القس عمانويل: نتمنى أن تختفي النزعة المتطرفة في البرلمان الجديد
الكويتيون المسيحيون لن يصوتوا للمرشحين الإسلاميين المتعصبين

ممدوح المهيني من الكويت:
يصل القس الكويتي عمانويل الغريب يوم السبت القادم من أميركا للكويت لموعد مهم جدًا كما يراه. هذا الموعد أهم بالنسبة إليه من الاحتفال بتخرج ابنه الكبير من إحدى الجامعات الأميركية، الموعد هو اليوم الكبير للاقتراع وتشكيل مجلس أمة كويتي جديد. عندما قلت لهذا القس اللبق: quot;هل ستقطع كل هذه المسافة من أجل أن تصوّت فقط ؟!quot; أجاب: quot;بالتأكيد سآتي للتصويت، هذه مسألة مهمة، وتتجاوز مسألة صوتي الشخصي، إنها احتفالية مشتركة يقوم بها الشعب الكويتي احتفاءً بالحياة الديمقراطية التي نعيشها.
تقوم الطائفة المسيحية الضئيلة من الكويتيين في انتخابات برلمانية بالتصويت واقتراح المرشحين ، ومع أن عددهم القليل جدًا ( لا يتجاوز 350 مسيحيًا) ليس له أي دور مؤثر في مجرى الانتخابات، إلا أن مشاركتهم تأتي كعلامة مضيئة على الحياة السياسية الحرة والتقاليد الدستورية الراسخة في الكويت. فبينما تعيش الأقليات الدينية المسلمة في ظروف اضطهادية في غالبية الدول العربية ، يذهب المسيحيون الكويتيون كأي مواطنين آخرين للإدلاء بأصواتهم واختيار مرشحيهم المفضلين. يقول القس عمانويل وهو المسؤول عن الكنيسة الإنجيلية في الكويت، إنه لم يختر بعد أسماء المرشحين الذين سيكتب أسماءهم عندما يدخل غرفة التصويت، ويقول مطالبًا المسيحيين الكويتيين : quot; أدعو جميع المسيحيين الكويتيين إلى المشاركة في هذه الانتخابات، وإظهار الجانب الإيجابي من شخصياتهم quot;.
ولكن، وحتى لو كانت أصوات المسيحيين الكويتيين لا تؤثر في تشكيلة المجلس القادمة، إلا أنهم يأملون في مجلس جديد تقل فيه النزعة الأصولية التي تصاعدت في الأعوام الأخيرة. فوجود عدد كبير من النواب الإسلاميين الذي يدعون بشكل صريح إلى تحكيم الشريعة الإسلامية التي تعاملهم بالطريقة الإسلامية القديمة كquot;ذميينquot; يثير لديهم الكثير من المخاوف.
من الواضح أن الطريقة الإسلامية المتشددة قد تغلغلت إلى الثقافة الكويتية، ووصلت إلى مجلس الأمة الذي تمثل الكتل الإسلامية فيه القوة الأكثر انتشارًا وتأثيرًا. وهم يصلون إلى المجلس عن طريق استخدامهم للأساليب التحريضية والمتشددة التي تزيد من أعداد المناصرين لهم. وكل هذا يؤدي إلى تخويف الأقليات الدينية، وحتى أصحاب التوجهات الفكرية العلمانية والليبرالية.
في لقاء مع مجموعة من المسيحيين الكويتيين قالوا أنهم يرغبون في مجلس أمة جديد أكثر انفتاحًا وتسامحًا بعيدًا عن النبرة المتعصبة التي تصاعدت داخل المجلس ، وأكدوا أنهم لن يقوموا بكل تأكيد بالتصويت للمرشحين الإسلاميين المتعصبين وسيفضلون اختيار المرشحين المعتدلين المتنورين. يقول القس عمانويل: quot;نتمنى أن تختفي هذه النزعة في مجلس الأمة القادمquot;.
من المؤكد أن هذه النزعة لن تختفي في مجلس الأمة القادم، فمع اتساع الدوائر يرجح أن يحقق الإسلاميون انتصارات كاسحة بسبب دخولهم في منافسات على دوائر انتخابية كبيرة الأمر الذي يعني عددًا أكبر من المناصرين. وتدور أحاديث أن النواب الليبراليين القلة في المجلس السابق سيتعرضون ربما للسقوط بسبب ذوبان مناصريهم في بحر الجماهير المعجبة بالطرح الإسلامي. وكل ذلك سيمثل انعكاسًا على الحياة الاجتماعية والسياسية، وهو ما لا تريده الأقلية المسيحية.
في الواقع فإن المسيحيين الكويتيين يملكون حقوقهم السياسية كاملة، فمن بينهم سفراء وأطباء ووكلاء وزارات، ويحصل أولادهم على بعثات دراسية في الخارج إلا أن هذا الوضع أقل منه في الجانب الاجتماعي الذي يبدون فيه معزولين أكثر. يقول القس عمانويل: quot;الإنسان عدو ما يجهل ولكن من خلال الاحتفالات واللقاءات الصحافية نحاول أن يعرف الجميع من هم المسيحيون وبماذا يؤمنون . نحن نعيش على هذه الأرض الطيبة فلماذا لا نعيش في سلام ومحبة دون النظر إلى الاختلافات العقائدية التي تفرق بيننا. لماذا لا ننظر إلى الإنسانية التي تجمعناquot;.
ويأمل المسيحيون الكويتيون أن يتشكل مجلس أمة جديد يظهر بشخصية أكثر تسامحًا، ويركز على القضايا التي تدفع البلد للإمام ويترك القضايا الدينية والعرقية التي تثير الشقاق وتعطل المشاريع التنموية. يقول القس عمانويل: quot;أتمنى أن يكون التسامح وبناء الإنسان هدفنا. وسأصوت للمرشح الذي يدعو إلى ذلكquot;.
سيذهب الكويتيون المسيحيون إلى صناديق الاقتراع بـ quot;دشداشاتهمquot; البيضاء يوم السبت للتصويت لمرشيحهم المفضلين، وبكل تأكيد لن يكون بين هؤلاء المرشحين أحد يتمنى أن يغلق الكنيسة التي سيصلون فيها صلاة الأحد.