خبراء يتحدثون لـ (إيلاف) عن أضرار الحرب
عودة الثقة بلبنان لن تكون بعيدة إذا توقف الحصار

ريما زهار من بيروت: يستمر الحصار على لبنان من قبل اسرائيل التي تتخذ ذرائع عدة منها ضرورة انتشار قوات اليونيفيل لوقف هذا الحصار، ومع استمراره يعيش لبنان يومًا بعد يوم صعوبات اقتصادية كبيرة تظهر بين الحين والآخر مع احتمال عودة أزمة البنزين وعدم توفر الاستثمارات المطلوبة وضرب السياحة التي كانت من اكثر القطاعات تضررًا من جراء الحرب.
وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـ quot;إيلافquot; ان تأثير الحصار سلبي جدًا لاسباب متعددة ومنها الاستثمارات التي ستقف لان لا احد يستثمر في دولة محاصرة اقتصاديًا، وبالتالي توقف الاستثمارات الجديدة يؤدي الى الركود الاقتصادي، وارتفاع البطالة، اما الاستثمارات الموجودة فتبقى على حجمها ولا تتوسع وتعيق النمو الاقتصادي، واستهلاك المواطنين يبقى محدودًا جدًا، في السلع الاساسية فقط، والسلعة الاستهلاكية انخفض مستواها، بالاضافة الى موضوع موازنة الدولة من خلال تخفيف الايرادات والانفاق يزيد، وسيزيد عجز الموازنة والدين العام.
وعن الصناعة اللبنانية وتضررها من جراء القصف الاسرائيلي يقول حبيقة:quot;اذا استمر الحصار فالمستقبل قاتم جدًا، وهنالك العديد من الصناعات والمؤسسات لن تستطيع الاستمرار بسبب تزايد الديون والنشاط سيتوقف وسيصرف العديد من العمال، ومنها من سيتوقف او سيحجم اعماله، وستنتقل الى الخارج.
عن هلع الناس بسبب فقدان مادة البنزين يقول حبيقة مع وجود الحصار سنواجه دائمًا مشكلة البنزين، لانه يأتي من البحر او البر، وامكانية وجود ازمة بنزين عائدة للحصار.
اما اي قطاعات اساسية تضررت من جراء الحرب فيؤكد حبيقة ان الاكثر تضررًا هي السياحة لانها كانت تعول على الموسم الصيفي بشكل اساسي، ثم الصناعة فالزراعة ولكن كلها خسرت كثيرًا.
اما كم يحتاج لبنان لعودة الثقة اليه في الاستثمار والسياحة فيقول حبيقة:quot;اذا توقف الحصار ومع وجود هدنة سياسية وعسكرية تدريجيًا نحتاج الى سنتين لعودة الثقة الى لبنان، اذا افترضنا ان الحكومة تتصرف كما يجب والمؤسسات كذلك، لان الثقة ممكن ان نخسرها بساعة ولكن اعادة بنائها يتطلب اشهرًا وسنوات.
اما اذا بقي مطار بيروت مقفلًا فان لبنان سيخسر كثيرًا لانه يعتمد اقتصادًا مفتوحًا، لان قطاع التجارة الدولية في لبنان اساسي، فهناك 9 مليارات دولار من التجارة الخارجية، اي نصف الناتج المحلي الاجمالي وبالتالي هي خسارة كبيرة للبنان.
كذلك نقل الركاب الذين يريدون الاستثمار وكله يؤثر على الموضوع النفسي والثقة.
عن إمكانية عودة لبنان الى ما كان عليه من ازدهار اقتصادي في السبعينات، يجيب حبيقة:quot;لا أرى امكانية ذلك الآن لان الظروف والمنطقة تغيرت، فالخليج العربي اليوم تقدم، وبالماضي كانت بيروت المدينة الرئيسة الوحيدة بالمنطقة بجامعاتها ومستشفياتها، اما اليوم فهناك دبي وقطر وغيرها من الدول التي سبقتنا اشواطًا في هذه الامور، ولكن بالامكان تحسين الاوضاع والدخول في المنافسة مع بقية المنطقة، وبالامكان ان نعود الى ما قبل 12 تموز(يوليو)، ويتطلب الامر اتفاقًا وتحقيق هدنة صحيحة ودائمة.
مرقص
بدوره تحدث الدكتور بول مرقص (استاذ قانون الاعمال) مشيرًا الى ان الحصار المفروض يناقض تمامًا القرار 1701 لان الفقرة التنفيذية رقم 6 يدعو فيها القرار الدولي صراحة اسرائيل الى كف الحصار عن طريق تخويل الحكومة اللبنانية اعادة فتح المطار والمرافىء ويعيد التأكيد على ذلك في الفقرة التنفيذية 14 و15 من ناحية اعادة العمل للمطارات اذًا يجب تسجيل انها مخالفة لقرار مجلس الامن لانها وردت من ناحية تنفيذية وليس من ناحية تمهيدية، وللاسف في الاعلام هناك لغط حول هذا الموضوع، اما من ناحية تأثير الحصار فانه يؤدي الى انكماش في الاقتصاد اللبناني وانتعاش الاقتصاديات العربية المجاورة وايضًا افادة اسرائيل من هذا الحصار لانها كانت دومًا في حالة غيرة وحسد من الاقتصاد اللبناني ومن مرفأ بيروت وسائر الموانىء مما يؤدي الى تحول حركة التبادل التجاري الى مرافىء اخرى في المنطقة، وسيكون تأثير الحصار اشد ايلامًا اذا طال لانه في المدى المنظور القريب فان تأثيره لو كان كبيرًا فانه مقبول من اللبنانيين، اي انه يمكنهم تحمله الى حدود ما لانهم عرفوا الحصار والحروب سابقًا واثبتوا جدارة في التحمل، اما اذا طال هذا الحصار يجب التركيز على الشق التنفيذي من القرار 1701 والدعوة الى تحييد العلاقات الاقتصادية مع سورية عن السجالات السياسية.
وعن المؤسسات الصناعية التي تضررت من القصف الاسرائيلي ومستقبل الصناعة في لبنان، يجيب مرقص:quot;المستقبل الصناعي على المدى المنظور سوف يتأثر كثيرًا بما حصل ايام الحرب من ناحية الاعتداءات المباشرة وغير المباشرة، وسوف يتأثر على المدى المتوسط على الاقل، ومن هنا على مجلس النواب ان يلتئم سريعًا ومن دون ابطاء للنظر في التدابير الاستثنائية الواجب اتخاذها، واولًا اعادة النظر في الضرائب والرسوم على الصناعات في هذه المرحلة، وثانيًا اعادة النظر في آجال الديون على الصناعة واستحقاقات الديون واعادة جدولتها على الصناعيين، بما يحفظ مصلحة الصناعيين المقترضين وبما يحفظ مصلحة الدائنين والمُقرضين.
ويجب ايضًا اعادة النظر في الغرامات المترتبة على الصناعة نتيجة التأخير في تسديد الضرائب والرسوم وذلك بشكل جذري واعطاء مهل وحوافز ضريبية واستثمارية سواء للصناعيين اللبنانيين او الرعايا العرب والاجانب للاستثمار في القطاع الصناعي بحيث يكون استثمارهم منتجًا ومفيدًا للاقتصاد اللبناني وغير مقتصر على العقارات فحسب.
اما اي قطاعات اقتصادية تضررت الاكثر جراء الحرب يقول مرقص:quot;طبعًا جميع القطاعات تضررت انما هنالك تدرجًا في الضرر فبعض القطاعات تضررت مباشرة ومنها مثلًا السياحة التي لحقت بها ضربات جذرية قاسية جدًا، وانما هناك قطاعات اخرى قد يبدو انها لم تتضرر ولكن العكس حصل، وهنا الفت الى ان التعويضات المرتقبة على سائر القطاعات اولًا يجب ان تأخذ بعين الاعتبار جميع القطاعات بمعنى انه يجب الحفاظ على قاعدة المساواة في التعويض امام القانون، فلا يمكن التعويض مثلًا على قطاع معين دون قطاع آخر بحجة ان القطاع الاول تضرر مباشرة.
والنقطة الثانية ان مفهوم التعويض مقتصر على الاضرار المباشرة التي لحقت بالمباني والمنازل.
اما كم يحتاج لبنان لعودة الثقة اليه بالاستثمار والسياحة فيقول مرقص ان عودة الثقة لا تتطلب وقتًا كثيرًا في لبنان لان البلد اثبت طوال السنوات الماضية ان الثقة فيه تهتز كثيرًا بسبب اعتداءات خارجية وبعض الاحداث التي تتخذ من لبنان ساحة لها، ولكن في الوقت نفسه عودة الثقة لا تتطلب وقتًا ايضًا لان لبنان كان دائمًا يعيش وسط الازمات واثبت مناعة لهذه الازمات وقابلية للخروج منها بسرعة.