مراقبون تساءلوا عن دور محتمل لجهاز مخابرات عربي
مرجعيات أردنية مستاءة من quot;الفتنة الجوالةquot;

هناك نحو 300 الق لاجئ فلسطيني في الأردن

عامر الحنتولي- إيلاف: لا يتوانى ساسة أردنيون عن إعتبار بضعة مقالات نشرت على مواقع إخبارية إلكترونية مؤخرًا تطالب بإعادة الأردنيين من أصول فلسطينية إلى أوطانهم، وسحب جنسياتهم منعًا لتوطينهم في الأردن، أنها عائدة إلى رغبة جهاز إستخبارات عربي في بلد مجاور للأردن، يتبعه حزب عسكري في بلد عربي آخر العمل على إثارة الفتن، والقلاقل في الأردن الذي إحتفل على مدى الأسابيع الفائتة بعيد الإستقلال، والذكرى العاشرة لتولي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، خصوصًا وأن العاهل الأردني في الآونة الأخير قد أصبح محور الجهد العربي والإسلامي دون أن تتورع دولاً في الإقليم عن المسارعة لإبرام تفاهمات سياسية مع القيادة الأردنية لطي صفحة الأزمات والخلافات، بل وتكليفها الإسهام في إطفاء خلافاتها مع دول أخرى كما حدث مؤخرًا بين الأردن وقطر ومصر.

إضافة إلى ذلك كله الدور الدولي للأردن للحيلولة دون نعي عملية السلام في الشرق الأوسط، إذ تؤكد مصادر خاصة لـquot;إيلافquot; أن الرئيس الأميركي باراك أوباما هاتف العاهل الأردني أمس نحو الساعة لإطلاعه على آخر الحراك الأميركي في شأن عملية السلام، إذ إن الثابت حتى الآن أن دولاً في الإقليم لا يروق لها تصاعد الدور الأردني ومحوريته، لذلك لا يستبعد أن يكون الأردن مستهدفًا للتشويش عليه خلال المرحلة المقبلة.

يقول سياسي أردني رفيع لـ quot;إيلافquot; فضل عدم الكشف عن إسمه quot;أنه في الوقت الذي ينزل فيه الملك عبدالله الثاني الى أرض الملعب الذي خصص لإقامة احتفال وطني وجماهيري فإنه لم يسأل عن أصول أفراد التسونامي البشري الذي هب بإتجاه الملك لمصافحته والسلام عليه، كما أنه لم يطلب من فريقه المرافق فرزهم الى أردني أصولاً أو فلسطيني مكتسب للجنسية الأردنية، لأن هذا الأمر ليس في نهج الملك أبدا... الملك حين يطلب من شخصية تأليف وزارة فهو لا يسأل عن أصول الوزراء... الملك الراحل حسين بن طلال حين خطب لإبنه الملك الحالي فتاة أردنية من أصول فلسطينية لم يكن هذا الأمر عائقًا أمام تمام مسألة الزواج... أنا أتوقع وأترقب تدخلاً ملكيًا للجم تلك الأصوات، لأن ما كتب مؤخرًا عن سحب الجنسيات وطرد الفلسطينيين ليس حرية رأي ولا نقدًا مباحًا للسياسات... لأن معايير الولاء والإنتماء متحققة في الفلسطينيين الذين كسبوا الجنسية الأردنية قبل نحو خمسة عقود كما أن أبناء الضفة الغربية قد اختاروا الوحدة مع الأردن في وطن واحد حتى قبل سقوطها بيد اسرائيل بنحو عقدين... هذا جنون... هذه فتنة... ينبغي أن يكون هنالك موقفا رسميا صارما لأن السكوت على خطورة مقالات من هذا النوع يفتح المجال واسعا أمام ما لايحب أحدا في الأردن رؤيته أو سماعهquot;.

وإذ ذاك فقد كان لافتا فعلا ألا تلتقط النخبة الأردنية إشارة مهمة جدا وردت خلال الخطاب الإحتفالي الذي ألقاه الملك قبل يومين، قال فيه أن المرحلة الماضية ndash;قاصدا سنواته العشرفي الحكم- شابها الكثير من الأخطاء والتقصير، وأنه لا بد لذلك من مراجعة وتقييم لتلافيها في المستقبل، إذ قصد الملك أن أمورًا كثيرة ستتبدل وتتغير نحو الأفضل بما في ذلك آلية تأليف الوزارات في الأردن، وقانون الإنتخاب، وإعادة تعريف قضية الحريات في إتجاهات كثيرة، لأنه أسيء إليها من جانب أطراف داخل الأردن وجدت في أنموذج التسامح الداخلي مدخلاً لبث الفتنة والشقاق، وشرخ الوحدة الوطنية التي ظلت على مدى العقود الماضية أحد أبرز عوامل الإستقرار الأمني والسياسي الذي مكن الأردن من انتهاج سياسة متوازنة في الداخل والخارج أهلته بإستمرار للعب دور محوري.

يتساءل سياسي أردني آخر في إتصال مع إيلاف عما أسماه quot;سر الصمت الحكومي رغم استياء مرجعيات سياسية مهمة من مقالات تفتح الباب واسعا أمام استفزازات وإهانات بإسم حرية الصحافة والإعلام توجه لأكثر من نصف الأردنيين، تطعن في ولائهم للبلد والقيادة السياسية ، بل وتطالب بفرزهم وطردهم وسحب جنسياتهم... بعض هؤلاء الكتاب المرتزقة طالبوا ببيان سياسي رخيص ووضيع النصرة من الرئيس السوري بشار الأسد لمنع ما يسمونه التوطين في الأردن... لم نسمع فلسطينيًا واحدًا يرغب في التوطين... حتى الفلسطيني الذي ينال الجنسية الأميركية ويصل الى أعلى المراتب الوظيفية على أراضيها لا ينفك عن الذهاب الى المعارض والمؤتمرات التي تقام هناك نصرة ودعما للقضية الفلسطينية... كيف تسمح الحكومة الأردنية لكاتب مرتزق أن يهاجم الإستثمارات السعودية والخليجية ويصفها بأنها تبني وتنهب... ماذا عن الأمن الإقتصادي للأردن لو هاجرت تلك الإستثمارات بحثا عن بيئة بيئة لا تتهم فيها بالنهب... أليست سلامة الإقتصاد جزءًا من أمن الدولة الأردنية الآمنة والمستقرة... ماذا يعني ذكر آل الحريري تحديدًا سوى أوامر مخابراتية من بلد عربي أشبعنا شعارات قومية لم تكن سوى عنتريات ما قتلت ذبابة ولم نسمع رصاصة واحدة انطلقت من جبهتهم مع إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على غزةquot;.

يبقى الطريف والمحير في القضية أن هؤلاء الكتاب الذين أثاروا الفتن والعنصرية البغيضة ndash;بحسب تعليقات على مقالاتهم في المواقع الإلكترونية- قد لجأوا الى نشر مقالاتهم في موقع quot;عمونquot; الإخباري الإلكتروني أحد أشهر المواقع الإخبارية التي انتشرت وذاع صيتها في الأردن مؤخرا، رغم أن هؤلاء الكتاب يزعمون أن أنصارهم بالآلاف ممن يريدون أطروحاتهم، وهو ما دفع جهات اعلامية داخل الأردن الى التساؤل عن سر عدم وجود موقع إخباري خاصا بهم لنشر مقالاتهم وأخبارهم، إذ إن دخول أنصار بالآلاف يوميًا لموقع ما من شأنه أن يصبح استثمارًا ناجحًا يدر أرباحًا هائلة من المعلنين الذين يقتفون أثر المواقع الشعبية والناجحة كعمون مثلا، إذ أن عدم وجود موقع لهم واستجداء نشر مقالاتهم في مواقع أخرى هو أمر يقود الى الإحاطة علمًا بأن هذه الأقلام لا تملك أي شعبية، ولا تملك القدرة على التغيير من أي نوع، وهو ما قد يفسر الصمت الحكومي على مقالات كهذه، لأن السلطات الأردنية قد شبعت وملت على الأرجح من صنع أبطال خلال العقود الماضية من خلال محاكمتهم وسجنهم، الأمر الذي يحولهم الى أبطال عادة، إذ يكمن التفكير الحكومي على الأرجح في اتباع مقولة (قلة الرد هي أفضل رد).

يشار الى أن رجل الأعمال المرموق رجائي المعشر كان قد طرد أحد كتاب تلك المقالات العنصرية من وظيفته في المؤسسة الإعلامية التي يملكها (جريدة العرب اليوم) بعد أن اكتشق ndash;كما تردد أردنيًا وقتذاك- بعد أن اكتشف توريطه لمؤسسته الإعلامية في مسائل لا تمت للنزاهة والمصداقية المهنية بأي صلة، واكتشاف صلته ببعض السرقات وقضايا الفساد في المؤسسة ذاتها، قبل أن يعهد المعشر بقيادة الصحيفة الى الإعلامي المخضرم طاهر العدوان مؤسس صحيفة العرب اليوم التي يلجأ إليها النخبة في الأردن، ومدير التحرير فهد الخيطان الذي يعتبر بشهادة كثيرين واحدا من أبرز كتاب الأعمدة في الأردن.