لاحفل هذا العام لان عيد الحب يصادف في ذكرى عاشوراء
هيفاء وهبي
حسن المصطفى:بدأ العام الهجري الجديد، ومعنى ذلك، بدء الحزن واكتساء السواد، وخروج مواكب الحزن والعزاء لدى المسلمين الشيعة، حزنا وكمدا على مقتل الإمام الحسين بن علي (ع) في واقعة كربلاء الشهيرة.
هذا الحزن الكربلائي الذي يتكرر كل عام، هو حزن مقيم، حزن أثر بشكل أو آخر في ذات كل شيعي، مهما كان قربه أو بعده من الدين. لأن حدثا مأساويا كقتل الإمام الحسين وصحبه، وسبي آل بيته، وبالصورة التراجيدية التي تحكيها الرواة، لا يمكن المرء إلا أن يأخذ منه موقفا إنسانيا، بعيدا عن كل أدلجة، وكل ملة، منحازا فيه لذات الحسين الذي غدا رمزا للحرية والثورة.
عاشوراء هذا العام، تصادف في منتصفها –تقريبا- مناسبة على النقيض منها، شعورا، وطقسا، وسلوكا، ألا وهي عيد العشاق "الفالنتاين". والسؤال يقول: ماذا سيفعل العشاق الشيعة هذا العام؟. هل سينحازون لشيعيتهم، ويحترمون إمامهم، وسيد شباب أهل الجنة، أم سينحازون للمعشوقة، مفضلين إرضاءها وقضاء ليلة "حمراء" معها، أم ماذا؟.
لنتساءل بداية، هل عاشوراء فعلا تتناقض و"الفالنتاين"؟. وهل المناسبتان لا مكان للالتقاء بينهما؟.
لقدسية عاشوراء لا يمكنك أن تقول بعدم التناقض. لكن لو أبعدنا طقوس السهر، والرقص، والشرب، والليالي الحمراء في "علب الليل" التي يحييها عشاق "الفالنتاين"، لو استبعدنا كل هذه "الهيصة" لوجدنا أن ثمة نقطة لقاء، وثمة تقاطع بين الاثنتين.
الفالنتاين هو عيد للعشاق، عيد للحب، ومثال لما يبذله العاشق من مودة لمعشوقه. وكربلاء، كانت هي أبرز مثال لهذا العشق، والتضحية في سبيل المعشوق. وهل هناك من بذلٍ أعظم من بذل الروح!.
في كربلاء، كان الحسين بن علي يقول مخاطبا الله: تركتُ الخلقَ طراً في هواكَ، وأيتمتُ العيالَ لكي أراكَ، فلو قطعتني في الحبِ إرباً، لما مالَ الفؤادُ إلى سواكَ.
وعندما قطع جسد الحسين، أتت أخته الحوراء زينب، ورفعت جسد أخيها الممزق للسماء، وقالت مخاطبة المعشوق الأكبر/الله: "اللهم تقبل منا هذا القربان".
العاشق دائما ما يبذل لمعشوقه. ولسان حاله خذ مني قدر ما يثبت هذه المحبة. وفي عاشوراء الحسين كان الشعار "إن كان هذا يرضيك، فخذ مني حتى ترضى".
الشباب الغض، ممن تراهم مصطفين في مواكب العزاء في عاشوراء، دائما ما ترى على رؤوسهم "عصابات" تتكرر فيها كلمة "عشاق". فتقرأ "عشاق الحسين"، "عشاق الشهادة"، "عشاق الزهراء"، "عشاق الولاية"....وسواها من تعابير العشق الحسيني.
في الفالنتاين، اللون هو الأحمر. وفي عاشوراء، الأحمر قانٍ، من لون الدم العبيط.
قد تكون نقطة التقاطع هذه هي جوهر الموضوع بينهما، وهي لبٌ وأساس غُفل عنه كثيرا، لاقتصار عشاق "الفالنتاين" على طقوسه الشكلية: الرقص، والسهر حتى الصباح، ودبٌ أحمر يقدم للحبيبة.
ربما كان وقوع "الفالنتاين" في وسط عاشوراء، فرصة للعودة به إلى جوهره، ونواته الأصلية، نواة العشق الحقيقي، عشق الروح للروح، والذات للذات، لا عشق الأجساد المتهالكة من الرقص.




التعليقات