يواجه شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي حملات حادة إثر قراره بمنع ارتداء النقاب في المعاهد الازهرية، قد تصل إلى مثوله أمام القضاء... ففي الحين، رأى مقرّبون منه أنّ قراره مبرّر وأن النقاب حوله يثير جدلاً فقهيًّا، إعتبرحقوقيون وإسلاميونأنّ إرتداء النقاب حرية شخصية، وشيخ الأزهر يدعم بموقفه العلمنة ويسيء الى المؤسسة الدينية التي يمثلها. فتصاعدت حدة الانتقادات على موقع quot;الفايس بوكquot;، داعية المنقبات الى الاحتجاج لنقض القرار.

القاهرة: أثار قرار شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي عزمه منع ارتداء النقاب في المعاهد الأزهرية ردود فعل قوية في الشارع المصري. وفي الوقت الذي وصف فيه أزهريون قرار شيخ الأزهر بأنه quot;سليم quot; بدعوى ان النقاب لا مبرر له في ظل ان الأزهر لا يسمح بالاختلاط، وصف إسلاميون القرار بأنه quot;حرب على الإسلام quot; يقودها شيخ الأزهر لصالح العلمانيين، واعترض حقوقيون على القرار مؤكدين انه يتعارض مع الحريات الشخصية.

وقد أصدر الأزهر بحسب موقع quot;العربية.نتquot; قرارًا بحظر ارتداء النقاب داخل المعاهد التابعة له، تاركًا خيار ارتدائه خارج الفصول الدراسية أمرًا شخصيًّا، وذلك بعد ان فوجئ شيخ الازهر خلال جولة تفقدية للمعاهد الأزهرية، بطالبة أزهرية في الصف الثاني الإعدادي ترتدي النقاب في الفصل. فما كان منه إلا ان عنف الطالبة وأمرها بخلع النقاب قائلاً ان quot;النقاب عادة وليس عبادةquot;... وعندما امتثلت الطالبة لأوامر الشيخ وخلعت نقابها وكشفت عن وجهها، قال لها الشيخ quot;امال لو كنت جميلة كنت عملت ايهquot;. وهو ما استفز إحدى المدرسات التي تصادف وجودها بالفصل، فقالت له ان الفتاة لم تخطئ ولم ترتكب ذنبًا بارتدائها النقاب، وquot;إن الطالبة تقوم بخلع نقابها داخل المعهد لأن كل المتواجدات فيه فتيات، ولم تقم بارتدائه إلا حينما وجدت فضيلتك والوفد المرافق تدخلون الفصلquot;. فرد عليها الشيخ طنطاوي الذي تجاوز الثمانين عامًا، بالقول quot;انا أفهم في الدين اكثر منك ومن اللي خلفوكيquot;.

تأييد ازهري
قال محمد عبد العزيز واصل، وكيل شيخ الأزهر لـ إيلافquot;، ان موقف شيخ الأزهر من النقاب ومنعه داخل المعاهد الأزهرية له مبرر ويهدف الى صالح العملية التعليمية ولا يتعارض في الوقت نفسه مع الدين. مشيرًا إلى أنّه يدور حولالنقاب جدل فقهي ولم يذكر في القرآن الكريم، ويجب ان تكون الفتاة واضحة الرؤية في الفصل. وأضاف الدكتور عبد العزيز في حديثه مع quot;إيلافquot; ان شيخ الأزهر يعتبر النقاب حرية شخصية لكن خارج جدران المعاهد الأزهرية، حيث لا توجد حاجة إلى ارتدائه خاصة ان الأزهر يمنع الاختلاط بين الجنسين، quot;عندما توجد الفتاة في المعهد فهي لا تكون في الشارع او المنزل، لانها تكون في المعهد وسط زميلاتها فقطquot;.

واتفق محمود عبد السلام، موجهًا في قطاع المعاهد الأزهرية، قائلاً إنّ اquot;لنقاب ليس مرفوضًا ولا مفروضًا، لا يعتبر حرامًا كما انه ليس مفروضًا على كل امرأة بارتدائه بعكس الحجاب الذي فرضه الله سبحانه وتعالىquot;. وأضاف عبد السلام لـquot;إيلافquot; ان ارتداء النقاب في المعاهد الأزهرية قد يكون quot;أمرًا غير مستحبّquot;، نظرًا للقاعدة التي تعمل بها هذه المعاهد وهو عدم الخلط بين الجنسين، حيث لا توجد في معاهد الفتيات إلا الفتيات فقط وكذلك الأولاد، حتى انه لا يسمح للمدرسين الرجال بأن يقوموا بالتدريس في معاهد الفتيات. واستدرك قائلاً quot;ولكن قديستحب ارتداؤه في الشارع خاصة للفتاة صاحبة الجمال الأخاذ الذي يمكن ان يفتن الرجالquot;.

ويعتبر شيخ الأزهر النقاب من العادات المستوردة وليس له مكان في الشريعة الإسلامية، وأن مثل هذه الأفكار بعيدة كل البعد عن أصول الدين ومنهجه، ويفترض في الأزهر مدرسة الوسطية الإسلامية البعيدة عن الغلو والتشدد.

امكانية التصعيد القضائي والحقوقي
بيد ان قرار شيخ الأزهر تزامن مع قرار آخر لوزير التعليم العالي هاني هلال يحظر تسكين المنقبات في المدن الجامعية، هذا على الرغم من عدم وجود قانون يمنع الطالبات من ارتداء النقاب، quot;مما قد يضع شيخ الأزهر ووزير التعليم العالي في موقف حرج أمام القضاء إذا حملت المتضررات الأمر الى المحكمةquot; حسبما قال المحامي المثير للجدل نبيه الوحش.

وقال نبيه الوحش لـquot;إيلافquot; ان منع النقاب ليس له أساس قانوني، مشيرًا الى ان النقاب يدخل تحت بند الحريات الشخصية، وأعلن الوحش انه تبنى قضية المنقبات ضد وزير التعلم العالي، مضيفا ان هذه القضايا نتيجتها مضمونة، وسبق ان قضت المحكمة للعديد من المنقبات بحقهن في ارتداء النقاب، مؤكدًا ان قرارات شيخ الأزهر ووزير التعليم العالي تعد انتهاكًا صارخاً للحكم النهائي الصادر عن دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا فى 9 أيلول/يونيو 2007، والذي قضى بعدم جواز فرض حظر مطلق على ارتداء النقاب في الأماكن العامة، لأنّ ذلك مخالف للحريّة الشخصيّة والحق في المساواة للذين يكفلهم الدستور.

وكان عدد من الطالبات المنتقبات قد تظاهرن على مدى اليومين الماضيين أمام المدينة الجامعية بالجيزة؛ احتجاجًا على تصريحات الوزير التي أكد فيها أنه لن يسمح بدخول المنتقبات إلى السكن الجامعي، وصرحت مديرة المدينة الجامعية للطالبات بهيجة أبو العينين لعدد من وسائل الإعلام بأن عدد الطالبات المغتربات اللاتي سيحرمن من السكن هذا العام، بسبب ارتدائهن النقاب يتجاوز المئة طالبة، وأن قرار الحرمان من السكن سيسري على جميع المنتقبات، حتى وإن وافقن على خلع النقاب داخل السكن.

وقد أعلنت جمعيات حقوقية تضامنها مع المنقبات في اي خطوة قانونيّة مثل المبادرة المصريّة للحقوق الشخصية، وقالت في بيان وصل إلى quot;إيلافquot; نسخة منه، انها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية في حال الإصرار على تطبيق السياسة التعسفية؛ بحرمان الطالبات من حقوق السكن على أساس معتقدات الطالبات وأفكارهنquot;.

...حرب على الاسلام
وعلى الجانب المقابل وصف إسلاميون قرار شيخ الازهر ووزير التعليم العالي بأنه حرب على الإسلام، وناشدوا المنقبات بـquot;تنظيم وقفات احتجاجية واللجوء إلى القضاءquot;، كما جاء في سياق تعليق النائب الاخواني سيد عسكر. وقد طالب النائب حمدى حسن، عضو كتلة الإخوان بمجلس الشعب، بعزل شيخ الأزهر الشريف وأكد حسن فى سؤال برلماني توجه به إلى رئيس الوزراء، أن quot;هذا طنطاوي أصبح يسيء إلى الحكومة وللمؤسسة الدينية التى ينتمى إليهاquot;. وتساءل النائب قائلاً quot;بأي حق سيصدر شيخ الأزهر قرارًا بمنع المنقبات سواء كن معلمات أو طالبات من دخول المعاهد الأزهرية، مبيّنًا أن فضيلته نسي أنه يزور معهدًا دينيًّا وسيجد فيه عددًا كبيرًا من المنتقبات. فإذا أراد أن يزور معهدًا ولا يرى منتقبات ولا محجبات فعليه أن يزور معهدًا للرقص الشرقي وحينها لن يجد منتقبة واحدة ولن يجد نفسه مضطرا لأن يصدر قرارا بمنع النقاب.

استهزاء الكتروني
تحت عنوان quot;منع النقابquot; توالت ردود أفعال قوية على الموقع الاجتماعي الشهير quot;الفايس بوكquot;، واستهجنت الردود الأولى للزوار على المنتدى موقف الشيخ الأزهر من النقاب، وتعجبوا من منعه داخل المعاهد الأزهرية، quot;بدلاً ما يمنع شيخ الازهر الجينز الضيق والباديهات والاسبانش اليهودى ؟ quot;، حسبما قالت ايات عبد الرحمن، مضيفة quot;ولا هي الديمقراطية فقط في منع النقاب !!quot;. ووصف آخر تصرف شيخ الأزهر بأنه quot;لا يليق من رجل يفترض ان يكون قدوة حسنة يقتضى به جميع المسلمينquot;. وبلغت السخرية من قرار شيخ الازهر أقصاها بمطالبة احد الاشخاص شيخ الأزهر بأنّ يسمح للطالبات بالدخول الى المعاهد بشنطة الماكياج بدلاً منحقيبة الكتب، قائلاً quot;كان من باب اولى ان يصدر قرار بالدخول الباديهات والجينز، وبدلا من شنطة الكتب شنطة الماكياج quot;. ودعا ناشطون على الموقع المنقبات الى تنظيم وقفة احتجاجية أمام الأزهر الشريف وجامعة الأزهر تنديدًا بالقرار.