مبارك يلتقي عباس وشتاينماير وسليمان يجتمع بحماس وعاموس
القاهرة تشهد تحركاً دبلوماسياً مكثفاً لإحتواء المواجهات في غزة

نبيل شرف الدين من القاهرة: تواصل مصر يوم السبت تحركاتها الدبلوماسية المكثفة، في مساع تستهدف وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية المحتدمة في قطاع غزة، ففي الوقت الذي اجتمع فيه الرئيس المصري حسني مبارك مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كان مدير الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان يلتقي وفد حركة حماس الذي يضم أربعة من قادتها لعرض ملاحظات الحركة على بنود المبادرة المصرية، فيما سيجتمع سليمان لاحقاً مع عاموس غلعاد المستشار السياسي لوزارة الدفاع الإسرائيلية، كما التقى الرئيس مبارك وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي يجري بعد ذلك محادثات في هذا المضمار مع مسؤولين مصريين، وصفت بأنها تتعلق بدور الاتحاد الأوروبي في آليات تنفيذ المبادرة المصرية.

أما في تفاصيل محادثات وفد حماس كشفت مصادر مصرية وفلسطينية عن أن قادة الحركة طالبوا بإدخال بعض التعديلات على بنود المبادرة المصرية.

وأوضحت المصادر ذاتها أن الحركة تريد أن تتضمن المبادرة بنداً لفتح معبر رفح والحصول على ضمانات إسرائيلية ودولية كافية بعدم معاودة القوات الإسرائيلية محاولة اقتحام غزة، مؤكدة أن حماس لن تقبل بأي تسوية لا تحقق وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية وفك الحصار على القطاع، بالإضافة إلى فتح المعابر مع ضمانات بعدم إغلاقها من جانب واحد.

وكشفت المصادر عن أنه بالنسبة إلى مصر، فإن فتح معبر رفح ليس ضمن بنود المبادرة المقترحة، وإنه يتعيّن على حماس إما قبول المبادرة كما هي وإما رفضها من دون إجراء أي تعديلات عليها، وأن النقاش ينبغي أن ينصب فقط على آليات تنفيذ تلك المبادرة وليس أسسها وبنودها الثلاثة.

من جانبه قال نبيل عمرو السفير الفلسطيني لدى القاهرة إن رئيس السلطة محمود عباس وضع الرئيس المصري في صورة الاتصالات التي أجراها في الأمم المتحدة ومع مسؤولي الإدارة الأميركية، بهدف وضع حد للتصعيد الإسرائيلي، وخاصة بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1860 الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.

كواليس المحادثات

وتسود قناعة في أوساط المراقبين المصريين بأنّ حركة حماس، وبعيداً من الحملات الإعلامية المحتدمة، سوف توافق في نهاية المطاف على المبادرة المصرية، لأنها تشكل الخيار الوحيد المتاح لإنهاء المواجهات العسكرية المحتدمة في قطاع غزة، خاصة في ظل الوضع الخاص للدور المصري في هذا المضمار، وخبراتها المتراكمة في التعاطي مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وفي هذا المضمار كشفت مصادر مصرية مطلعة، عن رسالة بعثت بها القاهرة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، مفادها أن أمامه خياراً واحداً لو كان بالفعل يرغب في وقف ما يجري في غزة وهو التعاون مع الجهود المصرية، وأشارت المصادر ذاتها إلى أن مدير المخابرات المصرية، عمر سليمان، خاطب مشعل في رسالة بعث له بها أخيراً، قائلاً : quot;ساعدونا حتى نستطيع مساعدتكمquot;، حسب المصادر.

وعن احتمال إجراء تعديلات على المبادرة المصرية كي تنال موافقة حماس، أوضحت المصادر ذاتها أنّ القاهرة تسعى إلى إقناع قادة حماس بقبول تلك المبادرة من دون إجراء تعديلات جوهرية عليها، وحذّرت من أنه في حال إصرارهم على الرفض، فإنها سوف تواجه قراراً مصرياً بتجميد اتصالاتها معها، مؤكدة أن مصر معنيّة بوقف المواجهات في غزة، وأنها صاحبة مصلحة في وقفه فوراً بالنظر إلى ما يحمله من مخاطر على حدودها وأمنها القومي فضلاً عن دورها الإقليمي.

ويتألف وفد حركة quot;حماسquot; من جمال أبوهاشم عضو المجلس التشريعي وأيمن طه وصلاح البردويل القياديين في الحركة، وسبق لوفد من الحركة ضم كلاً من: عماد العلمي ومحمد نصر عضوي المكتب السياسي للحركة أن التقى في القاهرة يوم الثلاثاء الماضي الوزير عمر سليمان مدير المخابرات المصرية.
وفي سياق ذي صلة أكد دبلوماسيون أوروبيون أنّ القاهرة لا تزال غير مستعدّة لتقديم أي تنازل في بند استقدام قوات أجنبية إلى حدودها مع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية والحركة الإسلامية، وهو ما دفع بأحد الدبلوماسيين إلى القول إن محادثات الهدنة لا تتحرك في الوقت الراهن، وهناك شعور متنامٍ بأن الخطة المصرية ـ الفرنسية لن تنجح.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية، فإن الجهود المصرية للتوسط لوقف إطلاق النار في غزة شهدت خلافات مع إسرائيل على كيفية تأمين الحدود لمنع حماس من إعادة تسليح نفسها، وبدلاً من استقدام قوات أجنبية لضبط الحدود، فإنّ القاهرة أبلغت إسرائيل والاتحاد الأوروبي، استعدادها لتلقي المزيد من المساعدات التقنية الأوروبية لمساعدة قواتها على التصدي لتهريب السلاح عبر الأنفاق الممتدة عبر الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة.