استقتال بعد رمضان لإسقاط الحكومة والدفاع عنها
لبنان يترقب معركة المحكمة الدولية بقطع أنفاس

إيلي الحاج من بيروت: يعيش لبنان على المواعيد، وفي حقبة قطع أنفاس هذه الأيام يردد سياسيون متعددو الإنتماء والتوجه فيه أن أمام البلد ثلاثة أشهر صعبة، هي المهلة الجديدة لتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي للنظر في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويتوقعون معركة حامية بعد quot;هدنة رمضانquot; الحالية يستعد لها quot;حزب اللهquot; وحلفاء النظام السوري لإسقاط الحكومة الحالية التي يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة ، فيما تستعد قوى الغالبية في الحكومة والبرلمان لمعركة الدفاع باستماتة. علماً أن تشكيل حكومة أخرى يتمتع فيها حلفاء دمشق بالثلث المعطل يعني في قراءة الغالبية عرقلة نشوء المحكمة الدولية للنظر في القضية التي باتت أكبر من لبنان وتتخذ بعداً دولياً، على غرار المحكمة الدولية في قضية لوكربي.

وتؤكد تقارير دبلوماسية أوروبية ان رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي البلجيكي سيرج براميرتز، انتقل فعليا خلافا لسلفه القاضي الالماني ديتليف ميليس من مرحلة التحقيق في الجريمة الى مرحلة اعداد الملف النهائي المتضمن كل الأدلة والمعلومات والشهادات والمتورطين وأحرز تقدما كبيراً. والرجل يستعجل تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي،لأن مكتب الادعاء فيها هو الذي سيقاضي ويلاحق ويطلب اعتقال المتورطين تمهيدا لمحاكمتهم خارج لبنان.

ويمتلك براميرتز من الأدلة والقرائن والمعلومات والشهادات المتعددة ما يكفي على ما يبدو لاعداد ملف قوي وصلب يصمد أمام المحكمة ذات الطابع الدولي ، وربما في جرائم أخرى، وهو ملف يتضمن بالتأكيد أسماء جميع المتورطين في الجريمة، سواء كانوا سوريين أم لبنانيين. وقد احتفظ القاضي البلجيكي لنفسه وللمحكمة عمدا بكل ما يملكه من أدلة ومعلومات عن هذه الجريمة، ولن يكشف أسماء جميع المتورطين فيها قبل تشكيل هذه المحكمة وبدء عملها وقبل انجاز تقريره الأخير وذلك حفاظا على سلامة التحقيق وحسن سيره ولدفع المسؤولين السوريين الى مواصلة التعاون مع لجنة التحقيق.
وتذكر مصادر في بيروت ان بعض المسؤولين السوريين أبلغوا أخيرا جهات اوروبية رسمية quot;انهم يأملون بل يتوقعون ان تعلن لجنة التحقيق في نهاية أعمالها انها لم تتوصل الى أي نتائج ملموسة وان ليست لديها أدلة حاسمة وقرائن قوية تدين مسؤولين سوريين لتورطهم في هذه الجريمة، وانه ليس كافيا ان تكون لدى جهة ما دوافع وأسباب قوية لاغتيال الحريري الاتهام هذه الجهة بالذات بالتورط في عملية الاغتيال، بل من الضروري ان تتوافر الأدلة الملموسة المقبولة التي تثبت فعلا مسؤولية هذه الجهة لكي تتم ادانتها واحالتها أمام المحكمةquot;.

كما ان المسؤولين السوريين ما زالوا يبدون باستمرار، خلال اتصالاتهم مع بعض الدول الاوروبية مخاوفهم وقلقهم من تسييس أعمال لجنة التحقيق الدولية، ويرددون ان الاميركيين والفرنسيين يريدون استهداف نظام الرئيس بشار الاسد سياسيا من خلال صرف مهمة لجنة التحقيق هذه عن مسارها وتغيير هذا المسار. ويرد عليهم المسؤولون الاوروبيون باستمرار quot;ان هذا الأمر مستحيل وليس واردا لأن لجنة التحقيق لم تشكلها اميركا او فرنسا بل شكلها مجلس الأمن الدولي بقرار صادر بالاجماع، وان التقارير الصادرة عن هذه اللجنة يتبناها مجلس الأمن بالاجماع. ويجب ان تدرك سوريا انها ليست في مواجهة مع دولة او دولتين بل مع الشرعية الدولية ككل ممثلة بمجلس الأمن، وان من مصلحتها التعامل بأآبر مقدار من الجدية مع آل ما يرتبط بالتحقيق الدوليquot;.

في هذا الاطار طلب الرئيس الفرنسي جاك شيراك أخيرا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين quot;تسهيلquot; عملية تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي ، كما طلب منه التدخل مباشرة لدى القيادة السورية لمطالبتها بالامتناع عن وضع أي عقبات من طريق بعض حلفائها اللبنانيين أمام تشكيل هذه المحكمة في أسرع وقت ، وبالتعاون quot;الى أقصى حدquot; مع مطالب هذه المحكمة، مما يعني ضمنا الموافقة على تسليم المسؤولين السوريين المتورطين في هذه الجريمة عندما تطلبهم المحكمة .إلا أن في هذا التطلع الفرنسي الكثير من التفاؤل، فالرئيس الأسد كما ظهر في حديثه الأخير إلى جريدة quot;البايبسquot; الإسبانية ليس مستعجلاً تقديم رأس نظامه للمطالبين به، وهو ليس معمر القذافي .