لم ينجح حزب البعث الذي يدعو الى الوحدة العربية في تحقيق اي اتحاد حتى بين الدولتين اللتين تسلم مقاليد السلطة فيهما: سوريا والعراق.&تاسس حزب البعث رسميا في دمشق عام 1947 على يد اثنين من المدرسين في العاصمة السورية، تابعا دراستهما في فرنسا، هما ميشال عفلق المسيحي الارثوذكسي وصلاح الدين بيطار المسلم السني.
&واضافة الى دعوته من اجل الوحدة العربية سعى حزب البعث في بداياته لتحقيق دخول الفتيات الىالمدارس وفرض استخدام المعزل في اقلام الاقتراع والتنمية في الارياف كما نادى بالعلمانية. وقد انتشر في الدول العربية.
&عام 1954 انضم حزب البعث الى الحزب الاشتراكي العربي بقيادة اكرم الحوراني واتخذ الاسم الذي عرف به فيما بعد وحتى اليوم وهو حزب البعث العربي الاشتراكي وشعاره "وحدة، حرية، اشتركية".
&في 8 شباط/فبراير عام 1963 قام البعثيون في العراق بانقلاب اطاح بحكم عبد الكريم قاسم. وبعد شهر واحد وصل حزب البعث في سوريا الى السلطة بواسطة انقلاب.&وللمرة الاولى في تاريخ البلدين تسلم حزب اشتراكي وحدوي مقاليد الحكم في العاصمتين مما كان يبشر باحتمال اتحاد الدولتين. لكن الخلافات بدات الظهور بسرعة: فقد اصر البعث العراقي على وحدة مفتوحة لكل الدول العربية "التقدمية" فيما ارادت دمشق وحدة ثلاثية تجمع مصر الى سوريا والعراق.
&وفي سوريا بدا صراع بين العسكرييين والمدنيين في حزب البعث ممثلين بعفلق وبيطار.
&عام 1966 تم نهائيا استبعاد "المدنيين". فيما شهدت سوريا ثمانية انقلابات على رئاسة حزب البعث والدولة ما بين العام 1963 و1970.
في 17 تموز/يوليو عام 1968 استعاد حزب البعث السلطة في بغداد بحلة جديدة مؤكدا انه يتمتع بدعم مؤسسي الحزب الذين حكم عليهم حزب البعث في سوريا بالاعدام . وبدات العلاقات بين الحزبين "الشقيقين" تسوء.
&عام 1975 وقعت القطيعة بين الحزبين لثلاثة اسباب: معارضة سوريا للاتفاق العراقي-الايراني ومساندتها لتمرد الاكراد، ثم اشتداد الصراع على تقاسم مياه نهر الفرات، واخيرا قبول سوريا بحل تفاوضي لازمة الشرق الاوسط. وبلغ التنافس بينهما ذروته مع اندلاع الحرب الاهلية في لبنان (1975-1990).
&مجددا عاد التقارب بين سوريا والعراق مع معارضتهما، اسوة بغالبية الدول العربية الساحقة، لاتفاقات السلام المصرية-الاسرائيلية في كامب ديفيد عام 1978 لدرجة طرح فكرة الاتحاد فيما بينهما.&لكن فورة التقارب هذه لم تدم طويلا وتوترت العلاقات نهائيا مع تسلم صدام حسين السلطة في العراق في تموز/يوليو عام 1979.
&عاش ميشال عفلق في العراق حتى مماته عام 1989 في باريس وتم دفنه في بغداد التي اعلنت سلطاتها الحداد فيما لم تبد سوريا اي اهتمام.&اما صلاح الدين بيطار فقد جرى اغتياله في باريس عام 1980. وكان قد اعلن قبل سنوات "في الحقيقة لم يعد البعث موجودا لا في سوريا ولا في العراق".