القمة الخليجية بالدوحة: ثلاث ساعات عمل و45 ساعة مراسم
تكرار الثوابت وحضور نجاد يخطف الأضواء
تاج الدين عبد الحق من الدوحة: باستثناء فندق الشيراتون وبعض الفنادق التي تقيم بها الوفود الرسمية والإعلاميون ، لا يكاد المرء يتبين مظاهر للقمة الخليجية، المقرر ان تبدأ اعمالها بعد ظهر غد الاثنين في العاصمة القطرية الدوحة. وعلى عكس ما كان يحدث في سنوات سابقة حين كانت مناطق وشوارع كاملة تغلق امام حركة المرور في اطار الاجراءات الامنية التي تتخذها الدولة التي تستضيف القمة فأن الاجراءات الامنية التي كانت تشكل بحد ذاتها قصة اخبارية لا أثر واضح لها الا في محيط ضيق لايلاحظه الا المتابعين والمهتمين .
وتنفي السلطات ان تكون قلة المظاهر الامنية تعبير عن حالة من التراخي في التعامل مع حدث سياسي مهم، لكنها تقول ان الخبرة المتراكمة وتحسن الوسائل التقنية المستخدمة لتأمين مكان انعقاد المؤتمر ومقارات اقامة الوفود الرسمية والاعلامية تجعل المظاهر الامنية بشكلها التقليدي مظاهر مزعجة وغير ضرورية .
على ان الامن ليس هو الشيء الوحيد الذي طاله التغيير . اذ ان المظاهر الاحتفالية التي ترافق انعقاد القمم الخليجية تراجعت الى حد كبير . فالشوارع التي كانت تزدان باعلام وصور قادة الدول الست المشاركة في القمة اقتصرت هذة المرة على الشوارع القريبة من محيط الفنادق التي تقيم بها الوفود . كما ان حركة النقل الجوي وحركة السياحة التي كانت عرضة للتغير والاضطراب قبل ايام من وصول الوفود وايام بعد مغادرتها لايبدو انها معنية هذه المرة بالحدث السياسي اذ يستمر تدفق القادمين والمغادرين بنفس الوتيرة كما انه لم تتخذ اي اجراءات لوقف منح التأشيرات للقادمين من الخارج كما كان يحدث في قمم سابقة .
على ان تراجع المظاهر الاحتفالية المحيطة بالقمة ، لايعني ان الطابع العملي ، هو ما يمكن ان توصف به اعمال القمة . فالمدة الحقيقية للمؤتمر هي ثلاث ساعات موزعة على جلستي عمل مغلقتين الاولي في اليوم الاول ولمدة ساعة واحدة والثانية يوم الثلاثاء ولمدة ساعتان . اما باقي الفعاليات فتستغرق ما يتبقى من يومي المؤتمر حيث ينتظر ان يبدأ توافد قادة دول المجلس غدا الاثنين من الساعة الثانية عشرة ويستمر حتى الواحدة والنصف . وتعقد الجلسة الافتتاحية التي يلقي فيها امير قطر ورئيس الدورة كلمة ترحيبية في الساعة الثانية بعد الظهر وتستمر لمدة نصف ساعة. وترفع الجلسة ليعاود القادة الاجتماع في جلسة مغلقة في الساعة السادسة والنصف مساء ولمدة ساعة واحدة تنتقل بعدها الوفود لحضور حفل العشاء الذي يقيمه الشيخ حمد بن خليفة الثاني امير دولة قطر بالمناسبة .
وفي اليوم التالي يعقد القادة جلسة العمل المغلقة الثانية التي تبدأ عند الحادية عشرة صباحا وتستمر حتى الواحدة بعد الظهر تعلن عندها جلسة مفتوحة ويتلى فيها البيان الختامي فيما يبدأ القادة بمغادرة قاعة الاجتماع عائدين لبلادهم بعد الجلسة الختامية مباشرة .
ووفق ما رشح عن الاجتماعات التحضيرية التي عقدها وزراء خارجية دول المجلس اليوم الاحد لاستكمال بحث البنود المدرجة على جدول اعمال القمة والاتفاق على البيان الختامي، فإن القمة لا تحمل اي مفاجاءات منتظرة وان اهتمام المتابعين لها انصرف الى حضور الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد القمة بدعوة قطرية، وهو ما دفع المراقبين للتساؤل عن الكيفية التي ستعالج بها القمة قضايا ذات صلة بإيران مثل قضية الجزر الاماراتية الثلاث التي تحتلها ايران، فضلاً عن البرنامج النووي الايراني الذي يثير القلق والتوتر في المنطقة .
وحسب مصدر في الامانة العامة لمجلس التعاون فأن ( حضور الرئيس الايراني لن يغير من ثوابت الموقف الخليجي سواء في موضوع الجزر الاماراتية او في تعاطيها مع الملف النووي الايراني ) وقال المصدر ان البيان الختامي لن ( يجامل الرئيس نجاد وأن حضوره للقمة لايعني اعطاءه صك براءة عن احتلال ايران للجزر الثلاث ) . وحسب مصدر في الامانة العامة لمجلس التعاون فأن الرئيس الايراني لن يلقي اي خطاب في القمة وأن حضوره سيكون بروتوكوليًا. وهو امر اثار مزيدًا من التحفظات عن المغزى الحقيقي من دعوة نجاد لحضور القمة، وما يمكن ان تضيفه هذه الدعوة من معطيات ونتائج .
وتقول مصادر الامانة العامة لمجلس التعاون ان البيان الختامي الذي سيصدر عن قمة الدوحة لن يخرج عن الصيغة التي اعتادتها القمم الخليجية السابقة، وان الصيغة ستعدل حسب التطورات السياسية التي شهدها كل بند من البنود السياسية المدرجة في جدول الاعمال .
وحسب المصادر فإن البيان الختامي سيتناول نتائج اجتماعت مؤتمر انا بوليس الخاص بالشرق الاوسط حيث ( سيشيد بمبادرة الرئيس الامريكي في الدعوة للمؤتمر مع الاعراب عن الامل في ان يشكل المؤتمر منطلقًا لعملية سلام جادة في الشرق الاوسط تفضي الى انسحاب اسرائيلي من الاراضي العربية المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القد س وعلى اساس مرجعيات الاتفاقيات المبرمة ومشروع السلام العربي وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة )
وفيما يتعلق بالوضع في العراق فأن البيان الختامي سيشير الى التحسن النسبي في الاوضاع الامنية في العراق وتراجع موجات العنف لكنة سيؤكد على الحاجة الى مزيد من الجهد الدولي والاقليمي لمساعدة العراق في انهاء دائرة العنف والبدء باعادة الاعمار وتمكين مؤسسات الدولة العراقية من ممارسة مهامها، بعيدًا عن التهديد واعطاء جميع مكونات الشعب العراقي فرص المواطنة المتكافئة )
وتقول مصادر خليجية ان بعض الدول الاعضاء تحفظت على الاشارة الى التدخل التركي في شمال العراق وان لجنة الصياغة ستحاول البحث عن صيغة فضفاضة ترضي كافة الاطراف المعنية .
وفيما يتعلق بلبنان فأن البيان الختامي سيعرب عن ترحيبه بنفراج الازمة الدستورية ونجاح الافرقاء اللبنانيين في ايجاد مخرج لازمة الرئاسة اللبنانية كما سيعرب البيان عن الامل في ان تواصل الاطراف اللبنانية مساعي الوفاق للاتفاق على كافة القضايا الاخرى المعلقة والتي تساعد لبنان على تجاوز ازماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي موضوع الجزر الاماراتية، فإن البيان الختامي لن يخرج في الصيغة التي تتناول هذه المسألة عن الصيغ التي اعتمدها في اجتماعت خليجية سابقة والتي تدعو ايران الى القبول بمبادرات الامارات السلمية لايجاد حل عادل للقضية على اساس القانون الدولي و القبول بالتحكيم الذي اقترحته الامارات كمنطلق للحل .
وسيتناول البيان الختامي ايضا موضوع البرنامج النووي الايراني لكن الصيغة الخاصة بهذه المسألة ستأتي في سياق الاعراب عن القلق من اي محاولة لزج المنطقة في سباق نووي والدعوة الى اخلاء منطقة الخليج والشرق الاوسط من الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل . كما سيدعو البيان الختامي كل دول المنطقة الى الالتزام بالقواعد التي تضعها الوكالة الدولية للطاقة النووية فضلا عن الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بهذا الشان . وسيتضمن البيان تأكيدا على حق الدول في استخدام الطاقة للاغراض السلمية وهي اشارة قال مصدر خليجي انها ضرورية في وقت تتجه دول مجلس التعاون فرديا او جماعيا لبناء محطات للطاقة النووية.
ويتناول البيان الختامي في الجانب السياسي كافة القضايا المتفجرة بدءًا من افغانستان ومرورًا بدارفور والصومال وغيرها، كما سيتناول قضية الارهاب حيث سيتضمن ادانه قوية لكافة اشكال الارهاب وعدم قبوله تحت اي ذريعة مع الدعوة الى تكثيف التعاون الدولي لاجتثاث هذه الظاهرة . وسيرفض البيان الختامي في هذا الصدد اي محاولة للربط بين الدين الاسلامي والعنف والارهاب باعتبار ان الاسلام حض دائمًا على علاقات التسامح بين الاديان والشعوب .
وبالنسبة إلى قضايا التعاون الخليجي، فإن البيان الختامي سيتضمن الاعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة . وكان وزراء المالية والاقتصاد الذين اجتمعوا اليوم قد استعرضوا اللمسات الاخيرة على ما سيتضمنه البيان الختامي من قضايا اقتصادية . وقال يوسف كمال وزير المالية القطري الذي ترأس بلاده الدورة الجديدة لاجتماعات دول التعاون ان دول المجلس اتفقت على آلية تحصيل الرسوم الجمركية.
ويبدو ان موضوع الوحدة النقدية بين دول المجلس بات بعيدا عن دائرة القرار الخليجي فيما سيطرت على اجواء المؤتمر اضطراب اسعار صرف العملات الخليجية ازاء الدولار وحسب مصادر خليجية، فإن هذا الموضوع وأن لم يكن مدرجًا كبند منفصل عن الوحدة النقدية الخليجية، الا انه كان كما قال مصدر خليجي (مدار نقاش معمق بين دول المجلس حتى من باب تبادل الخبرات والمعلومات وليس الوصول الى قرارات ومواقف مشتركة ) .