كنت صديقًا لصدام حسين في المعتقل... الكتاب والصورة (2/6)
زبيبة العراق... والملك اميركا .. والتاريخ هو المفتاح!
ليلة الوصول إلى بغداد وقصة الرئيس المهووس بالنظافة
زيد بنيامين:
كانت من بين ملاحظات بيرو على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أن هذا الرئيس هو أفضل مستمع للناس quot;كان يفضل أن تقوم أنت بالكلام كله، لأن ذلك يمكنه من دراستك وايجاد الطريقة التي يتغلب فيها عليك، كان جيدًا جدًا في قراءة الناسquot;... هذا ما يقوله جورج بيرو في كتاب (ذي تيروريست وتش) للكاتب (رونليد كاسلر) والذي صدر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ويصور في جزء منه حياة الرئيس العراقي صدام حسين في المعتقل حيث كان بيرو مسؤولاً عن استجواب الرئيس الراحل في المعتقل...
كان صدام يعتبر آنذاك سجين حرب، وقد اعطته السلطات العسكرية الاميركية نسخة من وثيقة جنيف لحقوق الأسرى مطبوعة باللغة العربية لتقدم له صورة عن حقوقه كافة وبعد فترة وجيزة علم صدام ان بيرو سيكون الرجل الذي سيقوم بالمقابلات معه، كان على الرجلين انتظار فترة اسبوع لكي تبدأ الحكاية من اجل ان يتسأل الرئيس العراقي لماذا لم يقابله اي شخص طوال تلك الفترة بين اعتقاله واول استجواب جرى له في 13 يناير 2004 حيث بدأ اللقاء الرسمي بالرئيس العراقي..
كان على بيرو تحضير غرفة الاستجواب ، حيث كان يريد من تلك الغرفة ان تبدو بسيطة ، كان هناك كرسي للرئيس المعتقل وكرسي لبيرو و كرسي لعميل اف بي اي ثاني في ما يعد استجواب تقليدي من الجهاز، كان على عميل الاف بي اي (تود اريناغا) اخذ الملاحظات عن الحديث الذي يدور .. في نفس الوقت كان هناك تصوير سري لعملية الاستجواب..
يقول بيرو quot;كنت اريد منه ان يعلم انه مهما كان في الماضي ، فالبنسبة إلى كان الرجل في عهدتي وانا مسؤول عنه، كنت اريج منه ان يعرف انني لست معنياً بما كان عليه حاله في السابقquot; ..
بيرو وضع كرسي صدام حسين بحيث يكون ظهره في مقابل الجدار فيما كان كرسي بيرو يضع ظهر الاخير في مواجهة الباب quot; رسالتي كانت انني انا من اقف بينه وبين الحرية!quot; ...
في نفس الوقت كان بيرو يعامل صدام حسين بكل احترام، quot;كانت المقابلة قد خصصت لاقامة علاقة من نوع ما بيني وبينه، انها طريقة اعتمدناها في الاف بي اي وهي الاكثر تأثيرًا خصوصًا في مثل هذه الحالات لان الوقت كان في صالحنا ولم يكن علينا ان نسرع كثيرًا ولم يخبرني احد ان لدي يوم واحد او شهر واحد او سنة واحدة لانتهي من عمليquot;..
في اليوم الاول من المقابلات كان امام بيرو هدف واحد هو ان يجعل صدام حسين راغباً في مقابلته للمرة الثانية .. في ذلك اليوم بالذات كان الرئيس العراقي يعاني من معدته حيث قضى بيرو معظم وقته يشرح للطبيب الاعراض التي يعاني منها الدكتاتور السابق حيث اكتشف بيرو ان طعام الجيش الامريكي يسبب مشاكل في معدته حيث كان بيرو نفسه يتحاشى اكل البيرغر المتبل..
بعد انتهاء الفحص، سال بيرو الرئيس العراقي عن رواياته الاربع وركز على الرواية الاولى التي حملت عنوان (زبية والملك) ، اكتشف بيرو ان الزبيبة وهي امرأة عراقية جميلة تمثل العراق تزوجت من رجل كان يبتزها وكان هذا الرجل هو الولايات المتحدة الاميركية .. كان صدام يجيب على اسئلة بيرو بينما بيرو كان يدرس ردود الرئيس العراقي والكيفية التي كانت تأتي بها.. كان بيرو يريد من وراء ذلك دراسة ردود افعال صدام على هذه الاسئلة ومقارنتها على ردود افعاله على اسئلة اكثر حساسية..
كان بيرو يريد استذكار ردود الافعال تلك، لكي يقارنها مع ردود افعال صدام على اسئلة لاحقة يمكنه معرفة ان كان الديكتاتور يخادع في اجوبته quot; اذا اختلفت الطريقة التي يجيب من خلالها على اسئلتي عن تلك التي اجاب بها على اسئلتي حول الكتاب فان ذلك يعد مؤشرًا انه يخادعنيquot;..
كان بيرو يعلم ان الرئيس العراقي كان يعتبر نفسه قائدًا عراقيًا عظيمًا وهو يعد امتداد للتاريخ العظيم للعراق والذي كان يدعى (بلاد ما بين النهرين) حيث عرفت تلك البقعة من الارض الحضارة بصورة مبكرة عن اي بقعة اخرى على وجه الارض حيث وجدت بلاد سومر واكد واشور وعرفت بقادتها العظام كحمورابي ونبوخذنصر .. كان صدام يعتبر نفسه من هذا الطراز من القادة اما بيرو فقد درس التاريخ العراقي حيث كان طالباً تخصص في ذلك وهو الامر الذي اعجب صدام..
quot;حينما عرف انني مطلع على التاريخ العراقي قال لي ارجو منك الرجوع لنتحدث مرة اخرى، اريد ان اتكلم معك.. بهذه الكلمات كنت اعلم انني قد حصلت على رضاه في اول مقابلة بينناquot;
خلال الاشهر السبعة التالي كانت جسور الثقة تبنى بين بيرو والرئيس العراقي ، كان يجري المقابلات مع صدام حسين كل يوم تقريبًا، حيث كان يقضي الاثنان بين خمس الى سبع ساعات معًا، وحيث لم يكن هناك امام بيرو اي عطلة يستمتع بها كما كان يقوم في نفس الوقت باستجواب اركان النظام العراقي السابق الاخرين كعلي حسن المجيد المعروف بعلي كيمياوي ..
في الحلقة الثالثة: حلبجة... عدي وقصي.. النساء.. واشياء اخرى كما يراها صدام!