إيمان القحطاني من الدمام: الحالة التونسية- إن جاز لنا التعبير- من الحالات التي تعاني من quot;الشيزوفرينيا السياسيةquot; أو كما يصفها د.هيثم مناع الناطق الرسمي باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان،quot; الوضع التونسي لا مثيل له، خطاب يدافع عن حقوق الإنسان والبيئة، وينسفها في الصميمquot;، فهي في قائمة أسوأ الدول في ما يخص حجب مواقع الانترنت عن التونسيين رغم أنها كانت الراعية لقمة مجتمع المعلوماتية العالمي تحت إشراف الأمم المتحدة عام 2005 ، وذلك بعد وعود تونسية للمجتمع الدولي بفتح الحريات المعلوماتية إلا انه وأثناء القمة وما بعدها أيضا تم التعرض لصحافيين تونسيين(نساء ورجالا) بالضرب والاعتداء والسحل من قبل أفراد الأمن المدني. و يظل ملف السجناء السياسيين والتعذيب الأسوأ والأكثر تعقيدا في الداخل التونسي حيث قالت رئيسة جمعية مكافحة التعذيب في تونس المحامية راضية النصراوي لرويترز الشهر الحالي :quot; إن التعذيب quot;يحدث في مقرات وزارة الداخلية وفي مراكز الشرطة في تونس وفي السجون. وهو حاضر في كافة المراحل من التوقيف حتى السجنquot;، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تفاقمت منذ بدء العمل بقانون مكافحة الإرهاب في ديسمبر 2003.

وأشارت النصراوي إلى وجود quot;ما بين 1200 و1500 سجينquot; بموجب هذا القانون، مضيفة أن المعتقلين هم في الغالب من الشبان المولودين في ثمانينات القرن الماضي ويتم إخضاعهم إلى quot;ممارسات وحشيةquot; مثل التعذيب بالإغراق في أحواض الحمام او حرق أماكن حساسة من الجسد.

التقيت بسامي نصر عام 2004 أثناء حضورنا دورة تدريبية تدعم مهنتنا الصحافية ،أخجلني في ذلك الوقت عدم متابعتي الدقيقة للشأن التونسي ووجدت نفسي مضللة بقصة جميلة عن تونس الخضراء التي تنعم بجنة الحقوق والجمال الخلاب ! لم أكن أعلم أن لكل جنة جحيم متواز،حتى أن سامي طلب مني زيارة تونس فرددت دون وعيquot;ماذا ؟!بعد أن كرهتني فيها يا سامي!quot; . في حواري مع هذا المناضل الوطني الذي جرى عبر الايميل ولم يكتب له أن يكتمل لأسباب يمنعنا الرقيب من سردها! تطرقنا لمسيرة تونس في ظل حكم الرئيس بن علي الذي أكمل عقدين هذا الشهر وما لهذه الأعوام من حسنات وسلبيات، وتحدثنا أيضا عن وضع الأحزاب ،الصحافة ،المعتقلين السياسيين و حقوق الإنسان في تونس.

**سجنت سابقا لمدة عامين؟ ما هي التهمة التي وجهت إليك؟ وهل مازلت تعاني من الملاحقة الإدارية؟

صحيح، سجنت سنة 1996 وحكم علّي بسنة وأربعة أشهر، وبسنتين مراقبة إداريّة. أمّا بالنسبة للتهمة التي وجهت لي فإنّها تعود إلى سنة 1988 عندما كنت تلميذا بالمعهد الثانوي وهي الانتماء إلى جمعية غير معترف بها، وبقيت في حالة فرار إلى سنة 1996 واعتقلت بعد شهر واحد من حصولي على الأستاذيّة في علم الاجتماع. كان من المفترض أن تنتهي عقوبة المراقبة الإداريّة في شهر شباط 2000 ولكن فوجئت بإخباري سنة 2004 بأنّه عليّ أن أقضي سنتين مراقبة إداريّة. بالطبع رفضت.

اليوم لم أعد أعاني من الملاحقة الإداريّة وإنّما أعاني من نشاطي بالمجلس الوطني للحريات بتونس. والمجلس هو منظمة حقوقيّة تأسست منذ سنة 1998 ولم يتحصّل إلى اليوم على التأشيرة القانونيّة، ورفعنا منذ سنة 2001 قضيّة بالمحكمة الإداريّة بتونس ولكنّ القضيّة جمّدت ولم ينظر فيها إلى اليوم، لذلك ما أعاني اليوم هو جزء مما تعانيه منظمتنا مثل غلق المقر لفترات معينة، منعنا من الاجتماعات الداخليّة وغير ذلك.

**ما هي الأحزاب المعارضة التي لم يرخص لها حتى الآن في تونس؟

هنا أريد أن أقلب السؤال ليصبح على النحو التالي: ما هي الأحزاب التي يرخّص لها؟ فلو رجعنا إلى قانون الأحزاب لوجدنا أن النصوص القانونيّة الواردة فيه تنزع من الحزب المعارض -لكي يتحصّل على التأشيرة- صفة المعارضة أصلا. كما أن القضية اليوم لم تعد قضيّة تأشيرة، ولم تعد تصنّف الأحزاب السياسيّة إلى معترف وغير معترف بها، تحمل التأشيرة القانونيّة أو لا تتمتّع بذلك... اليوم أصبحنا نصنّف الأحزاب إلى موالية للسلطة أو غير موالية لها، أحزاب حقّقت رضا السلطة عنها مقابل أحزاب جلبت لنفسها الغضب والسخط من السلطة. ففي الوقت الذي يتمتّع فيه الشق الأوّل بحق الظهور في وسائل الإعلام ويمارس نشاطه الحزبي بكل حريّة وتحظى صحفه بالدعم القانوني وغير القانوني، نجد أحزاب أخرى تحاصر مقرّاتها ويمنع زوّارها من الدخول إليها، ويحرم حتى من حق ممارسة نشاطاته في الفضاءات العامة...

**اعتبر الكاتب خليل الرقيق أن خطاب الرّئيس في الذكرى العشرين quot; وثيقة عمل ذات برنامج متعدّد الأوجه مختلف المحاور وثيقة أكّدت على ذلك الفرق الشاسع بين السياسي الذي يستهدف المعالجة الدّقيقة لقضايا الشعب والسياسوي الذي لا يرى فيها غير منافعه البراغماتيّةquot;.كيف تعلق على هذا الحديث؟

بالنسبة لي شيء جميل جدّا أن نجد شخصا يهتم بالشأن التونسي ويتابع أخبارنا، ولكن ما قاله فيه الكثير من الخطأ أو المغالطة. ولا أكذب إن قلت إنّ الشعب التونسي انتظر من خطاب 7 نوفمبر شيء جديد، فاستمعت الخطاب وقرأته أكثر من مرّة ولكن لم أعثر على أي شيء مما قاله السيد خليل الرقيق. فعندما يقول بأن الخطاب تضمّن معالجة لقضايا الشعب التونسي، فإنّه يصدمنا بهذا القول. فمن بين قضايا الشعب التونسي نجد قضية البطالة والتي أفرزت ظاهرة الهجرة السريّة، قضية ارتفاع الأسعار والتي أفرزت العديد من الظواهر الإجراميّة الانحرافية ، قضيّة تهميش الشباب وإبعاده عن المشاركة السياسيّة والتي أفرزت ظاهرة انعدام الثقة في كل ما هو سياسي سواء أكان ذلك من السلطة أو الأحزاب المعارضة، قضيّة حرية الرأي والتعبير... فأين هذا في كلام السيد خليل الرقيق.

**يوجه بعض الكتاب التونسيين،اتهامات لـ الناشطين والمعارضين بأن لديهم علاقات مشبوهة بسفارات أجنبية ومنظمات خارجية؟

صحيح، هناك من يتّهم نشطاء حقوق الإنسان والمعارضة بربط علاقات مشبوهة بسفارات أجنبيّة ومنظمات خارجيّة. وهذا الكلام يحتاج إلى أكثر من ردّ:
أوّلا، السلطة والصحف المواليّة لها هي التي توجّه هذه الاتهامات، لذلك أريد أن أشير إلى نقطة هامة وهي أنّ من يتهم النشطاء والمعارضة بالعمالة والاستقواء بالأجنبي، تتعامل مع هذا الأجنبي بشيء من الازدواجيّة. فكلّما مدح هذا الأجنبي سياسة الدولة وأشاد بـ quot;انجازاتهاquot; إلاّ واعتبرت شهادته نموذجا للنزاهة والموضوعيّة. وكلّما انتقدها إلا وكانت نموذجا للعمالة. فالسلطة تستقوى بالأجنبي وهذه الصحف أيضا تأخذ تمويلاتها من حكومات ومن منظمات غير حكوميّة أجنبيّة.

ثانيا، لم يعد اليوم هناك مجتمعا معزولا عن العالم الخارجي. ومقولة المجتمع يتضمّن السلطة والمعارضة، المدافعون عن النظام والمناهضون في نفس الوقت، لذلك وجود علاقة بين نشطاء حقوق الإنسان ومنظمات دوليّة تعنى بنفس القضيّة مسألة طبيعيّة. كما يمكنني أن أنطلق من نفس الخطاب الذي تكرّره السلطة في تونس، وأعني بذلك quot;كونيّة وعالميّة حقوق الإنسانquot;. فمن الدلالات التي تتضمنها هذه المقولة هي أنّ السلطة والحكومة لم تعد كما كان في السابق تمتلك البلاد والعباد كما الشأن في نظام الحكم الباتريمونيالي كما حدّده الباحث المغربي عبد الله الساعف، والتي لا يحق فيها لأي جهة مهما كانت التدخل في شؤون ملكيتها (البلاد والعباد). لأجل ذلك ارتبطت العديد من العلاقات بين المعارضة التونسيّة ونشطاء حقوق الإنسان وبين هذه المنظمات مثل الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان والمنظمة الدوليّة لمناهضة التعذيب ومنظمة العفو الدوليّة وغيرها.

ثالثا، كل العلاقات التي يربطها نشطاء حقوق الإنسان بالمنظمات الأجنبية تتسم بالعلانيّة، وتصدر علانيّة في إصدارتها (بيانات، تقارير...). وإذا كانت فعلا علاقات مشبوهة فإنّ لأجهزة الدولة إمكانياتها الجبّارة لفضح وكشف هذه الجهة، ولكنّ السلطة والصحف المواليّة لها تكتف دائما برمي التهم، وتشويه صورة المدافعين دون تقديم إي إضافة معلنة عن هذه الجهات المشبوهة.

رابعا، اليوم أصبحنا نعيش عصر التحالفات الرسميّة والتحالفات الموازيّة لها. فكل دولة تكوّن أن تنخرط في نسق تحالفي مع بعض الجهات لإعطاء صبغة الشرعيّة على ممارساتها... وتصدر العديد من التقارير التي يتم الاستشهاد بها على صلاحيّة الحكم ونجاعة نظامه. وفي المقابل المجتمع المدني يكوّن بدوره جملة من التحالفات الموازيّة للرد على ما يمكن تسميته بالتحالفات الرسميّة.

خامسا، العديد من التشريعات القانونيّة التي تصدرها الدولة وquot;الانجازاتquot; التي تعلنها وسائل إعلامها، وقع خلقها وبعثها من أجل تسويقها للخارج، لذلك كان من الطبيعي جدّا أن يتوجّه المجتمع المدني التونسي إلى نفس المتقبّل أي الخارج للرد عليها.

** يتحدث بعض المثقفين عن مزاعم القمع السياسي للحركات السياسية داخل تونس، على أنها معارضة أصولية متطرفة تسعى لتفخيخ تونس وتقويض العقيدة العلمانية التي وضع أسسها بو رقيبة؟

أكيد سؤال يتعلّق بصنف محدّد من الأحزاب السياسيّة، وأعني بذلك الأحزاب الإسلاميّة. فبالنسبة للأحزاب الإسلاميّة قانون الأحزاب يحرمها من حقّها في تكوين حزب. وأظن تونس البلد العربي الوحيد الذي لا توجد فيه أحزاب سياسيّة إسلاميّة معترف بها. وأريد هنا أن أقدّم بعض التعليقات:

أوّلا، المفهوم السائد والمعروف للحزب السياسي هو أنّه مجموعة أفراد يحملون وجهة نظر محدّدة ويريدون تطبيقها في المجتمع، أي الركيزة الأساسيّة لأي حزب هو الأفكار التي يتوحّد على أساسها الأفراد المكوّنون والمنتسبون لهذا الحزب. ولو أتحدّث بصفتي ناشط حقوقي قبل كل شيء، فإنّني أطالب بتكافؤ الفرص بين كل أفراد المجتمع، ولكل مجموعة مهما كانت أفكارها الحق في العمل السياسي، فكما يحق للعلماني والماركسي أن يكون له حزب سياسي فلماذا يحرم من هذا الحق الإسلامي.

وثانيا، كلام بورقيبة ومشروعه ليس قرآن غير قابل للتحريف أو المخالفة، كما أنّه ليس منزها، فكما يحق لمناصريه تكوين حزبا لماذا لا يتمتّع بهذا الحق من كان مخالفا له.

وثالثا، لو قمنا بقراءة موضوعيّة لبروز ظاهرة السلفيّة الجهاديّة في العالم الإسلامي وخاصة قوّة استقطابها للفئات الشبابيّة، لو وجدنا أنّ من بين تلك الأسباب هو غياب الحركات الإسلامية، أو تهميشها وتضييق الخناق عليها.

**ما هي ابرز مطالب المعارضة التونسية؟

المعارضة التونسيّة لم تطلب المستحيل، بل طلبت بالحد الأدنى. وهذا الحد الأدنى ألخصه في:
حق التنظّم، بمعنى إعطاء لكل مواطن حقّه في الانضمام لأي حزب يقتنع به، وإعطاء كل حزب حقّه في العمل السياسي السلمي.
حق التعبير، بمعنى إعطاء كل الأحزاب فرصة اقتحام كل وسائل الإعلام الحكوميّة، لأنّ الإعلام الحكومي لا يجب أن يكون حكرا على الحزب الحاكم أو السلطة أو الأحزاب الموالية للسلطة. إضافة إلى تمتيع صحفها بكل وسائل الدعم...

**قرار إلغاء الرقابة الإدارية على الكتب والمنشورات و الأعمال الفنية عند الإيداع القانوني وجعل الرقابة وإصدار قرارات المنع من النشر من أنظار القضاء؟ كيف تنظر إليه؟ وألا يعد خطوة إصلاحية ؟

صحيح يمكن أن يعد هذا القرار خطوة إصلاحيّة يجب تثمينها، ولكن الإشكال يكمن في الإجابة عن السؤال التالي: يوجد استقلال للقضاء التونسي أم لا؟ ثم بالأمس فقط اتصلت بأحد الناشرين الذين يعانون من سنوات من تعطيل بعض منشوراتهم وهو السيد فريد خدّمة والذي طرحت عليه نفس السؤال، فأجابني بأنّ القضيّة تكمن في كل مراحل النشر فعند إيداع الكتاب للنشر لا يسلّم الناشر وصل الإيداع وبالتالي ليس له ما يثبت أنّه سلّم كتابه للنشر، ويصعب عليه اللجوء للقضاء، لأنّ القضاء يحتاج قبل كل شيء لهذا الوصل. وأنا بدوري سلّمت كتابي quot;محاولة في سوسيولوجيا الحياة السجنيّةquot; إلى دار سيراس للنشر منذ أواخر 2003 ولم أتسلّم أي وصل، وطبعا لم ينشر كتابي إلى حدود هذه الساعة.

** ألغت الحكومة التونسية عام 2006 إجراء الإيداع القانوني على الصحف و المجلات ، لكن هذا الإلغاء لا ينسحب إلا على النشرات المحلية أما الواردة من الخارج فهي مازلت مطالبة به مع كل عدد قبل الإذن بدخولها التراب التونسي .هل طبق هذا النظام بعد إقراره ؟ وهل استطعتم نشر وتوزيع مجلتكمquot;كلمة تونسquot; ؟

يمكن أن نأخذ صحيفة quot;كلمة تونسquot; نموذجا يمكن أن يجيب عن سؤالك. حاولت السيدة سهام بن سدرين تقديم مطلبا للحصول على الترخيص، واتبعت نفس الطريقة الواردة بالقانون التونسي ومتقيّدة بالفصل 13 من قانون الصحافة، فتوجهت في ثلاث مراحل لوزارة الداخليةّ، ولكنّها لم تحصل على أي وثيقة تثبت تقديمها للمطلب فمرة ثانية توجهت لوزارة الداخليّة ومعها السيد مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان ومحام وأيضا السيد مختار الجلالي محامي وعضو بمجلس النواب وعاينوا عمليّة رفض تسليم الوصل. كما قامت بنفس العمليّة أثناء التحضيرات للقمة العالمية لمجتمع المعلومات ومعها مجموعة ممثلي إيفاكس IFEX وعاينوا نفس الشيء. وظلّت إلى يومنا هذا صحيفتنا (كلمة تونس) محرومة من حقّها في النشر والتوزيع، إضافة لحجب موقعها الإلكتروني.

**ماهي تطورات قضية مجموعة جرجيس أو أريانة أو بنزرت أو تطاوين المعتقلين بسبب مواقعهم على الانترنت واتهامهم بدعم جماعات فلسطينية وعراقية متطرفة؟ وهل لديكم معرفة بعدد المعتقلين السياسيين في تونس؟ وهل تتابعون قضاياهم؟

أكيد أنا مهتم جدّا بالمعتقلين quot;السياسيينquot; في تونس، وذلك:
أوّلا، بحكم اختصاصي الأكاديمي وهو علم اجتماع السجون، بحيث أتابع باستمرار كل ما يتعلّق بالعالم السجني وبالمساجين سياسيين كانوا أو حق عام.
ثانيا، بحكم عملي بالمجلس الوطني للحريات بتونس كباحث متفرّغ لهذا الغرض، بحيث أستقبل كل يوم العديد من عائلات المساجين السياسيين أو بالمساجين المفرج عنهم...
أمّا بالنسبة للمجموعات الثلاث التي ذكرتها (مجموعة جرجيس أو أريانة أو بنزرت أو تطاوين) فإنه قد تم الإفراج عن مجموعة جرجيس ومجموعة أريانة، الأولى في نطاق سراح شرطي والثانية بعد انتهاء مدة العقوبة. أما مجموعة تطاوين فلازالت بيد القضاء التونسي. هذا وأذكر بأنه اليوم أصبح عدد المجموعات يفوق او يساوي عدد مناطق البلاد التونسيّة، إذ نجد مجموعة بنزرت ومجموعة منزل بورقيبة (الشمال) ومجموعة سوسة والمهدية (الساحل) ومجموعة نابل ومجموعة منزل تميم (الوطن القبلي)... كل هذه المجموعات محالة ضمن قانون مكافحة الإرهاب.

كيف تنظرون إلى الانتخابات القادمة في 2009؟وكيف ستتحركون إن قام بن علي باستفتاء آخر لترشيح نفسه؟

أظن أن القضية الأساسيّة في تونس ليست قضية انتخابات، وسنة 2009 لن تشكّل منعرجا في تاريخ تونس، بل مجرد امتداد لما سبق. فانطلاقا من الوضع السياسي العام في البلاد، لا توجد إلى حد الآن أي مؤشرات من شأنها أن توحي بكون انتخابات 2009 سوف تكون مغايرة لانتخابات 2004. فالأحزاب التي خاضت انتخابات 2004 لم يطرأ عليها أي تغيير يمكن أن يبعث فينا شيء من الأمل. والأحزاب غير المعترف بها بقيت على حالها. لم تغير مواقفها، ولم تغيّر رموزها، ولم تغيّر طبيعة علاقتها بالسلطة... وحتى وإن غيّرت فإنّ حظوظها في الانتخابات تبقى ضعيفة جدّا. وذلك لانعدام تكافؤ الفرص بين المرشحين في الظهور في وسائل الإعلام والتي ظلّت حكرا على السلطة والحزب الحاكم.

**بعد استضافة تونس لمؤتمر المعلوماتية هل حصل انفراج في الحريات المعلوماتية فيما يخص الانترنت؟

مع الأسف لم نلاحظ أي تغيير أو تحسّن أو انفراج في حرية استعمال الانترنت، فكل المواقع التي تم حجبها قبل القمة ظلّت محجوبة، بل تم قطع العديد من خطوط الهاتف مثلما وقع مع المجلس الوطني للحريات بتونسي، والذي قطع من 18 أكتوبر 2005 إلى نهاية 2006

**هل مازلت على تواصل مع الناشطة المعروفة سهام بن سدرين ؟

علاقتي مع الأخت سهام بن سدرين لازالت متواصلة تجمعنا الآلام والآمال، آلام النظام التونسي وآمال التحدّي فمن جهة أولى هي الناطقة الرسميّة للمجلس الوطني للحريات بتونس، منظمتي التي أعتز بها، وأيضا هي رئيسة تحرير مجلتنا quot;كلمة تونسquot; أنا عضو في هيئة تحريرها.

**رغم أن هناك العديد من الناشطين السياسيين داخل تونس إلا أننا لا نراهم على شاشات التلفاز ؟ فهل هذا إحجام من قبلهم أم أن هناك أسبابا أخرى لهذا التقوقع؟

أكيد لا يمكن أن نجد معارضا سياسيا أو ناشطا حقوقيّا يرفض الظهور على القنوات التلفزيّة التونسيّة، أو وسائل الإعلام التونسيّة. وغيابهم لا يرجع عن إحجامهم طبعا! .

**في ظل القمع الذي تتعرض له هل تفكر في الهجرة خارج تونس؟

صحيح أصبحت أفكر اليوم بجديّة في الهجرة إلى الخارج، ولكن ليس بسبب القمع وتضييق الخناق على حريتنا، بل شأني شأن أغلب متخرّجي الجامعات التونسيّة. أزمة البطالة وأزمة تهميش الإطارات العلميّة هي التي خلقت فيّ هاجس الهجرة. أما موقفي من النضال خارج البلاد التونسيّة فإنّ لي موقف معارض لذلك، شخصيّا أعتبر أنّ كلمة الحق إذا خرجت من أرضها ومنبتها تضعف قيمتها.