القوة وكراهية العرب والتطرف القومي جوازه للحكومة
ليبرمان الظاهرة الأبرز للإنتخابات الإسرائيلية

سلاح الجو الإسرائيلي لن يساعد كالمطلوب في الحرب القادمة

نساء عربيات يطمحن لدخول الكنيست الإسرائيلي

نتنياهو حول إرثه إلى نموذج للسياسة الإنهزامية

الإندبندنت: إنتخابات إسرائيل تضع المنطقة في منعطف

نضال وتد من تل أبيب: مع بدء المعركة الانتخابية الحالية في إسرائيل كان حزب أفيغدور ليبرمان، يعتبر واحدًا من الأحزاب التي تدور في فلك الليكود، والمرشحة لزيادة قوتها الانتخابية، بفعل القاعدة الأساسية لحزب ليبرمان وهي المهاجرون من أصول إسرائيلية، من جهة، وبفعل المواقف الأكثر تطرفًا التي انتهجها ليبرمان وخصوصًا بالنسبة إلى كل ما يتعلق بالسياسة الواجب إتباعها تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، والمشادات الكلامية وتراشق الاتهامات الفظة بينه وبين أعضاء الكنيست العرب، وفي مقدمتها دعوته أكثر من مرة إلى تصفية النواب العرب أو طردهم إلى سوريا ولبنان وغزة، كلما عبر هؤلاء عن تضامن مع سوريا أو لبنان أو الفلسطينيين.

ومع أن كثيرًا من المحللين في إسرائيل، اكتفوا بتفسير ظاهرة ليبرمان بانسياق المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف وبكون هذه الانتخابات الأكثر يمينية في إسرائيل، كما كتب المحلل المخضرم ناحوم برنيع في عدد الجمعة، إلا أن شعبية ليبرمان تبقى محاطة بهالة من الغموض والسحر، وخصوصًا أن مواقفه العنصرية والمتطرفة، كانت موجودة دائمًا في الكنيست الإسرائيلي منذ تأسيس حزب quot;هتحياةquot; في أوائل الثمانينات، مرورًا بحزب تسومت، وحزب زئيفي وغيره.

وفي هذا السياق تقول كسانيا سفيتلوفا، الصحافية الإسرائيلية من أصل روسي والتي تعم مراسلة في التلفزيون الإسرائيلي باللغة الروسية quot;إن سر نجاح ليبرمان وقوته ليست مبنية فقط على قوة الناخبين الروس، صحيح أن هؤلاء يعتبرون ليبرمان قصة نجاح وأنه quot;واحد مناquot; نجح في الاندماج في المجتمع الإسرائيلي والانخراط في الدولة الجديدة والوصول لقمة الهرم في الوطن الجديد لكن هذا ليس كافيا لوحده لتفسير ظاهرة ليبرمان. وهي تضيف أن الإسرائيليين العاديين ( باستثناء النخب الإشكنازية التقليدية) من مختلف طوائف وجماعات المجتمع الإسرائيلي تعلن عزمها التصويت لليبرمان لأنه أثبت أنه quot;رجلquot; فهو يقول بصوت مسموع وعلى رؤوس الأشهاد ما يفكر به بقية رجال السياسة في إسرائيل ولا يجرؤون على الجهر بهquot;.

وفي هذا السياق فإن ليبرمان يملك رصيدًا وسجلاً لا يخجل به، فهو طالب مثلاً أكثر من مرة بقصف سد أسوان، وإلقاء قنابل ذرية على إيران، وإطلاق الرصاص على أعضاء الكنيست العرب في محاكم ميدانية، لكن كسانيا سفيتلوفا، تستدرك وتقول إن ليبرمان يمثل عمليًا نسخة من حزب الليكود، وهو جاء من الليكود، ولا يطرح نفسه على أنه مرشح روسي بل يصر على هويته الإسرائيلية، وهو يصر على الحديث بالعبرية في الاجتماعات الانتخابية حتى لو كان الجمهور بأكمله من أصول روسية، مع ذلك تعترف سفيتلوفا أن ليبرمان يجسد لدى الناخب من أصول روسية ما يقوله مثل روسي بأن الرجل الثمل يقول كل ما يفكر به، مع فارق أن ليبرمان يطرح مواقفه وهو في كامل وعيه، وهو يشكل للناخب الإسرائيلي بما في ذلك الناخب من أصول روسية الرجل القوي الذي لا يخاف، والذي يدرك أن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة وبالتالي يجب التعامل معهم بهذه اللغة. وعندما يقول ليبرمان في دعايته الانتخابية إنه يفهم العربية فهذا بالضبط ما يقصده من هذه الدعاية. وكثير من الإسرائيليين يعتقدون اليوم، أنه لا يوجد في إسرائيل قائد سياسي يملك هذه الصفات باستثناء ليبرمان.

ومع أن كسانيا سفيتلوفا ترى أن كثيرًا من الغبن يتم إلحاقه في إسرائيل بالمهاجرين من أصول روسية عند اتهام ليبرمان بأنه يحظى أساسا بالتأييد منهم، وتقول إن أصوات الناخبين الروس تتوزع على غالبية الأحزاب، صحيح أنهم لا يتجهون نحو أحزاب اليسار، ولكن ذلك نابع من تجربتهم المريرة في الاتحاد السوفيتي وبالتالي فإنهم يبتعدون عن كل حزب اشتراكي، لكنهم مع ذلك يدركون وبفعل ما عانوه في روسيا وبلدانهم الأصلية، أن عليهم في إسرائيل حتى يضمنوا اندماجهم في الوطن الجديد اعتماد واتخاذ مواقف quot;أكثر وطنية وأكثر قوميةquot; وأكثر تشددا تجاه العرب في إسرائيل وتجاه الفلسطينيين بشكل عام ومسألة التسوية مع الدول العربية.

في المقابل يرى الكاتب والمحلل السياسي مرزوق حلبي أن تعاظم قوة ليبرمان ينبع إلى حد كبير من المضامين العنصرية ضد العرب والتي يتم نشرها في الصحافة الروسية في إسرائيل وهو يقول في هذا السياق لإيلاف: quot;من العوامل التي أنتجت ظاهرة ليبرمن ما هو متعلّق بتاريخ الظاهرة السياسية في إسرائيل. فالعداء للعرب متأصّل في كل السياسات لأن إسرائيل قامت على أساس نفي العربي وتغييبه. لإضافة إلى ذلك فإن ليبرمن شخّص عقدة الخوف اليهودي من العربي وأذكاها إلى آخر ما يستطيع. يلتقي ذلك مع نزعة يمينية داخل المهاجرين الروس في إسرائيل الذين لم يأتوا لأسباب أيديولوجية صهيونية بل لأسباب اقتصادية. وهم يحاولون الانخراط بالمجتمع الإسرائيلي من يمينه والعداء للعرب إثبات على التوجهات اليمينية. وهناك، أيضا، نزعة احتجاج بين المهاجرين الروس على تعامل النخب والمجتمع الإسرائيلي معهم يعبرون عنها بدعم توجهات عنفية استئنافية كامنة في طروحات ليبرمن. أما كونهم جاءوا من روسيا ومروا في التجربة الإسرائيلية فقد يكونون تواقين للرجل القوي ممثلا بليبرمان وأطروحاته التسطيحية.

ولا ننسى أن المجتمع الروسي في إسرائيل يعبّر عن نزعات انعزالية تتجسّد هنا في الانضواء تحت لواء حزب يتحدث إليهم بالروسية. وجدير بالإشارة هنا أن الصحافة باللغة الروسية في إسرائيل تتميز بلهجة عنصرية بغيظة تجاه العرب داخل إسرائيل وخارجها. إذن، هناك عدة عوامل تجعل صوت ليبرمن مقبولا ليس بين الروس فحسب بل بين أوساط واسعة في الفئات الإسرائيلية المتوسطة والمسحوقةquot;.

أما الصحافي يؤآف شطيرن، العامل في صحيفة هآرتس فيلفت إلى أن تعاظم قوة ليبرمان عدا عن قوته التي كان يملكها وتلك التي تنبأت بها الاستطلاعات قبل الحرب على غزة، هي في واقع الحال أحد الإرهاصات الأساسية للحرب على غزة. فالحرب على غزة، وبعد انتهاء المعارك، سحبت الأصوات والناخبين من الأحزاب الكبيرة لصالح ليبرمان.

ويضيف شطيرن إن الحرب أعادت المجتمع اليهودي في إسرائيل لحالة من الذعر والخوف والشعور بأنه هو المحاصر وهو الموجود في خطر، وبالتالي فإن الالتفاف حول ليبرمان جاء بفعل تزاوج الخطر من وجهة النظر اليهودية ، سواء كان مصدر هذا الخطر هو الفلسطينيون في قطاع غزة، أم الفلسطينيون في إسرائيل. استطاع ليبرمان بدعايته الانتخابية أن يوظف عامل الخوف من جهة وعامل الحاجة للقوة والقمع كرد على مصادر الخطر الداخلي والخارجي، حتى يكسب التأييد في الشارع اليهودي الإسرائيلي وليس فقط عند الناخبين من أصول روسية.

ومع أن شطيرن يقر بأن الإسرائيليين من أصول روسية يشكلون قاعدة ليبرمان الأساسية إلا أنه يرى بأن خطاب ليبرمان اليمين، وجنوح المجتمع الإسرائيلي ككل نحو اليمين، وتداعيات الحرب على غزة واستثارة المشاعر القومية من جهة وللغة القوة مقابل التردد والعجز الذي يبديه الساسة في إسرائيل، من وجهة نظر الناخب الإسرائيلي، كلها تدفع بالناخب اليمين في إسرائيل، الذي يريد ممثلاً يخاطب العرب بالقوة ومن داخل الحكومة يتجه للتصويت لليبرمان.