طلال سلامة من روما: في حديثي الهاتفي مع رجل نابغة، يدعى quot;نيكولو غيدينيquot;، واكب برلسكوني ودافع عنه في قضاياه القانونية الساخنة، التمست بعمق تمسك هذا المحامي بمفهوم ولادة مجلسين للقضاء الأعلى، الأول يشرف على القضاة والثاني على المدعين العامين.

بمعنى آخر، ينوي هذا المحامي، وهو مستشار برلسكوني الحالي في شؤون العدالة، العزل بين القضاة والمدعين العامين والمحامين. في الوقت الحاضر، يعمل quot;نيكولو غيدينيquot; يداً بيد مع وزير العدل لقلب أنسجة الأجهزة القضائية رأساً على عقب بهدف تثويرها. وأول ما يبرز من هذه الثورة الكره الذي يكنه هذا المحامي أمام خضوع المدعين العامين لمجلس القضاة الأعلى الراهن، الذي نشأ هنا موحداً للجميع. ان رضوخ المدعين العامين لمجلس القضاة الأعلى quot;مقبولquot; في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وبلدان أخرى بيد أن هذه العلاقة أظهرت تسوساً واضحاً بإيطاليا.

أعلن برلسكوني عن خريف ساخن ينتظر جميع القضاة هنا. ما صحة هذا الإعلان؟

ان الخريف القادم سيكون ساخناً على البرلمانيين وليس على القضاة. كما ثمة حلول إيجابية لكل من يريد العمل لضمان عدالة فعالة. لن تطال هذه الحلول كل من يريد ملاحقة السياسة.

تسعى منظمة القضاة الوطنية الى الدفاع عن التشريع. ما هي دوافع هذا الجدل الحاد بينكما؟

تم تعديل هذا التشريع في العام 1993(في ما يتعلق بالحصانة)، وفي العام 1999(بصورة جماعية في ما يتعلق بالمحاكمات) وفي العام 2003 بقيادة اليساريين في ما يتعلق بالفيدرالية. ان وضعنا يدنا على هذا التشريع مرة أخرى فهذا لا يعني أننا نعتدي على التمثيل القضائي. فالسياسة مجبورة على تعديل التشريع حسب الضرورات التاريخية. كيف تستطيع منظمة القضاة الوطنية اتهام ائتلاف برلسكوني باعتناقه الفاشية ان لم يقرأ أعضائها مشاريع الغالبية السياسية الحاكمة؟ ان هذا الهجوم القضائي علينا لا يخدم البلد وهو مجرد ادعاءات وهمية.

هل على القضاة أن يوافقوا أم يتقبلوا بالقوة تعديلاتكم؟

ان النقد، ولو بلهجة حادة، حق شرعي لهم. لكن التحدث عن فاشية الحكومة لها دوافع فضائحية. على القضاة أن يزنوا كلماتهم مع برلسكوني. فكل ما يفعله برلسكوني اليوم هو تطبيق لبرنامج صوته أغلبية الإيطاليين. في الحقيقة، تكمن مشكلة القضاة في أنهم لم يتقبلوا بعد فوز برلسكوني بالانتخابات!

هل لديكم مسودة متعلقة بالإصلاحات القضائية أم هي ما تزال كلاماً خال من الأفعال يصدر عن أفواهكم لأسباب دعائية؟

لم نكتب المسودة بعد. لكن وزير العدل يعمل عليها بموازاة استشارة القضاة والمحامين وتيار المعارضة قبل كتابة الصيغة النهائية. كما ترى، فإنها طريقة تحترم الجميع وتبتعد كل البعد عن اتهامات القضاة لنا، العارية من الأدلة.

هل هناك خطر مرور ايطاليا بعهد فاشي آخر؟

علينا مناقشة هذا الخطر لكن ما نفعله حالياً يضمن حقوق المواطنين ويعطي القضاة استقلاليتهم. نحن لا نحارب أحداً. فمن يحارب اليوم بإيطاليا هم القضاة الذين لا يطيقون رئاسة وزراء تحت سقف برلسكوني.

أثناء التعديل الجذري لبنية مجلس القضاة الأعلى هل تخبئون أي شيء يغدر بهم؟

كلا! أبداً! لا رغبة لدينا في الغدر بأحد منهم. ان حافظنا على منطق الاستقلالية عندئذ لا يوجد خطر على مجلسي القضاة الأعلى الذين أخطط لإنشائهما. إنها إصلاحات قضائية هامة ينبغي أن تصمد على المدى الطويل.

كما أن مجلس القضاة الأعلى(الثاني) الجديد، الذي يشرف حصراً على المدعين العامين والمحامين، سيكون بعيداً عن السياسة وإلا فان الأخيرة ستؤثر على وظيفة قضائية هامة تتعلق بقمع الجرائم. يكمن هدف برلسكوني في إبعاد المدعين العامين عن ملاحقة القضايا وفق اختياراتهم الشخصية الانتقامية. تهدف الإصلاحات كذلك الى زج كل من يرتكب جرائم ثقيلة المعيار بالسجن أو كل من يمثل تهديداً على مجتمعنا. هكذا، لن يجد القضاة ذريعة لغربلة الدعاوى القضائية واختيار الأنسب منها الى أهدافهم التمييزية.