قال في تصريح لـquot;إيلافquot; إنه يجهز ثوبا جديدا للمجلة
وزير الإعلام الكويتي يعد بإعادة هيبة مجلة quot; العربي quot;

إيلاف من الكويت: قرر وزير الإعلام الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح أن يعيد الهيبة لعلامة فارقة في التاريخ الكويتي، مثل النفط والديمقراطية والفن، ألا وهي مجلة العربي التي كان مؤسسها الأساسي أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الجابر أواخر الخمسينات من القرن الفائت على أنغام حركات التحرر العربي التي كانت جاذبة للملايين.

ويتمتع الوزير بثقافة عالية وتجربة ثرية استقاها من خلال عمله في نيويورك ثم من خلال منصبيه كسكرتير للأمن الوطني، الذي يخلفه فيه الآن أحمد الفهد quot;الطامحquot; كما يلقب بالكويت، ثم منصبه كوزير للشؤون الإجتماعية قبل أن يختاره الشيخ ناصر المحمد الصباح مع فريقه الوزاري ليبقى بعيداً، حتى كتابة هذا التقرير، عن مدفعية هواة إسقاط الوزراء في الكويت. وقال الصباح في لقاء سريع مع إيلاف إنه عازم على quot;إعادة العربي ذات التاريخ المجيد إلى وهج جديدquot;.

أما الوهج الجديد الذي يتحدث عنه الشيخ صباح فهو تحويلها إلى قناة تلفزيونية على غرار quot;هيستورى تشانالquot;، المهتمة في التاريخ الوثائقي المصور، وكذلك quot;ديسكفريquot; العلمية، مستفيدة من التراث العريق لهذه المجلة الذي تراكم عبر مسيرة جاوزت نصف قرن.

عبر أربعة رؤساء تحرير مميزين صنعت مجلة quot;العربيquot; وهجها على رفوف المكتبات العربية : كان أولهم العلامة احمد زكى (1958 - 1975) ، الذي أسسها ووضع لبناتها الأولى، ثم الصحافي احمد بهاء الدين (1976 - 1982) وبعدها انتقلت رئاسة التحرير إلى أيد كويتية بدأت بالدكتور محمد الرميحي الذي تركها ليتسلمها الدكتور سليمان العسكري الذي لا يزال على رأس العمل حتى الآن.

وتعتبر قصة مجلة العربي فصلاً مهماً من فصول تاريخ الكويت، أو لنقل على وجه التحديد إنها كانت أحد الشاهدين على عصر هذه الإمارة الغنية بالنفط التي كانت حتى أوائل التسعينات في حيرة بين نداء التاريخ العربي الوحدوي، وبين نداء الجغرافيا الذي يشدها إلى الجنوب مع دول الخليج الخمس الأخرى.

كانت الكويت في عام 1957، أي قبل إصدار المجلة بعام واحد، مدينة يصعب على أحد من خارج الجزيرة العربية سكنها، كونها كانت ذات طبيعة قاسية وطقس حارق، إضافة إلى أن العديد من بنية الخدمات التحتية لم تكتمل، الأمر الذي جعل أول رئيس تحرير لها متردداً في قبول العرض.

وطلب العلامة أحمد زكي أسبوعاً واحداً للتفكير في قبول هذا العرض من عدمه. ثم وافق بعد ذلك ليضيف زخماً قوياً وحيوياً للمجلة كونه رجلاً من العيار الثقيل قياساً بثقافته وسعة إطلاعه واستقلاله السياسي.

كان زكي مديرا لجامعة القاهرة ووزيرا في الحكومة المصرية قبل ثورة 1952 وهو حاصل على شهادة الدكتوراه الفلسفية (ph.D) عام 1924 ودكتوراه العلوم (D.SC)عام 1928 . كما قد سبق له تولي رئاسة الاتحاد الثقافي المصري، وعضوية مجمع اللغة العربية في القاهرة والمجمع العلمي في دمشق، والمجمع العلمي في بغداد.

ثم تولى الصحافي quot;شاغل الدنيا ومالئ الناس وقتهاquot; هو أحمد بهاء الدين رئاسة تحريرها من عام (1976 - 1982). وكان كاتباً صحافياً محنكاً أدرك بعد العديد من إخفاقات التجارب الوحدوية أن الثقافة هي شكل الوحدة الباقي، وأنها وحدها هي المؤهل الذي يجعل أهل عالمه قادرين على الحلم.

ومعروف أن بهاء الدين عايش حلمين تاريخيين في بلاده التي كانت رأس حربة العالم العربي خلال مرورها بمرحلتين متناقضتين. فقد عاش حلم عبد الناصر في توحيد الخارطة العربية وما جرته من تطلعات وآمال وانكسارات، مثل كل الأحلام الكبرى، إضافة إلى أنه عاش حلم السلام والرخاء الذي جاء به أنور السادات، وما تبعه من تقوقع وانهيار quot;مصر الكبرىquot; التي كانت في العهد الناصري.

وبعد هذه السنوات الطويلة قرر بهاء الدين أن يؤمن بالصمت والثقافة كونها الخيط الوحيد الآمن الذي يجمع هذه الوحدة العربية. وربما وجد في إسناد رئاسة تحرير العربي إليه، دون سواه من الصحافيين الكويتيين، رغم أنها مشروع حكومي وطني في المقام الأول، أبلغ دليل على ذلك.

ولم تصدر هذه المجلة الثقافية الرائدة في العالم العربي إلا بعد ورشة عمل من المحيط إلى الخليج شارك فيها مثقفون عرب من خلال ترشيحاتهم للكادر التحريري. وقد شارك فيها أيقونات من كافة الوطن العربي مثلوا كافة المشارب الفكرية مثل المفكر عبد الله القصيمي، والباحث حمد الجاسر، وأحمد النعمان، وقدري قلعجي، ونقولا زيادة، وسهيل إدريس، وعلي الطنطاوي، وآخرين.

وينتظر مثقفون عرب كيف ستكون الصيغة الفضائية لهذه المجلة التي صدرت كأنها نسخة عربية عن مجلة quot;نايشونال غرافيكquot;، مع اختلاف المطبخ وأدوات الطبخ ومقاديرها على السواء.

وتقول مصادر إيلاف إن الوزير سيستعين بخبرات مؤهلة وعالمية لتحقيق هذا المشروع مستفيداً من كونه في عهد أمير يريد أن يجعل من عصره في الحكم عصراً ثقافياً كما يقول مثقفون زاروا الكويت والتقوا أميرها الشيخ صباح الأحمد وسمعوا منه.