية الثانية في كودستان" الكلدو اشوري والايزيدي والعربي الانظمام اليها لكان الباب مفتوحا على مصراعيه وهذا طبعا لا يوجد حتى في الدول المجاورة انظر مثلا الى تركيا فهل يعقل ان التركماني يبغي نظاما شبيها بذلك الذي يطبقة تركيا وهل هذا في الختام لا يعني بالنسبة له حرمانه حتى من الحديث بلغته اما اذا فكر بحقوقه الاخرى فسيجابه بكل قوة وجبروت الدولة الى درجه امحاء وجوده القومي وتطهيره العرقي في حرب لا هواده فيه وفرض اللغة الكوردية كلغة اساسية يجب ان يتعلمها ويتقنها لا بل يجب ان يفتخر ابنائه قائلين "ما اسعدنا لاننا اكراد" ناهيك عن كل ذلك فان جل تراثه وثقافته ستمحى من الوجود واذا ما تجرء احد المطربين وغنى "القوريات" لانتهى في احدى قاعات السجون واذ كتب بالتركمانية شعرا لانتهى هناك كذلك وملايين الامور الاخرى. اليس هذا ما يجري اليوم في تركيا الديمقراطية العلمانية بابناء الشعب الكوردي. اليس من يجاهر بالشيوعية وينادي اليها يففترش السجون في هذا البلد او ذاك هنا وهناك.
ان المشروع الحضاري الكوردي لجدير بالتشجيع وتقديم كل العون كي يتطور ويشع على الجميع بنوره جالبا الخير والامل لابنائنا واحفادنا. تحية للرجال الساهرين على نجاح هذه التجربة الجليلة وتحية حب وعرفان لاروح جميع شهداء درب الحرية والاستقلال.

السويد
20050412
http://altonchi.blogspot.com/

* جميع النتائج حسب ما نشرته المفوضية العليا المستقلة لانتخابات للمزيد في موقع المنظمة على الانترنت تحت العنوان التالي:
http://ieciraq.org/Arabic/Frameset_Arabic.php

الدكتور توفيق آلتونجي