عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: بعد مرور ساعات على اختطاف عدد من المهندسين المصريين في العراق من قبل جماعة ارهابية تطالب غالبًا بفدية مالية لاطلاق سراح ضحاياها من اجل شراء أسلحة ومتفجرات تقتل العراقيين؛ حيّى 200 اديبًا مصريًا ماأسموه بالمقاومة العراقية في افتتاح مؤتمرهم السنوي يوم الثلاثاء 29 سبتمبر 2004 في مدينة الاقصر، متمنين أن يتحول العراق الى فيتنام ثانية. متناسين، بقصد كما يبدو، ان الارهاب الذي يحيّونه يحصد كل يوم عشرات الارواح من العراقيين الذين داس اغلب هؤلاء الهتافين على معاناتهم في مسيرات جوية امتدت من القاهرة لبغداد قبيل سقوط نظام صدام حسين مقابل دنانير وكوبونات معدودات، فضحت بعض الاسماء وقتها وتم التكتم على البقية التي اسعفها تدخل حكومات عربية متورطة في رشاوى مع النظام السابق.
مايدعو للشفقة على المجتمعين ان شعار مؤتمرهم هو (الاصلاح من منظور ثقافي) وانهم سيناقشون (امكانات الاصلاح الثقافي ) و(الموقف من الاخر) و(قراءة نقدية في الخطاب الثقافي العربي الراهن) و(المفاهيم الرقابية وحرية المنتج الثقافي) و(دور المؤسسات التعليمية في الاصلاح) و(وضعية المؤسسات الثقافية غير الرسمية) مع ادانة مسبقة للاخر ولاي اصلاح ثقافي، حيث البؤس الثقافي العربي يعود كل يوم ادراجه للخلف مرورًا عند مهزلة الستينيات العربية ومحاربة كل جديد. ترى ما الذي سيناقشه حامد عمار و أحمد أبو زيد ومحمود اسماعيل ونبيلة ابراهيم وفريدة النقاش وسامي خشبة وقاسم عبده قاسم ومصطفى رجب وناجي فوزي وشبل بدران ومحمد السيد سعيد وهم يفتتحون مؤتمرهم ببيان يدعو للقتل ويحيي الارهاب؟
هذا الموقف (الأدبي) المصري شبيه بمواقف (أدبية) عربية اخرى اتفقت إبان انتخابات اتحاد الادباء العراقي في تموز الماضي على مقاطعته، واهمال الدعوات الموجهة اليها لحضور اول انتخابات حرة في بلد عربي لم يسمّ أي من الحاضرين من ادبائه ببغداد مايجري من ارهاب بالمقاومة، كما يتسابق ادباء عرب مأخوذين بحمى الفضائيات العربية التي تعتاش على مايسيل من دم عراقي في شهرتها. بل حدثني اديب عراقي من الانبار قبل يوم من انتخابات اتحاد الادباء العراقيين ببغداد بأن ( كل احتلال يذل الشعب الا هذا الاحتلال فقد أذل ديكتاتورًا وحرر شعبًا) وهو أديب معتدل في آرائه مقارنة بأدباء عراقيين استمعت اليهم ببغداد، وو صفهم مايجري من ارهاب قادم اليهم عبر الحدود العربية. فلا وجود لـ (فيتنام) الا في أدبيات مهترئة تراوح بين القاهرة وبيروت في مؤتمرات خلبية تسعى لركوب عربة الشهرة المنزلقة بغالها في الدم العراقي. فساعة يعلن تويبع لخير الدين حسيب ان قواعده في العراق ستفرج في ثلاثة ايام عن زملائه المختطفين الفرنسيين بعد سماعه انباء عن قرب الافراج عن الرهينتين الفرنسيين ليمر اسبوع دون أي افراج عنهما وسط انباء حول عراك مسلح بين الخاطفين حول قيمة الفدية المقدمة. ثم ليحيي كاتب هنا واديب هناك ضربات الارهاب التي يسمونها(مقاومة) مبررا الضحايا العراقيين بان قدرهم اوجدهم في المكان الذي ضربت فيه مقاومتهم. أما في الفلوجة التي يقدمها لنا الاعلام العربي خالية من الرجال والشباب فهي لايسكنها، حسب هذا الاعلام، سوى النساء والاطفال، فلم يعلمنا احد منهم حتى الان عن المكان الذي قتل فيه الارهابي أبو أنس الشامي الذي تحول بيت اهله في منطقة ماركا بعمان الى ملتقى ادباء وكتاب ونقابيين اردنيين محيين شهيدهم الذي قتل العشرات من العراقيين بفتاواه التبريرية لجماعة الزرقاوي الارهابية المختبئة بين سكان الفلوجة حيث كان يعمل كمفته لها.
حمى التمجيد لكل فعالية ارهابية في العراق لم تتغير لدى معظم الادباء العرب فالزرقاوي وبن لادن هما فارسا الامة كما يدور في الجلسات الخاصة لاولئك الادباء الذين عادة مايجاملون مجالسهم العراقي بذم صدام الذي بكى اكثرهم يوم سقوط تمثاله في التاسع من نيسان 2003.
لايطلب ادباء العراق من ادباء مصر المئتين الذين اجتمعوا في مؤتمرهم السنوي بحضور وزير الثقافة المصري فاروق حسني أن يسادونهم في مسعاهم لانهاض اتحادهم الذي عانى من ديكتاورية نظام صدام بل ان ينظروا بعينين اثنتين لما يجري في العراق والالتزام بمسؤوليتهم كادباء.

[email protected]