العام المقبل يرزح تحت احداث العام الماضي
2006 في لبنان: عام الحرب والانقسامات الداخلية

ريما زهار من بيروت: بعد ايام قليلة يودع اللبنانيون العام 2006 ويستقبلون عامًا جديدًا، يتوقعونه افضل من العام الماضي الذي اتسم باحداث دموية وثورية كبيرة، كان ابرزها الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز(يوليو) واستكمال صدور القرارات الدولية ومنها القرار 1701، ومتابعة التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع تسلم القاضي البلجيكي سيرج براميرتس مكان الالماني ديتليف ميليس وصدور تقريرات عدة من قبله خلال هذا العام لم تشر الى الجاني مباشرة لكنها اوضحت امورًا كثيرة تتعلق بعملية الاغتيال، كذلك تميز هذا العام بتحالف بين النائب ميشال عون وحزب الله من خلال مذكرة التفاهم التي اثارت جدلا في الاوساط اللبنانية، كما نزل اللبنانيون بالآلاف الى الشارع في الذكرى الاولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط(فبراير)، ولم ينته العام دون اغتيالات فكان اغتيال الوزير بيار الجميل صدمة جديدة عاشها اللبنانيون بمرارة، وعادت ازمة الحكومة لتبرز من جديد من خلال استقالة الوزراء الشيعة في نوفمبر 2006 تم استكمالها بنزول قوى المعارضة الى ساحة الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت بدءًا من كانون الاول ( ديسمبر) حتى اليوم مطالبين باسقاط الحكومة ولا تزال الوساطات العربية والمحلية تقوم بمساعيها حتى انهاء هذه الازمة وعدم تفاقمها بعد الاعياد.

الحرب على لبنان

من آثار حرب تموز الأخيرة على لبنان
بدأ العدوان الإسرائيلي على لبنان في 12 تموز( يوليو) 2006 عقب خطف حزب الله اللبناني للجنديين الإسرائيليين إيهود غولدواسير و إلداد ريجيف، سميت العملية العسكرية لخطف الجنديين بعملية الوعد الصادق حسب إعلام حزب الله بينما سميت العملية العسكرية الإسرائيلية لتحرير الجنديين عملية الثواب العادل من قبل الحكومة الإسرائيلية .

إعتبرت العملية العسكرية عدوانا من قبل القنصلية الأوروبية وبعض وسائل الإعلام العربي و الإسلامي، وبعض الدول الأعضاء في مجموعة الثمانية ، وهيئة تطوير العلاقات العربية البريطانية ، كان رد فعل الحكومة الإسرائيلية مبالغا فيه حسب قناعة التيارات اليسارية الإسرائيلية ، وكوفي عنان الذي صرح بان الإسرائيليين إذا قاموا quot;بإنشاء ما وصفوه في الماضي بمنطقة أمنية أو اتفاق امني فإنها ستكون منطقة أمنية لهم ولكن للآخرين ستكون احتلالا وهذا سيكثف المقاومة، وقد بلغ عدد القتلى من اللبنانيين منذ بدء الهجوم الاسرائيلي أكثر من 1300 شخصا معظمهم من المدنيين. أما على الجانب الاسرائيلي فقد قتل 103 جنديا و 40 مدنيا.

لم يكن الموقف الغربي وحده منقسما على شرعية الإعتداء الإسرائيلي فقد شهد الصف العربي إنقساما واضحا وخصوصًا في موقف السعودية الرسمي التي وصفت عملية خطف الجنديين quot;بالمغامرات غير المسؤولةquot; وكانت السعودية قد اصدرت بيانا هاجمت فيه ما سمته quot;عناصرquot; لبنانية بسبب ما اعتبرته quot;مغامرة غير محسوبة دون الرجوع إلى السلطة الشرعيةquot; ودون التنسيق مع الدول العربية، حدث أثناء العدوان نزوح أعداد كبيرة من اللبنانيين قدر عددهم بنصف مليون نازح لبناني من مناطق القتال فقد إستقبلت مدينة صيدا اكثر من مئة الف نازح وتوجه البعض الآخر الى سورية وتم إجلاء نحو 2000 من الرعايا الأجانب إلى سورية و قبرص، وقتل اثناء النزوح 18 مدنيا لبنانيا في قصف اسرائيلي على موكبهم، و شهد العدوان الإسرائيلي دعما كاملا من قبل الحكومة الأميركية فقد ذكرت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; الاميركية ان واشنطن تكثف جهودها لارسال قنابل موجهة بالغة الدقة الى اسرائيل التي طلبت تسريع الصفقة بعدما بدأت هجومها على لبنان ورفضت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الدعوات الدولية لوقف فوري لاطلاق النار في لبنان.

وقعت الغارة الأخيرة في الساعة 7.45 صباحا في 15 آب اغسطس 2006 واستهدفت بساتين الأطراف الشرقية لمدينة صور وبعد 15 دقيقة من هذا القصف دخل تطبيق قرار quot;وقف الأعمال العدائيةquot; الذي نص عليه القرار 1701 لمجلس الأمن الدولي حيز التنفيذ .

القرار 1701

ونص القرار 1701 على انهاء العمليات العسكرية الهجومية الاسرائيلية و انهاء هجمات حزب الله على اسرائيل وانتشار قوة دولية من 15000 لحفظ السلام مع انسحاب الجيش الإسرائيلي وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب .

لجنة التحقيق

ومع وصول القاضي سيرج براميرتس في مطلع العام 2006 الى لبنان دخل عمل لجنة التحقيق الدولية مرحلة جديدة من التقريرات التي لم تشر الى الجناة لكنها اوضحت نقاطًا خلافية كثيرة، وبحسب الخبراء الدوليين فان تقريراته شكلت مرحلة لاحقة ومتقدمة من التحقيق و تضمنت امورًا متقدمة في سياق الكشف عن معلومات جديدة توصل اليها، وبقي كالعادة حريصًا الا يفضي بكافة المعلومات التي توصل اليها، وذلك لاسباب حرفية وتقنية معروفة بمعنى انه سيعرض القضية برمتها على المحكمة الدولية عندما يصار الى انشائها، وعندما يعين لدى هذه المحكمة مدعى عام جديد لها، فالتقرير في هذا السياق لا يكشف كل الذي توصل اليه رئيس اللجنة وانما يمثل بعض الامور المتقدمة.

بيان التفاهم

عون ونصرالله خلال التوقيع على مذكرة التفاهم المشتركة
كما شهد العام 2006 مذكرة تفاهم بين حزب الله وتيار النائب ميشال عون أعلن فيها كل من حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يرأسه العماد ميشال عون ورقة تفاهم سياسي شملت كافة الموضوعات الداخلية وذات الصلة بالعلاقة مع سورية. وأكدت ورقة التفاهم السياسي، التي تليت في مؤتمر صحافي أعقب لقاء هو الأول من نوعه بين حسن نصرالله وعون تم في شباط/فبراير من العام 2006، في كنيسة تقع على الخط الفاصل بين ضاحيتي بيروت الجنوبية والشرقية، على التقاء الطرفين حول معظم النقاط السياسية والاقتصادية والإدارية وخصوصا موضوع سلاح المقاومة الذي أكدت الورقة على أنه باق طالما بقيت أرض محتلة وأسرى لبنانيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت الورقة أن مصير سلاح الحزب سيتقرر بناء على حوار داخلي بين اللبنانيين لرسم إستراتيجية دفاع عن لبنان في وجه إسرائيل.

وتم الاتفاق في الورقة على موضوعات العلاقة مع سورية وقيام علاقات دبلوماسية بينها وبين لبنان، وبناء الدولة وقانون الانتخابات التشريعية والتحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومكافحة الفساد والإصلاح الإداري وبناء الأجهزة الأمنية. وضمت الورقة العديد من الموضوعات الأساسية الأخرى.

وجاء لقاء الرجلين في الوقت الذي حصل خلاله تظاهرة الاحتجاج على الإساءة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وكانت من أوسع وأخطر الأحداث التي وقعت، وكان المستهدف جر بيروت بكاملها والضواحي لفتنة دموية مرعبة.

اغتيال الجميل

وفي21/11/2006 لقي وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل (34 عاما) مصرعه بطلق ناري أصيب به إثر اغتياله ليلفظ أنفاسه بمستشفى نقل إليه في حال حرجة للغاية، وتساءل مراقبون عن الطريقة التي اغتيل بها الجميل، بإطلاق الرصاص خلاف كل المحاولات السابقة التي كانت عبر مفخخات أو سيارات تفجيرية، ودخل لبنان مجددًا نفقًا جديدا، والجميل من مواليد بكفيا في لبنان في 1972 وهو عضو لقاء قرنة شهوان وحركة 14 آذار/مارس المعارضة لسورية.وكان نائبا عن المقعد الماروني في المتن من 2000 إلى 2005 قبل أن يتسلم حقيبة وزارة الصناعة في 2005.

وبيار الجميل حاصل على شهادة في الحقوق من جامعة الحكمة في بيروت. وهو نجل أمين الجميل الذي تولى رئاسة لبنان في 1982 ، وجده الشيخ بيار الجميل مؤسس حزب الكتائب ورئيسه لأكثر من 40 سنة.ومعلوم أن عمه بشير أيضا اغتيل في عام 1982 أثناء الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) وهوالأخ الأصغر لأمين الجميل.

استقالة الوزراء الشيعة

وفي نهاية العام 2006 قدم الوزراء الشيعة الخمسة الذين ينتمون الى حزب الله وحركة امل مجددًا استقالتهم اثر فشل مباحثات الوفاق الوطني. وكان العام 2006 قد شهد جلسات حوار عدة في بدايته بين مختلف الافرقاء تم الاتفاق فيها على اربع نقاط خلافية ولم يتم التوافق على موضوع رئاسة الجمهورية وسلاح حزب الله، ثم اعيد احياء هذه التشاورات لكن ما لبثت ان انتهت باستقالة الوزراء الشيعة وبنزول المعارضة الى الشارع للمطالبة باستقالة الحكومة، فكانت المساعي العربية المصرية والسودانية ثم الحديث عن مسعى لرئيس مجلس النواب نبيه بري لا تزال اصداؤه غير واضحة حتى الساعة...

في جميع الاحوال فان العام 2006 اقفل على كتلة ضخمة من الازمات المستعصية، التي لم تنته فصولًا، وهذه الكتلة التي شكلت جبلًا من الجليد، انزلقت الى العام 2007 الذي قد يستفيق على مشهد سياسي من الازمات المتجددة التي تراكمت على مدى اكثر من 18 شهرًا ما سيجعل العام 2007 يجرجر خطاه تحت وطأة الحلول المتعثرة التي قد تدفع لبنان اكثر من اي وقت مضى الى النفق المجهول.