القاهرةمن سعد القرش:كشف باحث بحريني صفحة "يجهلها كثيرون" عن علاقة بلاده بالقضية الفلسطينية قائلا ان مملكة البحرين كانت قبيل اعلان وعد بلفور عام 1917 بنحو 60 يوما مرشحة كوطن قومي لليهود ثم اتجهت الانظار الى الاراضي الفلسطينية. وقال خالد البسام في كتابه (البحرين والقضية الفلسطينية 1917 - 1948) ان بلده "هو البلد الذي اقترح أن تنشأ فيه دولة لليهود قبل التفكير في فلسطين." وصدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في الاردن ويقع في 240 صفحة وحمل عنوانا اخر هو (كلنا فداك) في اشارة الى قضية فلسطين. وأوضح البسام أنه في الثاني من سبتمبر أيلول عام 1917 قدم طبيب يهودي روسي مقيم في العاصمة الفرنسية باريس يدعى روششتين اقتراحا "مثيرا" الى وزارة الخارجية البريطانية عن طريق السفير البريطاني في فرنسا "يطلب فيه انشاء دولة يهودية في البحرين والاحساء" وتقع الاخيرة شرقي الجزيرة العربية وكانت انذاك مقاطعة تركية. وأضاف أن رسالة الطبيب تضمنت أنه سيعمل "جاهدا من أجل تجميع قوة يهودية مقاتلة للربيع القادم تتألف من 120 ألف رجل. وهذه القوة ستتضاعف فيما بعد وسوف تعمل في بعض الاحيان بالتعاون مع قوات الحلفاء. وقد يبدو عرضي هذا وهميا في البداية ولكنه سرعان ما سيفقد صفة الوهمية عندما تصل الالاف الاولى من الفرقة اليهودية."
وأشار الى أن الحكومة البريطانية ردت على الاقتراح يوم 15 أكتوبر تشرين الاول عام 1917 قائلة انه بصرف النظر عن الاعتراض العام على "ادخال عنصر جديد في الجزيرة العربية وبصرف النظر عن المشكلة التي هي مثار الجدل حول مرغوبية اقامة دولة يهودية في أي مكان هناك أسباب خاصة لاعتبار المواقع المختارة لكل من تمركز الفرق اليهودية وللاقامة النهائية للدولة اليهودية المقترحة غير ملائمة تماما."
وصدر وعد بلفور في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني عام 1917 وكان عبارة عن رسالة بعث بها وزير الخارجية البريطاني انذاك ارثر بلفور الى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة. وتضمنت الرسالة تعهدا من الحكومة البريطانية باقامة كيان لليهود في الاراضي الفلسطينية. ونصت رسالة بلفور على ما يلي "ان حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الان في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الاخرى. وسأكون ممتنا اذا ما أحطتم الاتحاد الصهيونى علما بهذا التصريح."
وسجل البسام رحلته الى الاراضي الفلسطينية وهو في الثامنة مع والده عام 1964 الى القدس عبر سوريا والاردن لرؤية الشعب والبلد الذي وصفه بأنه "وجع لا ينتهي."
وقال ان البحرين وشعبها "تخلصوا من كارثة كبرى بالاعتذار البريطاني عن تأسيس دولة يهودية في البحرين والاحساء." وأضاف ان البحرين شعرت ومنذ فترة مبكرة أن تقديم بريطانيا مثل هذا الاعتذار عن اقامة دولة لليهود هناك لن يعفي البحرين "من واجبها القومي والانساني والاخلاقي" تجاه قضية فلسطين.
وقال البسام انه حين شرع في تأليف الكتاب بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاولى عام 1987 فوجيء بتوقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 بين الفلسطينيين والاسرائيليين وفتر حماسه لاكمال المشروع الى أن أشعلت الانتفاضة الثانية التي بدأت يوم 28 سبتمبر أيلول عام 2000 حماسه مرة أخرى "وبفضل الانتفاضة لم يعد الكتاب طموحا شخصيا بل واجبا تجاه فلسطين وشعبها الباسل." وذكر أن وعي شعب البحرين "بالقضية الفلسطينية" بدأ منذ صدور وعد بلفور عام 1917 حيث اتخذ التضامن مع الفلسطينيين مظاهر وأشكالا كثيرة.
وبقدر ما يعيد الكتاب بعض الاعتبار الى أدب الرحلة فهو يثير بعض الشجن على زمن لم تمثل فيه الجغرافيا العربية عائقا أمام حركة المواطنين حيث كان سائقو السيارات في العاصمة السورية دمشق ينادون في الشوارع الرئيسية على المارة "القدس.. القدس." وأهدى البسام (49 عاما) كتابه الى شخصيات تمثل مكانة بارزة في الذاكرة الفلسطينية منهم عز الدين القسام الذي رحل عام 1935 والروائي غسان كنفاني الذي مات عن 36 عاما في انفجار عبوة ناسفة وضعت في سيارته تحت منزله في بيروت عام 1972 والطفل محمد الدرة الذي قتل بين يدي والده في بدء الانتفاضة الثانية و"الى كل شهداء فلسطين." وأصدر البسام خلال 20 عاما أكثر من عشرة كتب منها (القوافل.. رحلات الارساليات الامريكية الى مدن وقرى الخليج والجزيرة العربية) و(ثرثرة فوق دجلة.. حكايات التبشير المسيحي في العراق 1900 - 1935).