أسامة العيسة من القدس : يحتدم في أوساط الرأي العام الإسرائيلي النقاش حول إذا ما كان يجب نشر شهادات كبار القادة العسكريين والسياسيين أمام لجنة (فينوغراد)
التي شكلت للتحقيق في حرب لبنان الأخيرة، واطلاع الجمهور على حقيقة ما حدث، أم حجب هذه الشهادات لأسباب أمنية. ووصل الاختلاف إلى محكمة العدل العليا، التي توجهت إليها اللجنة اكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية في محاولة لمنع نشر شهادات ما اصبح يصطلح على تسميتهم (الثلاثة الكبار) وهم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، ووزير الدفاع عمير بيرتس، ورئيس هيئة الأركان المستقيل دان حالوتس.والنقاش حول اللجنة ودورها بدأ مع تأسيسها، حين لجأت الحكومة الإسرائيلية إلى تشكيلها، باعتبارها لجنة فحص حكومية، برئاسة إلياهو فينوغراد، للتحقيق في مجريات الحرب، ولكن ليس من صلاحياتها اتخاذ إجراءات قضائية، وانما ترفع توصيات معينة، واعتبر ذلك التفافا على المطلب الشعبي بتشكيل لجنة تحقيق رسمية ذات صلاحيات قضائية واسعة، مثلما حدث في حالات سابقة، كحرب أكتوبر مثلا.

واستمعت اللجنة منذ تشكيلها قبل أربعة اشهر، إلى شهادات المسؤولين الإسرائيليين الذين لهم علاقة بالحرب التي اندلعت في شهر تموز (يوليو) الماضي، وتم تسريب بعض من مضامين هذه الشهادات، مثلما حدث مع شهادة اولمرت الذي أعلن فيها أن التخطيط للحرب بدأ في إسرائيل قبل اشهر عديدة من اندلاع شرارتها.
وفي مواجهة ما اعتبر تلكؤا من اللجنة في نشر الشهادات، تحركت أوساط من اليسار الإسرائيلي ورفعت الأمر إلى محكمة العدل العليا، وقدمت النائبة زهافا غلؤون
رئيسة كتلة ميرتس في الكنيست التماسا لهذه المحكمة لإلزام لجنة فينوغراد بنشر إفادات الثلاثة الكبار، ليتمكن الجمهور من الاطلاع على ما حدث وهو أحد حقوقه
الشرعية.

واتخذت المحكمة قرارا يلزم اللجنة بنشر الشهادات، مما جعل هذه اللجنة تلجا إلى تكتيك لكسب الوقت، فطلبت من المحكمة العليا تأجيل نشر إفادات المسؤولين الذين مثلوا أمامها إلى حين نشر التقرير المرحلي للجنة في نهاية الشهر الجاري، وهو تقرير يسبق التقرير النهائي الذي يتوجب على اللجنة نشره في النهاية، متضمنا
استخلاصاتها وتوصياتها. ولكن اللجنة مثلما فعلت في مرات سابقة، طلبت مزيدا من الوقت، وبررت ذلك بأنها لا بد أن تلجأ لشطب ما أسمته الأجزاء السرية من الشهادات، وبان ذلك يستلزم وقتا طويلا، قد يؤدي إلى تأخير نشر تقريريها المرحلي والنهائي. ولم تعجب هذه المناورات النائبة زهافا غلؤون وقالت بان الثلاثة الكبار
ومعاونيهم يحاولون تحت ذريعة الحفاظ على أمن الدولة منع نشر افاداتهم لحجب تقصيراتهم في الحرب عن الراي العام.

وتوسع النقاش حول النشر من عدمه، وهذه المرة خارج أروقة المحكمة التي بدى أنها تحابي اللجنة والثلاثة الكبار، وفي مواجهة النقد الشديد الذي وجه للجنة، ونزل إلى حلبة المواجهة عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية، الذين اعتبروا أن نشر الشهادات يعتبر مسا وصفوه بالخطير بأمن إسرائيل.واكثر من هذا قال الوزير شالوم سمحون أن نشر مضمون الشهادات من شانه المس بعلاقات إسرائيل مع عدد من الدول الأخرى، دون أن يسمي هذه الدول، ووصف الوزير زئيف بويم نشر هذه الإفادات بأنه سيكون بمثابة خطأ فادح لانه سيردع في المستقبل شهودا من الإدلاء بإفادتهم أمام لجان مماثلة. ولكن كل ذلك لم يحسم قضائيا، وظل الالتماس الذي تقدمت به زهافا غلؤون، لنشر الشهادات، مطروحا أمام المحكمة، وفيما يعتبر تغييرا تكتيكيا للتملص من نشر شهادات الثلاثة الكبار، تقدمت لجنة فينوغراد يوم أمس الجمعة (13-4) إلى المحكمة العليا بطلب توسيع الهيئة القضائية التي ستبحث في الالتماس لنشر شهادات الثلاثة الكبار. وبرر رئيس اللجنة الطلب، بان نشر الشهادات الان سيثير مشاكلا كثيرة، ستؤثر على مجريات التحقيق الذي بدا قبل أربعة اشهر.وواصلت مقدمة الالتماس تمسكها بمطلبها نشر شهادات الثلاثة الكبار، وسخرت من طلب اللجنة توسيع الهيئة القضائية للنظر في الالتماس الذي قدمته، وقالت بأنه لا يستند إلى أي مبرر قضائي. وقالت محامية غلؤون في ردها على طلب اللجنة، بان تأجيل نشر الشهادات يمس بحق الجمهور في الحصول على المعلومات.