رانيا تادرس من عمان: قال صحافيون أردنيون لـ quot;إيلافquot; إن القرارات القضائية التي صدرت أمس، وقضت بسجن خمسة صحافيين ثلاثة أشهر،quot;تشكل ضربة حقيقية لحرية التعبير في البلاد، وهي تناقض التعهدات التي اصدرتها جهات عديدة في الدولة بحماية حرية الصحافة، ومنح الصحافيين هوامش ومساحات واسعة للمساهمة في التنمية المحلية، والكشف عن مواقع الخللquot;.
وذكرت سحر القاسم، وهي إحدى الصحافيين الذين طالتهم الأحكام أن هذه القرارات quot;خذلت الوسط الصحافيquot; وذكرت أن قضيتها quot;تتعلق بنشر شكوى من قبل مواطن ينتقد فيها القضاة وكانت موجهة لرئيس المجلس القضائيquot;، وقالت إن quot;قرار الحبس سيكون له أثره عبر تغيير سياسية التعامل مع القضايا الصحافية وحساب المصلحة الشخصية قبل مسألة الحريات، خصوصًا أن القوانين التي تقيد الحرية متعددة وقد تكون العقوبات أكثر في المرات القادمةquot;.
وقد تعرضت حرية الصحافة في الأردن أمس إلى ضربة قاصمة، بعدما قررت محكمة ابتدائية في عمان سجن خمسة صحافيين ثلاثة أشهر، بينهم رئيسا تحرير بتهم quot;ذم وقدح وتشهيرquot; في قرار قابل للاستئناف، إلا أنه يشكل أولى نتائج قانون المطبوعات والنشر الذي أقره البرلمان العام الماضي، وأثار جدلاً واسعًا، واستياء في أوساط الصحافيين والمنظمات الدولية والمحلية الناشطة في مجال الدفاع عن الحريات العامة، لأن منح القضاء حق حبس الصحافيين في قضايا النشر، ومنعه فقط من توقيفهم لحين صدور الأحكام القطعية.
وفي التفاصيل، قضت محكمة بداية عمان بالحبس مدة ثلاثة اشهر على رئيس تحرير صحيفة quot;العرب اليومquot; المستقلة طاهر العدوان، ورئيس تحرير صحيفة quot;الدستورquot; السابق أسامة الشريف، والصحافية في quot;العرب اليومquot; سحر القاسم والصحافي في quot;الدستورquot; فايز اللوزي بتهمة quot;تحقير القضاء والتعليق على قراراتهquot; المحصنة ضد النقد بموجب قانون العقوبات الاردني، وذلك تبعًا لقضية رفعها المجلس القضائي الأعلى، الذي يشكل رأس السلطة القضائية في المملكة.
كما قضت المحكمة أمس بالسجن ثلاثة أشهر على الكاتب الصحافي في صحيفة quot;الرأيquot; الحكومية عبدالهادي راجي المجالي بعدما دانته في قضية quot;ذم وقدح وتشهيرquot; رفعها ضده المدير العام السابق للمركز الأردني للإعلام، احد الأذرع الإعلامية الرسمية للحكومة، وذلك على خلفية مقال وزع على الانترنت ونشرته بعض المواقع الالكترونية الأردنية.
واعتبرت نقابة الصحافيين الاردنيين في بيان لها ان هذا القرار quot;يشكل تراجعًا سلبيًا عن حرية الصحافةquot; واعتبرت صدور هذه الاحكام مؤشر قلق، إلا في حالة فسخ محكمة الاستئناف تلك القرارات.
وشدد نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني في البيان على quot;ضرورة صون حرية الصحافة وحمايتها لتكون كما يريدها الملك عين الرقيب الكاشفة للحقيقة على أسس مهنية وموضوعية وبروح المسؤوليةquot;.
وقال المومني quot;إننا ونحن نؤكد اعتزازنا بقضائنا العادل ونحترم قراراته، فإننا في الوقت ذاته ننظر بقلق إلى صدور هذه الأحكام في قضايا الرأي، الأمر الذي ينعكس سلبًا على حرية الصحافةquot;.
وأكد أن quot;هذا يستوجب البحث الجاد في تعديل التشريعات التي لها علاقة بالعمل الصحافي لإلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر وحرية الرأي والتعبير، أسوة بإلغاء عقوبة التوقيف نتيجة إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبيرquot;.
وأبدى المومني استعداد النقابة للتعاون مع الجهات ذات العلاقة لتعديل التشريعات الناظمة للعمل الصحافي والإعلامي بما يلغي عقوبة الحبس في قضايا النشر لكل صاحب رأي تعزيزًا لحرية الصحافة وتكريسًا لدورها الرقابي وترك الأمر للمحاكم بالتعويض المالي في حال الإدانة.
وأعرب المومني عن أمل نقابة الصحافيين فيأن quot;تفسخ محكمة الاستئناف قرارات الحبس على الصحافيين الخمسة، خصوصًا وأننا شهدنا قرارات قضائية جريئة تنحاز لحرية الصحافةquot;. وطالب الصحافيون مرارًا وفي مناسبات عدة بإلغاء عقوبة السجن في قضايا المطبوعات والنشر باعتبارها quot;معيقًا لحرية الصحافة في البلادquot;.
وحققت مطالب الصحافيين العام الماضي إنجازًا مرحليًا بإقدام البرلمان الأردني على إلغاء عقوبة التوقيف قبل صدور الأحكام في قضايا المطبوعات والنشر.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قدأكد في خطاب العرش الذي افتتح به الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة في كانون الأول (يناير) الماضي أنه quot;من غير المقبول أن يسجن الصحافي بسبب خلاف في الرأي على قضية عامة، ما دام هذا الرأي لا يشكل اعتداء على حقوق الناس أو حرياتهم أو أعراضهم أو كرامتهمquot;.
يذكر أن محكمة بداية جزاء عمان كانت برأت قبل ثلاثة أشهر رئيس تحرير صحيفة المجد الاسبوعية فهد الريماوي من quot;تهمة الذم والقدحquot; بحق رئيس الحكومة السابق معروف البخيت بعد نشره مقالاً انتقد فيه الحكومة.
في هذا الاطار، أظهر تقرير محلي حول quot;الحريات الصحافية في البلدان العربية خلال عام 2007quot;، أن الأردن احتل المرتبة السابعة بين الدول العربية في مستوى الحريات الصحافية.
وبين التقرير الذي أصدره أمس مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، أن الغالبية العظمى من الدول العربية لا تزال تتحكم بقوة بالصحافة ووسائل الإعلام كافة وتعرقل استقلاليتها.
وفيما جاءت موريتانيا في المرتبة الأولى، وليبيا آخر القائمة، وقطر ثالثة وتلتها الإمارات، ثم لبنان، فالمغرب ، وجاء الأردن بحسب التقرير في الترتيب السابعquot;.
وأوصى التقرير بعدة إجراءات من أجل رفع سقف الحريات الصحافية في البلدان العربية بشكل عام، أبرزها العمل على إلغاء العقوبات السالبة للحرية في العمل الصحافي، والانتقال إلى العقوبات البديلة في الحالات شديدة الخطورة التي تتطلب العقاب.
ودعا أيضًا إلى إشاعة ثقافة الكشف عن المعلومات لدى الجهات الحكومية العربية، واحترام مبدأ quot;حق المواطن في المعرفةquot;، ودراسة إمكانية إقرار قوانين لضمان حق الحصول على المعلومات في الدول العربية، مشيدين بخطوة الأردن في إقرار أول قانون للحصول على المعلومات في العالم العربي.
وحث التقرير الدول العربية على تعديل قوانين العقوبات العربية فيما يخص قضايا الصحافة والمطبوعات لتتوافق مع المعايير الدولية، وضمان حق النقد للصحافة، وبخاصة تجاه الموظفين العموميين والشخصيات العامة وكل ذي صفة نيابية.






التعليقات