حياة الزرقاوي .. ما بين عصابات الجنس والجهاد (1-3)
كيف عاد اعنف زعيم للقاعدة في العراق ... الى الاسلام !

إيلاف - زيد بنيامين : كان مساء باردًا من مساءات كانون الأول (ديسمبر) 1989، ووقتها كان على quot;حذيفة عزامquot; ابن أحد معلمي بن لادن أيام شباب الأخير في السعودية وهو الشيخ quot;عبد الله عزامquot; الأردني بجذور فلسطينية، والذي لم يتجاوز عمره سنوات المراهقة الذهاب إلى مطار بيشاور لإستقبال مجموعة من الشباب الصغار الذين إنضموا لأول مرة إلى جماعة المقاتلين العرب في أفغانستان، وكان معظمهم من الأردنيين الذين سعوا للقتال في أفغانستان ضمن رحى الحرب الدائرة هناك مع العدو الشيوعي وقيل وقتها إن الـquot; CIAquot; كان لها دور في تمويلهم من أجل إضعاف عدوها الرئيس أنذاك الإتحاد السوفياتي والذي كان واضحًا أنه وصل إلى أيامه الأخيرة. بعض الشباب كانوا قذرين للغاية، كانت أشكالهم توحي بذلك، فقد تحرروا من السجن قبل فترة قصيرة والآخرون كان من بينهم شيوخ دين، ويبدو أن التاريخ كان على موعد مع أحدهم لكي يضم اسمه صفحاته وهو أحمد فضيل نزال الخلايلية والذي سيعرف فيما بعد بـ quot;أبي مصعب الزرقاوي. حذيفة عزام الذي قاتل إلى جانب والده وأسامة بن لادن (تلميذ عبد الله عزام) قبل ثلاثة أعوام من وصول الزرقاوي، وكان عمره لم يتجاوز 15 عامًا وكان يعلم أن quot;الخلايلهquot; الذي وصل سيقاتل في مرحلة ما بعد الحرب لطرد السوفيات، ولكن لم يكن على معرفة أنه سيغادر مع الخلايلة أفغانستان فيما بعد، ليعيشا حياة مختلفة ومنثم سيلتقيان في العراق بعد الحرب الأميركية على العراق عام 2003.

يعيش quot;حذيفة عزامquot; اليوم في العاصمة الأردنية عمان ويدرس الأدب العربي الكلاسيكي، وغالبًا ما ينتقل بين عمان والعراق، يلبس الجينز يقول حذيفة: quot; كنت في سوريا حينما بدأت الحرب على العراق، كان الناس يصلون إلى العاصمة السورية دمشق في أفواج، كلهم كانوا يريدون الذهاب إلى العراق لمقاتلة الأميركيين، أتذكر أحدهم الذي أتى وقال إنه كبير جدًا على القتال، ولكنه منح في المقابل الناس الذين يقومون بتننظيم هذه الأمور حوالى 200 ألف دولار نقدًا قائلاً: quot;أعطي هذا المال للمجاهدينquot;.

ويبدو أن مسألة المال كانت الأسهل والأكثر محورية، في كل ما سيجري في العراق فيما بعد، يقول حذيفة: quot;أيام الجهاد كان من السهل عليك الحصول على المال من خلال إتصال هاتفي واحد، أنا بنفسي قمت بجمع 3 ملايين دولار حينما إتصل أبي هاتفيًا من أجل تأمين مثل هذا المال... كان علي أخذ المال على دراجتي النارية القديمةquot;. تحدث حذيفة عزام عن الأيام الأولى في الحرب الأميركية على العراق عن شاب صغير كان سعوديًا على ما يظن، وكان قد بلغ 13 عامًا، وقد تعرف إليه من بين حشود المتطوعين الذين كانوا قد تجمهروا في إحدى مراكزهم على الحدود السورية العراقية، وكان الناس يأتون للتسجيل في الصباح ثم يعبرون إلى العراق في فترة بعد الظهر في سيارات نقل. وأضاف:quot;كنت قد تعرفت إليه في مكتب التسجيل، ورفض الشباب أن يقوموا بتسجيله لأنه كان صغيرًا للغاية، وبدأ يبكي، كنت قد عدت في تلك الظهيرة من عملي هذا وكان الطفل قد وجد طريقه لسيارات الدخول العراق بالإختباء في إحدى تلك السيارات، وحينما تم إكتشافه بدأ يصيح (الله أكبر) وقرروا إنزاله من الحافلة، كان في جيبه 12 ألف دولار أعطته إياه عائلته! فأظهر المال قائلاً خذوا المال أريد أن أذهب إلى الجهاد أرجوكمquot;.

كان ابو مصعب الزرقاوي قد وصل وقت الحرب الى الاربعينات من عمره , كان مستواه الدراسي متواضع جدا , ينحدر من قبيلة بني حسن وكانت سمعته قد وصلت الى خارج حدود بلده الاردن في ذلك الوقت وكان من ابرز الوجوه التي استخدمها كولن باول وزير الخارجية الامريكي في دفاعه الشهير امام مجلس الامن في 5 فبراير 2003، دفاعه عن خيارات بلاده لدخول الحرب مع العراق باعتباره حلقة الاتصال المحتملة بين صدام حسين الرئيس العراقي الراحل و القاعدة وفي نوفمبر 2005 كان الزرقاوي قد حل باعتباره القائد الاكثر شهرة في العراق بعد صدام حسين نفسه ، كان يقود اعمال العنف المسلحة في هذا البلد المصاب , ولم يكفه ان يقاتل في العراق فقرر ان يرسل بعض من مقاتليه الى عمان في ذلك الوقت من اجل استهداف 3 فنادق في العاصمة الاردنية.

في الزرقاء ولد الخلايله في احد ايام اكتوبر 1966 ومنها اشتق الاسم الذي اشتهر به , الزرقاء تبعد عن العاصمة الاردنية عمان بحوالي 45 دقيقة وهي مدينة صناعية , ولد الخلايله هناك لعائلة كبيرة , وكان غالبا اسمه يرد في ايام شهرته مع اشارة الى انه قد فقد احدى ساقيه منذ عام 2002 ولكنه شوهد فيما بعد يمشي على قدميه , وحينما عرضت القوات الامريكية صور مقتله لم تشر لا من بعيد ولا من قريب على ان الرجل كان برجلين ام برجل واحدة بل ظل من الامر من الالغازمدينة الزرقاء تضم بين جنباتها 850 الف شخص وهي مركز للعديد من المصانع و الحقول المفتوحة ايضا وهي ثالث اكبر مدينة في الاردن واحد اهم مراكز الجيش الاردني وخصوصا بعد ان اصبحت مركزا لتفريخ (الاسلاميين ) الاردنيين ذوي الاصول الفلسطينية بالاضافة الى مدينتي سلط واربد وهي من المدن التي ارسلت اكبر عدد من المتطوعيين للقتال في الخارج , في البداية في افغانستان في حربيها الاولى والثانية ومن ثم في العراق

بات الخلايلة هو الشخص المثالي الذي يبحث عنه (بن لادن ) فبن لادن كان رجل متعلم امتلك من المال الكثير ومن عائلة ثرية ومعروفة بينما الزرقاوي كان معدما تقريبا و ذو مستوى تعليمي متواضع ومن عائلة ومدينة غير معروفة (رغم شهرة عشيرته) وعلى نموذج الزرقاوي كان شكل كل من اتبعوا بن لادن منذ دخوله الى افغانستان لاول مرة.

كان الزرقاوي قد طرد من عمله في احدى محلات الفيديو لتورطه في اعمال العصابات في المدينة كما تم سجنه بتهمة الاعتداء الجنسي كما تقول المخابرات الاردنية.نشأ الزرقاوي في منطقة (المعصوم) وهي جزء من المدينة القديمة في الزرقاء وبقرب من معسكر (الرصيفة) الخاص باللاجئين الفلسطينيين وتضم المدينة 80% من ذوي الاصول الفلسطينية ويمكنك اثناء التجول في المدينة رؤية العرب العائدين من افغانستان بوضوح حيث ان هولاء مازالوا يتشبهون بالافغانيين من حيث الشكل والملبس ايضا فهم يلبسون الملابس الافغانية الوطنية .

ورغم كل ما مثله من رعب وخوف فان الزرقاوي كان هادئا ايام ما كان يعيش في الزرقاء , في المنطقة التي كانت تجاور بيته الذي يتكون من طابقين على الاقل , وحينما غادر الزرقاوي تركت عائلته البيت الذي تربى فيه , كانت اخت الزرقاوي هي التي تهتم بالبيت بين فترة واخرى عاشت زوجتي الزرقاوي في بيت (العيلة) حتى وقت قصير , الاولى كانت بنت عمه وتزوجها حينما بلغت الثانية والعشرين وانجبا اربعة اطفال, وكانا ولدين وبنتين وقد غابت الزوجة الاولى قبل فترة قصيرة لتدخل الى العراق بصحبة رجل مجهول اوصلها الى زوجها.

اما زوجته الثانية فكانت فلسطينية اردنية ايضا وتزوجها في افغانستان وانجبت منه ولدا ويعتقد انها كانت في العراق معه ايضا , البيت افتقد ايضا (ام سيل) وهي والدة الزرقاوي وكان يحبها كثيرا , وتوفيت بسبب سرطان اللوكيميا في عام 2004 ورغم انه في وقتها كان مطلوبا من كل العالم الا ان السلطات الاردنية (غظت الطرف عنه) حينما عاد الى الزرقاء وشارك في تشيع والدته بعد وفاتها قبل ان يعود ليقتل المزيد من العراقيين.