عشية إصدار المحكمة قراراها في خصوص quot;الثلاثة الكبارquot;
معركة حاسمة في إسرائيل حول أسرار حرب لبنان

أسامة العيسة من القدس : وصلت المعركة بين لجنة فينوغراد الحكومية الإسرائيلية التي تحقق في مجريات حرب لبنان الأخيرة، ومحكمة العدل العليا الإسرائيلية إلى مفترق حاسم، عشية إصدار هذه المحكمة قرارًا يتوقع أن يكون ملزمًا لهذه اللجنة بأن تنشر شهادات ما إصطلح على تسميتهم الثلاثة الكبار، فورًا، والمقصود ما أدلى به كل من اهود اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعمير بيرتس وزير الدفاع، ورئيس الأركان السابق دان حالوتس من شهادات حول مجريات الحرب أمامها...

وتصدر هذا الموضوع العناوين الرئيسة لصحيفتي يديعوت احرنوت ومعاريف، وذكرت الصحيفتان أن إثنين من أعضاء اللجنة هددا بالإستقالة منها، إذا كان قرار محكمة العدل العليا قد أتى على غير هوى اللجنة، ممّا إعتبر تهديدًا لمحكمة العدل العليا، ومحاولة للضغط على القضاة، الأمر الذي يلقى إستهجانًا متزايدًا من ممثلي الرأي العام.

جندي اسرائيلي عقب الحرب على لبنان
وبدأت قضية اللجنة التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية لفحص مجريات حرب تموز (يوليو) على لبنان، تتفاعل عندما تقدمت النائبة اليسارية زهافا غلؤون بالتماس إلى محكمة العدل العليا، لإجبار اللجنة على نشر شهادات الثلاثة الكبار فورًا، وتمنعت اللجنة وماطلت وقدمت وعودًا للمحكمة، في محاولة لكسب الوقت، وأخيرًا طلبت توسيع الهيئة القضائية للمحكمة التي ستنظر في الموضوع، واستجابت المحكمة لطلبها، حيث نظرت أمس هيئة مكونة من خمسة قضاة في الموضوع.

والخلاف بين المطالبين بالنشر الفوري للشهادات واللجنة، يتمحور حول موعد نشر هذه الشهادات، فالطرف الأول يعتقد أن من حق الجمهور الواسع معرفة ما تم خلال الحرب، بنشر شهادات قادتها، أما اللجنة فتطلب التريث بنشر الشهادات، حتى تنشر تقريرها المرحلي الذي يتوقع أن ينشر هذا الشهر، وبعده بأسبوعين تنشر الشهادات، ومبررها أن النشر الفوري سيؤثر على إعدادها للتقرير المرحلي، ولأن الشهادات تتضمن معلومات أمنية خطرة.

ورد الطرف الأول أنه يمكن أن تطلب اللجنة حجب المعلومات الأمنية، ولكن لا يمكن أبدًا أن تتأخر في نشر المعلومات أمام الجمهور الذي من حقه معرفة ما جرى، وفي النهاية فإن اللجنة تحقق في موضوع يخص هذا الجمهور، وإن أعضاء اللجنة يعملون لدى هذا الجمهور، وليس لدى أي طرف آخر، تحاول اللجنة التغطية على قصوراتهم في الحرب.

وبعد أن استنفذت اللجنة كل وسائل المناورة لتأجيل النشر، وحانت ساعة الحقيقة أمام محكمة العدل العليا، نشرت الصحف اليوم، عن نية اثنين من أعضائها الإستقالة، واعتبر ذلك محاولة من اللجنة للتدخل في مهام محكمة العدل العليا، التي كانت رئيستها قد وجهت إنتقادات حادة إلى أعضاء اللجنة.

واتهمت دوريت بينش رئيسة المحكمة، اللجنة صراحة بأنها تناور وتتهرب من تحديد موعدًا لنشر شهادات الثلاث الكبار، وهو أمر لا يمكن القبول به بأي حال من الأحوال، ولا يليق بلجنة تحقيق تضم قضاة سابقين.

واعتبر عضو الكنيست عن حزب العمل عامي ايلون، أن التلويح بالإستقالة، يمس بمصداقية اللجنة، وثقة الجمهور بها، ومحاولة للتقليل من شأن المحكمة العليا، وهو ما تعتبره أوساطًا في الرأي العام الإسرائيلي أمرًا بالغ الخطورة.

ووجهت هذه الأوساط إنتقادات إلى اللجنة التي أجرت مداولاتها بالخفاء، في حين أنه كان يجب أن يتم الإستماع إلى الشهادات علنًا وأمام الجمهور، ليطلع أولاً بأول على ما حدث في الحرب التي جره إليها الثلاثة الكبار.

ولا يختلف منتقدو اللجنة، واللجنة نفسها على حق الجمهور في الاطلاع الكامل والشامل على مجريات ما حدث، ولكن الخلاف على التوقيت، وهل سيتم الآن أم بعد نحو أسبوعين، أي بعد نشر التقرير المرحلي الذي ستصدره اللجنة.

واتهمت النائبة زهافا غلؤون، التي أثارت الضجة بتقديمها للإلتماس، لجنة فينوغراد بأنها تناور، وتحاول التملص من استحقاق نشر شهادات الثلاثة الكبار، وأنها بذلك تفقد من قوتها الأخلاقية.
وقالت غلؤون، إن لجنة فينوغراد، وهي تناور أمام المحكمة العليا، تمس بكرامة هذه المحكمة، وهو أمر رأت فيه النائبة أمرًا خطرًا.

وذهبت غلؤون إلى أبعد من ذلك، حين أشارت إلى إحتمال قيام شخص ما بممارسة الضغوط على اللجنة لتمتنع عن نشر شهادات الثلاثة الكبار، والإشارة واضحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي اهود اولمرت، آخر من له مصلحة في نشر الشهادات حول الحرب التي لم تحقق أهدافها المعلنة، وشكلت لطمة لكبرياء العسكرية الإسرائيلية، لا يتوقع أن تشفى منها قريبًا.

وبعد ساعات من صدور الصحف الصباحية العبرية، التي أخذت تشكك في نزاهة اللجنة، يبدو أن هناك من أشار إلى اللجنة بشن حملة سريعة، لإنقاذ سمعتها، فنقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر، قالت إنها مقربة من لجنة فينوغراد، إن أعضاء اللجنة لا ينوون الإستقالة مهما يكن قرار محكمة العدل العليا بشأن نشر شهادات الثلاث الكبار.

ومن المتوقع أن تصدر المحكمة قرارها الملزم للجنة بنشر شهادات الثلاثة الكبار خلال أيام، مما سيجعل اللجنة تخسر معركتها، وهو ما سيمس بالتأكيد بمصداقيتها، ولن يشفع لها إنصياعها في النهاية لمطلب نشر الشهادات الفوري.

وفي هذه الأثناء تستمر اللجنة في عملها، ونقل إتحاد أرباب الصناعة في إسرائيل إليها إستنتاجات اللجنة الخاصة التي شكلها لبحث أداء المرافق الاقتصادية في إسرائيل خلال الحرب.

وحسب الإذاعة الإسرائيلية، فإن الإتحاد دعا الحكومة إلى تشكيل سلطة وطنية خاصة بمعالجة حالات الطوارئ ستكون مسؤولة عن تشغيل المنشآت الحيوية في البلاد في حالات الحرب أو الطوارئ.