عملية السلام ذريعته للبقاء
فينوغراد قادم.. ماذا أعد أولمرت لإستقباله؟

خلف خلف من رام الله: لم يتبق سوى أقل من يومين على موعد صدور تقرير لجنة فينوغراد، وتتجه الأنظار لهذا التقرير لمعرفة تداعياته على المستويين السياسي والعسكري في تل أبيب، ورغم أن عملية نشره أجلت تحت ضغوط سياسية وعسكرية عدة مرات سابقاً، إلا أنه سيرى النور الأربعاء الموافق 30/1/2008.

ويمكن القول إنه من حسن حظ رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت، لن يحتوي التقرير على توصيات مباشرة تجاه شخصيات بعينها، بل سيروي كل شيء بوضوح تاركاً للجمهور إصدار الحكم بما يجب فعله، لذلك فأن كافة الترجيحات تشير إلى أن الدولة العبرية لن تشهد هزة سياسية أو عسكرية آنية، بل ستكون هناك تداعيات طويلة الأمد على الخارطة الحزبية وستتولد سجالات داخلية حادة، يرجح أن تقود في نهايتها لحدوث سيناريو من الآتي:

أما استقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أو حدوث تمرد حزبه (كاديما)، واستبداله بوزيرة خارجيته تسيبي ليفني، أو إجراء انتخابات مبكرة، ولكن رغم ذلك يبقى أيضا باب المفاجآت مفتوحاً.

والقضية السابقة، تحتل منذ عدة أيام وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى جانب الوضع على الحدود المصرية الفلسطينية في قطاع غزة، وكشفت مصادر صحافية إسرائيلية أن مكتب أولمرت بدأ في إدارة حملة بث إشاعات، وتسريب معلومات هدفها الصد المسبق لردود الفعل على تقرير فينوغراد في حالة كان شديدا.

والصراع الدائر حاليا في إسرائيل لا يتركز على لجنة فينوغراد، كون تقريرها النهائي بات مكتوبا، وإنما الجهود موجهة لتحليل التطورات التي ستتلو ذلك، ويحاول أولمرت من ناحيته، التلويح للرأي العام الإسرائيلي بأن استقالته من منصبه غير منطقية، كونها ستؤدي لإعاقة العملية السلمية التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أن هذا سيقود لضرب العلاقات بين تل أبيب وواشنطن التي تريد أن يتم التوصل لاتفاق نهائي قبل نهاية العام الحالي.

من جانبه، أعتبر الكاتب الإسرائيلي عوزي بنزيمان في مقال نشر في صحيفة هآرتس الصادرة أمس الأحد أن التقرير لن يأتي بنتائج حاسمة ضد أولمرت، وقال بنزيمان: quot;(أولمرت) سيطر طوال الوقت على عملية التحقق من أدائه لمهام منصبه خلال حرب لبنان الثانية، وأحبط تشكيل لجنة تحقيق رسمية متخذاً القرار بتعيين لجنة تقصي حقائق برئاسة القاضي فينوغراد. هو الذي اختار أعضاء هذه اللجنة وصرح بأنه لن يستقيل نتيجة لقراراتها كائنة ما كانت. والآن ها هو يقوم بهندسة رد فعل الجمهور من خلال التسريبات والمعلومات التي تحقن فيها الصحافة من اجل تكريس التصور بأنه لا حاجة لإقالتهquot;.

هذا فيما تتحرك بعض العديد من الأطراف والأحزاب في إسرائيل لتنظيم ضغوط على أولمرت تجبره على الاستقالة، وقد اجتمع يوم الأربعاء الماضي رؤساء الحركة الطلابية مع أعضاء كنيست من كاديما، وطالبوهم بالعمل سوية لإقالة أولمرت إذا ألزمه التقرير بذلك، كما يطالب بعض الضباط في الجيش أيضا باستقالة اولمرت.

ولكن هناك من يعتبر أن هذه الحركات الاحتجاجية ليست ذات قيمة، وهو ما عبر عنه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفني، والذي يعتبر أن الحركة الاحتجاجية في إسرائيل هي حركة سياسية ويمينية في جوهرها، وهي ليست شرعية لأن دعاتها يتحملون المسؤولية عن الحرب وليس لها أي بعد أخلاقي.

وقال ليفي في مقال له في صحيفة هآرتس: ها هم يعودون مرة أخرى، الضباط المحتجون. بعد فشلهم في نهاية الحرب في تحركهم الاحتجاجي، ها هم يعودون إليها عشية نشر تقرير لجنة فينوغراد. احتجاجهم فارغ الآن مثلما كان في ذلك الحين. هم يطلقون الصرخة مع العائلات الثكلى إلا أن صوتهم يثير الغضب. من الجيد أن هنالك احتجاج في هذه البلاد المصابة بداء اللامبالاة. ولكن مضمونها خداعٌ مضلل ولا يركز على الجوهر ويتهرب منهquot;.

كما أشار المحلل السياسي ايهود آشري إلى أنه من حق العائلات الإسرائيلية التي قتل أبنائها في الحرب أن تحتج وتسمع صوتها، ولكن ليس من حقها أن تتدخل في السياسة وان تدير شؤون الدولة.

بينما تقول سيما كدمون في صحيفة (يديعوت) الصادرة بتاريخ 25/1/2008: quot;ليس لدى أحد شك في أن التقرير سيصدر في يوم الأربعاء سيتسبب في هزة أرضية، ولكن السؤال هو أن كانت هذه الهزة ستنتهي بكثير من الضجيج والصخب مع إبقاء كل شيء في مكانه، أم أن الجهاز سيبقى مكانه ولن يتغير، السياسيون يجدون صعوبة في توقع توفر أغلبية لاسقاط اولمرت وتقديم موعد الانتخابات ولكن كل السيناريوهات محتملة، إلا أن لغة التقرير هي التي ستحسم الأمور واتجاه مهب الريح في ديوان رئيس الوزراء يعبرون عن التفاؤل الحذر والانتظار مع اخذ كل التطورات منذ الحرب بعين الاعتبارquot;.

وبالإضافة إلى الهزة السياسية المتوقعة في إسرائيل، فأن الجيش أيضا في حالة ضغط، وعبر رئيس أركانه غابي اشكنازي مؤخرا عن تخوفه من أن تؤدي هجمة جبهوية من فينوغراد على أداء الجيش الإسرائيلي إلى موجة مغادرة أخرى للضباط الدائمين.

ويتركز تقرير فينوغراد النهائي حول الأيام الثلاثة قبل انتهاء الحرب، عندما عملت قوات الجيش الإسرائيلي على الدخول للأراضي اللبنانية، وانتظرت ثم عادت دون أن تتمكن من القيام بشيء، لأنه في مقابل كل أمر كان هناك أمر مناقض، حيث انه في كل مرة كانت القوات تتقدم كانت تصدر الأوامر بالتراجع، وخلال ذلك العديد من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، وكان الإحباط في إسرائيل في ذروته، وبخاصة في ظل عدم القدرة على وقف الصواريخ التي كان يطلقها حزب الله على بلدات شمال إسرائيل.