توسيع الحكومة مخرج مقبول من الجميع

ربحت الطوائف الحاضر وخسرت المستقبل

عون من بكركي: خطوات قبل النزول إلى الشارع

حزب الله: خطوات قبل الشارع

عد عكسي لمواجهة كبيرة في لبنان

بلال خبيز: الارجح ان المشاورات والوساطات الجارية بين القيادات اللبنانية والتي يقودها الرئيس نبيه بري في الكواليس عشية انعقاد اللقاء التشاوري يوم الإثنين المقبل في السادس من تشرين الأول ndash; اكتوبر قد تنتج نوعاً من التسوية السياسية للأزمة التي تعصف بلبنان في هذه الفترة. تقضي هذه التسوية بتوسيع الحكومة الحالية نحو تمثيل التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الجنرال ميشال عون في الحكومة الموسعة على ان يتمتع الرئيس نبيه بري، بوصفه ممثل خط الوسط بين التيارين المختلفين، بحق التقرير في موضوع الثلث المعطل.

مما يجعله الطرف المقرر فعلياً في ما يمكن تمريره وما لا يمكن تمريره من قرارات ومشاريع بصرف النظر عن حجم التمثيل نفسه، إذ يصبح شرط تمرير اي قرار او مشروع تريد الاكثرية تمريره موافقة الرئيس بري عليه عبر من يمثله في الحكومة. وعلى النحو نفسه ستجد قوى الأقلية النيابية نفسها مسوقة للتنسيق مع الرئيس بري في اي قرار تريد تعطيله. مثل هذه التسوية التي توكل إلى الرئيس بري امر قيادة السفينة السياسية اللبنانية والسهر على المصلحة الوطنية العليا، تجعل من إمكان تعويم الحياة السياسية في لبنان مجدداً امراً قابلاً للرجاء والأمل.

ذلك ان الموقع الذي حرص الرئيس نبيه بري على تمثيله في المشهد السياسي اللبناني جعله يكتسب ثقة الطرفين المتنازعين على حد سواء. مما يجعل من تمثيله في الجكومة ضامناً لكلا الطرفين من اي شطح قد يرى اي منهما نفسه مستعداً للخوض فيه. والحق ان مثل هذه التسوية تبدو في نهاية المطاف اعلى مرتبة مما كان يطمح اللبنانيون الذين كانوا يتوقون فقط إلى مجرد التهدئة واعمال العقل بين القيادات وصولاً إلى حد الرضوخ إلى سياسات quot;قطاع الطرقquot; التي بدا كما لو ان القوتين المتنازعتين في لبنان قد اخذت في اعتمادها منهجاً راسخاً في تعاملها مع البلد عموماً. فلم يكن ما جرى في الأيام الاخيرة من تهديد ووعيد يقابله في الجهة الاخرى تهديد ووعيد مماثلين، اقل من قرصنة في السياسة لا يمكن لها ان تبني سياسة راسخة او تساهم في بناء حكومة قوية ودولة عادلة على اي وجه من الوجوه. لأن كل طرف من الطرفين انما كان يضرب في خاصرة الطرف الآخر التي تصله بالبلد والمشترك عموماً. فحين يهدد السيد حسن نصرالله بالتظاهر في بيروت، وهو تظاهر سلمي على ما يدعي انما يهدف إلى اسقاط الحكومة وشل آلة الدولة، فإنما يكون كمن يشن حرباً على الاقتصاد اللبناني والامل في تحسن صورة لبنان على المستوى الاقتصادي بوصفه بلداً مستقراً وجاذباً للاستثمارات.

وحين يرد عليه الطرف الآخر بالقول: أن ما خسرناه في الحرب التي غامرت فيها قد خسرناه ولم نعد نأمل في تعويضه، وما دمنا متحصنين في مناطقنا ولا مجال لاختراقها من اي جهة كانت فإن ردنا سيكون بالمثل. وما دام التهديد يطاول صورة الحكومة التي ارتضيناها ممثلاً شرعياً لنا، فلا بأس باسقاطها، وليتعامل السيد نصرالله بعد اسقاطها مع ابطال ميليشيات الحرب الأهلية والذين خبروها جيداً ويعرفون زواريبها كافة وكل مناطق ضعف الخصوم، واين يربحون واين يخسرون. والحال بدا كما لو ان الحاصل الوحيد في ما جرى في الأسابيع القليلة الماضية ليس أكثر من هجوم على الدولة لصالح إعادة احياء الميليشيات الأهلية، ومحاولة القبض على عنق التسويات السياسية وخنقها لصالح سياسة قرصنة من كل الجهات.

والحق ان هذا المسار الذي افتتحه حزب الله وحلفاؤه وبدأت نذره العاصفة تتلبد في سماء لبنان منذ ان صدر قرار مجلس الامن الذي حمل الرقم 1701، جعل من بيروت العاصمة اضعف حلقات السلسلة اللبنانية واقلها قدرة على الصمود في وجه العواصف الأهلية المقبلة. العاصمة بما تعنيه من مركز القرار السياسي ومركز الثقل الاقتصادي والمكان الوحيد الذي يتيح للبنانيين تصدير صورتهم الاجتماعية والثقافية، وهذه كلها والحق يقال، كانت من ركائز الاقتصاد اللبناني في السنوات الأخيرة التي سبقت اغتيال الرئيس الحريري.

لقد دمرت حرب تموز ndash; يوليو موسماً سياحياً مزدهراً، ووضعت الاقتصاد اللبناني في موقف حرج، مما جعل من التخوف من التخريب وفوضى الشارع غير ذات موضوع بالنسبة للقوى الطائفية المحتشدة. فليس جمهور السنة في لبنان من يتأثر بإحراق او تخريب منطقة quot;السوليديرquot; في وسط بيروت، بل قد يكون هذا التخريب دافعاً قوياً لتكتلهم كتلة وتحدة تجعل من امر الاختلاط النسبي الذي بدأت بيروت العاصمة تراكمه في السنوات التي اعقبت اتفاق الطائف حديث خرافة. والحق ان التهديد بالتظاهر وتعطيل آلة الدولة الذي شهدنا ذروته في حديث السيد نصرالله إلى قناة quot;المنارquot;، وفي رد السيد سمير جعجع عبر شاشة quot;تلفزيون الجديدquot; نزع عن بيروت صفة العاصمة الجامعة، وجعلها اشبه ما يكون بالارض الحرام بين دول الطوائف المتناحرة.

بعد اليوم لم يعد ثمة جغرافيا مختلطة يمكن لحزب الله او تيار المستقبل او القوات اللبنانية او التيار الوطني الحر ان يتظاهروا فيه ويهددون بخرابه، إلا إذا كان حزب الله يظن ان في وسعه ان يحتل الشوف او اقليم الخروب بتظاهرة واحدة، وهذا لمن اكتوى بنار الحرب الاهلية ليس اقل من تجديف لا طائل تحته.