مديرة مشروع العراق في الصندوق الإنمائي لهيئة الإذاعة البريطانية
نعد مع العراقيين مشروع شرف إعلامي وتدريب مهني
أسامة مهدي من لندن :
قالت مديرة مشروع العراق في الصندوق الإنمائي لهيئة الإذاعة البريطانية، إن العمل يجري حاليًا بالتعاون مع مدراء تلفزيونات وإذاعات العراق لإعداد ميثاق شرف مهني للإعلام العراقي من أجل ضمان حياديته وحريته واستقلاليته والإتفاق على تدريب وتطوير مهارات الإعلاميين العراقيين.
وأبلغت سلوى القزويني quot;إيلافquot; أن الصندوق الإنمائي يتولى، بتمويل من منظمة اليونسكو ومكتب الاستثمارات الخارجي في وزارة الخارجية البريطانية، دعم الإعلام ويرامج تدريب وتطوير الكوادر الاعلامية في الدول النامية أو التي تمر بمراحل انتقالية شبيهة بالتي يمر بها العراق حاليًا. وأشارت إلى أن مؤسسات الصندوق الإنمائي التابع لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تعتبر اداة تفعيلية لتنظيم وتدريب وتنفيذ إقامة ورشات العمل الصحافية ودورات التدريب الإعلامية، موضحة أن هذا الصندوق يعمل منذ 50 عامًا.
راديو وتلفزيون المربد في البصرة
وأضافت العراقية القزويني أن مشروع العراق قد باشر مهماته بعد سقوط النظام السابق عام 2003 مبتدءًا بإنشاء راديو وتلفزيون المربد في مدينة البصرة الجنوبية الذي يغطي ثلاث محافظات جنوبية عراقية ويتمتع بشعبية واسعة هناك. وأشارت إلى أن المشروع تولى تدريب كوادر الراديو والتلفزيون هذا حيث يدار حاليًا بكادر عراقي من دون تدخل سياسي او تحريري من الهيئة ما عدا الاشراف الاداري والتمويلي.
وعن مهمات المشروع في العراق حاليًا، قالت مديرته انه يقوم وبدعم من جهات اعلامية وقانونية بتطوير الاعلام العراقي من خلال البدء مؤخرًا بأعداد وصياغة ميثاق شرف للاعلام العراقي الذي هو بأمس الحاجة الى تنظيم داخلي مؤسساتي على اسس مهنية وفق المعايير الصحفية الدولية التي تشدد على الحياد والموضوعية والنزاهة والتوازن مع الاخذ بالإعتبار خصوصيّات العراقوظروفه الحالية، وضرورة الفصل بين السياسة والاعلام خاصة وان معظم المؤسسات الاعلامية العراقية الحالية تابعة لأحزاب سياسية وقوى دينية وطائفية وعرقية كما أوضحت.
ولذلك تقول سلوى القزويني ان مشروع العراق استطاع ان يجمع الاسبوع الماضي في عمان مدراء الاذاعات والتفزيونات العراقية كمرحلة اولى شارك فيها 17 مديرًا يمثلون مؤسسات مرئية ومسموعة. وقالت إن المجتمعين خرجوا من ورشة العمل هذه بجملة من المفاهيم التي شكلت اساسًا لميثاق شرف اعلامي يؤكد على الموضوعية والحياد والتوازن ويحدد مسؤوليات الاعلامي وكيفية تعامله مع السياسيين ومع الوضع السياسي.
واشارت الى ان ورشة العمل هذه قد خصصت جانبًا من نشاطها لموضوع السلامة المهنية حيث يتعرض الصحافيون العراقيون لحملة اغتيالات واختطافات واعتداءات واسعة... وقد تحدث في هذا الموضوع ممثلون عن الاتحاد الدولي للصحافيين ومجموعة السلامة العراقية عن اجراءات ضمان حماية الصحافيين وتأمين سلامتهم والحفاظ على حياتهم. وقالت إن الورشة شكلت ايضًا خلية تبادل للمعلومات الصحافية والامنية والتنسيق مع وزارة الداخلية لإتخاذ اجراءات لحماية الاعلاميين من الارهاب.
أهمية ميثاق الشرف الاعلامي واهدافه
وفي ما يخص اهمية ميثاق الشرف، اعتبرت مديرة مشروع العراق انه يشكل اساسًا وخطوة اولى نحو مفهوم موحد للاعلام في العراق... وقالت إن الدعوة موجهة لجميع وسائل الاعلام العراقية خارج العراق وداخله للتعامل معه بشكل يحقق المصالحة ويرأب الصدع. واوضحت ان لجنة تضم خمسة اعضاء بإشراف الاعلامي العراقي عماد الخفاجي، قد تشكلت للاشراف على انجاز الميثاق وتوزيعه والقيام بحملة واسعة للتعريف بأهدافه واهميته والالتزام به.
وعن أهمية هذا الميثاق وسط مواثيق عدة مشابهة لا يلتزم بها أحد إشارت القزويني الى ان مايميز ميثاق الشرف هذا هو التصميم على تفعيله ومتابعة تنفيذه والتواصل بين الجماعات الاعلامية نفسها لإعطاء الحافز والامل للصحافيين من اجل تضامنهم وتآزرهم والتزام مؤسساتهم بتنفيذ مفاهيمه الاخلاقية.
وردًا على سؤال حول اهم مضامين الميثاق، اشارت الى انه ينص على وضع أسس أولية لتطوير دور الاعلام كسلطة رابعة وتنظيم آليات وقواعد العمل وفق مبادئ ومواثيق الاعلام الدولي والدعوة الى سن قوانين حديثة تدعم هذه الاليات والقواعد. واوضحت ان من ابرز القواعد التي تم الاتفاق عليها في اجتماع عمان هي النص على ان الإعلام العراقي تعددي لكنه بحاجة إلى ضوابط وجهود تطويرية على الصعيد المهني. كما يشير الى ان المهنية تقتضي الوقوف بمسافة واحدة من الحدث والعمل وفق مبادئ النزاهة والدقة والموضوعية والعدل والتوازن. وينص ايضًا على انه يجب ألا يكون السبق الصحافي على حساب الدقة وان يكون العمل على الحدث او الخبر بذهنية مفتوحة وليس بصورة مسبقة. كما يؤكد على ضرورة تعزيز ثقافة الاعتذار في حال وقوع أخطاء ويمكن أن يكون الاعتذار بتصحيح الخبر بخبر يشير إلى الخطأ ويصححه.
حق الجمهور في المعرفة
ويدعو الميثاق الصحافي الى الاستناد إلى التعريف القانوني للامن القومي كي لا يقع المؤسسة الصحفية تحت طائلة المساءلة القانونية مع الأخذ بالاعتبار حق الجمهور في المعرفة الذي يجب أن يشكل قمة اولويات عمل الإعلامي. ويشدد على التمسك بالمهنية الصحافية وبما يخدم المصالحة الوطنية وان يكون الصحافي داعمًا لمبدأ المصالحة من خلال عدم وضع نفسه في خانة دعم السياسيين والبرامج السياسية على حساب المعايير المهنية. وينص على ان يلتزم الإعلاميون أخلاقيًا بالابتعاد عن الحث على العنف والتفرقة، وكذلك احترام خصوصية القتلى بعدم نشر الصور احترامًا للكرامة الانسانية والابتعاد عن التوظيف الخاطئ للصورة وعدم استخدامها في غير محلها او وقتها.
ويؤكد الميثاق على ضرورة احترام الأفراد وخصوصياتهم في الإعلام واحترام اختلاف الرأي وإعطاء المجال لكل الأفكار للتدوال دون تحيز والابتعاد عن الأساءة الشخصية... ويشدد على اهمية اعتماد القانون كمرجع أساسي وتفعيل دور القضاء في البت بقضايا القذف والتشهير.. اضافة الى احترام التعدد الإثني والعرقي دون تمييز وتفرقة على أساس الجنس او العرق أو الطائفة أو اللون أو الدين.
ويشير الميثاق الى اهمية اعتماد الشفافية والوضوح في كشف مصادر تمويل المؤسسة الاعلامية وضرورة وضع نظام داخلي للمؤسسة الاعلامية يحمي حقوق العاملين ويجنب المؤسسة التجاوزات الادارية ضمن نطاق المهنية والحرفية... مع الاخذ بالاعتبار اهمية تأمين حماية العاملين في المؤسسة والدفاع عنهم والعمل على تطوير الاداء المهني لهم. كما يشير ايضًا الى ان نزاهة مؤسسات الاعلام هي من مسؤولية الدولة تجاه موظفيها ماليًا وإداريًا بحيث تكون سياسة العمل متصفة بالشفافية والانصاف والوضوح مع ضرورة حماية الصحافي من خلال قانون داخلي يوفر له الأمان من أجل أداء مهماته على افضل وجه.
التمويل الحكومي لمشروع العراق مرفوض
وفيما اذا كان مشروع العراق سيفاتح الحكومة العراقية لدعم او تمويل مشاريعه الاعلامية في العراق شددت مديرته على ان هذا الامر لا يمكن حصوله، لأنه يعتبر تدخلاً سياسيًا لا يمكن القبول به في اي حال من الاحوال... مشيرة الى وجود ضوابط تمنع ذلك. لكنها اوضحت ان المؤسسات الاعلامية العراقية يمكن ان تساهم او تساعد في انجاز اهداف المشروع مهنيا مع الحفاظ على مصداقية وحيادية المشاريع الاعلامية المنفذة.
وعن مدى تأثير معايير هيئة الاذاعة البريطانية للاعلام ومفاهيمها، على عمليات اعداد وتدريب الصحافيين العراقيين والالتزام بمعايير ميثاق الشرف الاعلامي، اكدت على عدم وجود اي تأثير فكري او سياسي للهيئة في هذه المجالات خاصة في مجال تدريب الصحافيين وتطوير مؤسساتهم من اجل اعلام حر مستقل.
وحول طموحات مشروع العراق الذي تديره قالت سلوى القزويني ان التطلعات لخدمة الاعلام العراقي لا تنتهي حيث الامل كبير بأن يستعيد الاعلام العراقي مكانته المميزة من جديد مشيرة الى ان هذا ممكن التحقيق من خلال الايمان والثقة بالنفس وبالاخرين بالترافق مع عمليات التطوير والتدريب والالتزام بشرف المهنة واخلاقياتها.