أمين الإمام
&
&

اصِفوا وفسِّروا وأوضِحوا: ما هذا الزمن الذي نعيشه (؟).
ما زلنا في بدايات الألفيّة الثالثة، ومع ذلك يزداد الزمان قسوةً ووحشة، فتنقلب "الآيات" رأساً على عقب.
من "الغرب" تأتي "الشمس"، هذا هو رأيهم، ولا تجادلونهم. تلك الشمس تسطع بلون "بمبي"، ومن جديد لا تجادلونهم (!).
لا تهتموا للتاريخ، ولا تنتبهوا لتراث الأمم وحضاراتها، الماثلة منذ آلاف السنين، والمتوارثة في عقول وقلوب الشعوب حتّى اليوم، فكلّ التاريخ والإرث الإنساني والحضاري، بلا أهمِّية في نظرهم، لأنّهم وحدهم بُناة هذا العالم، وبوصلة حاسمة ونهائيّة لحضارته الراهنة، التي تلغي كلّ ارتباطات الماضي والتاريخ (لا أحد يستطيع تجاوز سقفهم الخرافي!).
هل فهمتم شيئاً، وهل عرفتم من هؤلاء (؟).
لا أعتقد أنّ بالأمر، ثمّة غموضٌ ومصاعب، فهو واضحٌ وضوح الشمس (بالطبع، لا أقصد شمسهم ذات اللون "البمبي"!).
هذا هو الزمن الذي نعيشه وأعنيه، وهؤلاء هم طُغاته وجبابرته... و"قياصرته وفراعنته" (!).

[#].....................

المغلوبون في هذا الزمان، لا تسلِّي عقولهم، وتُضحك قلوبهم، سوى فضائح المُسمّون اعتباطاً بـ"الكبار". ومن تلك الشرذمة، يوجد من تعرفونه جيِّداً، ويُسمَّى بـ"جورج دبليو بوش"، أو "جورج (وور-War) بوش". ففي أوج استيائه، من الحملة القانونيّة والبرلمانيّة المنظّمة، من داخل "كونجرس" بلاده، و"عموم" الدولة الحليفة المُقتادة (بريطانيا)، بشأن عدم شرعيّة حرب العراق، من خلال "ذوبان" خاصيّة البحث عن أسلحة الدمار الشامل (التي ربّما تبخّرت!)، قال الرئيس "شبه الأخرق"، في مناسبة عابرة، من تلك المناسبات التي "يهطرق" فيها كيفما يشاء، بأنّ الأسلحة والمنشآت المبحوث عنها، في برّ وبحر وفضاء العراق، ربّما تعرّضت للنهب والسلب، مع ما نُهِب وسُلِب، من ماضٍ وحاضر، من نفوسٍ وضمائر، من مرافقٍ ودوائر، و.......، و....... (!).
تخيّلوا هذه المشاهد، ومن حقّكم أن تضحكوا، فالضحك حقّ لا تكفه "الدساتير":
## شاب في "أعظميّة" بغداد، يهرول مرعوباً، مغسولاً بعرقه، لأنّه تمّكن من الحصول على "بودرة أنثراكس"، فكّر أن يرسلها في بريد "خبيث" وعاجل، إلى صديقته التي خانته.
## مجموعة من رجالٍ فحول، خرجوا في جنح الظلام، من إحدى المنشآت شبه المهجورة، في أطراف مدينة البصرة، بعد أن عثروا على بقايا من "خردل"، وفي أذهانهم تدور فكرة استخدامه، من أجل ترويع أصحاب الأراضي الزراعيّة، ذات المساحات الواسعة، بهدف اقتسامها معم (مثقال أرض، بـ"حبّة خردل"... يا للمفارقة!).
## في "الموصل"، ومع ريح الشمال، لم تصدِّق تلك الفتاة الكرديّة نفسها، وهي تعثر في درجٍ شبه سرِّي، في منضدة بمكتب صغير، يجاور مكتبة الجامعة التي تدرس بها، على معلومات خطيرة، تفيد تطوير السلاح النووي، يما يفوق مقدرات كلّ الجيران، بما فيها إسرائيل (!). ومن يوم الاكتشاف، غابت الطالبة عن جامعتها، وهي تمنِّي نفسها بمستقبل باهر، إن ذهبت يوماً، إلى جورج تينيت، أو دونالد رامسفيلد، لتختار في أيّ بقاع "أونكل سام" الجميلة ستعيش: "بيفرلي هيلز"، أم "ميامي"، أم "مانهاتن" (؟).
ما رأيكم... هل تحتاجون المزيد، فـ"شنطة الساحر"، ملأى بقصص نهب "كيماوية"، و"نووية"، و"بيولوجيّة"، و"......"، و"......"، التي تعجب "أونكل بوش" (؟).
الزمن "البمبي" يريد، والبعض يريد، والبعض الآخر لا يريد، فلمن تنمي يا من تقرأ (؟)

[#].....................

... وفي هذا "الزمن البمبي" (كما هو رائعٌ، هذا الاصطلاح!)، هناك من يمارس الحجر، في تعاطي الكلام المجّاني، وتنشُّق الهواء الأكثر مجّانيّة، بينما يعتقدون في قرارة أنفسهم، بأنّهم الأكثر ليبراليّة في هذا العالم العريض.
منذ فترة، تخترقنا عنوةً مقالات، لعدد من الكُتّاب العرب، يطلبون من بقيّة زملائهم العرب، ضرورة رفع أيديهم عن العراق، وعدم ممارسة دور "الأوصياء"، على تلك البوابة العربيّة المشرقيّة، بل تمادى بعضهم بالوصول إلى مفردة "الحقد"، ونقائص من هذا القبيل. كنت أعتقد ولعلّكم كذلك أن أولئك الكتّاب عراقيّون، يطلبون بشيء من الحكمة، الدخول في "مرحلة صمت"، تقتضيها أحياناً متطلّبات البناء (دولة، وفكر، وإنسان، ووجدان)، إلاّ أن الغالبيّة ليسوا عراقيين، فمن "الأوصياء" هُنا (تحدّثوا يا رجال القانون والحسبة؟).
حتّى العراقي، وهو يتذبذب بين قبول إحدى "النارين" (لا داعي لتفسيرهما)، لا يُمانع من تقبُّل وجهة نظر شقيقه العربي، إن كانت تقبل صون عزّته وإنسانيّته، وترفض إذلاله وتبعيّته. إلى متى، يمسك البعض بأقلامهم، وهم يجمعون شتات حروف "الجرّ" و"العلّة"، من أجل "جرّ" عقول القرّاء، إلى "علّة" وهميّة، لا وجود لها. فماذا يعيب العراق، إن زاد اهتمام المثقّفين العرب به، مثلما هو الحال مع القضيّة الفلسطينيّة (؟).
الأمر كلّه في نظري لا يخرج، عن دائرة "أبي رغال الليبرالي". وتعلمون من هو ذلك الإعرابي، الذي قاد أبرهة الأشرم، ليدلّه على موقع الكعبة الشريفة، وهو يعلم تمام العلم، أنّ ذلك الحبشي، جاء إلى مكّة وأرض الحجاز، من أجل هدم الكعبة. كما تعلمون أيضاً، من أولئك الراقصون طرباً، بوصفيّة "الليبرالي"... إذن دعونا أن نقول لـ"أبي رغال الليبرالي": "عيب، كفاك سخفاً، وأنت قد قتلت قتيلك، وتنظر ميراثه بكل بجاحة" (!).
وما أخطر أن يكون القتيل "وطناً"، يُذبَح، ويُقطع رأسه من عنقه تماماً، ثُمّ يُقدَّم هديّة لسيِّد الاحتلال والإمبرياليّة (عيني عينك!).

[#].....................

... وفي هذا "الزمن البمبي" أيضاً، لم يعد هناك مجالاً للخلاف، بعد تصريح الحاكم الأمريكي للعراق، بول بريمر، أثناء المنتدى الاقتصادي، الذي شهدته "شونة البحر الميِّت" بالأردن مؤخّراً (21 إلى 23 يونيو 2003)، الذي أوضح من خلاله، إمكانيّة توزيع "بعض" عائدات نفط العراق، على العراقيين مباشرة، على غرار ما تفعل بلاده في ولاية ألاسكا (بلاد الإسكيمو المُغتصَبة، مثل بلاد الهنود الحُمْر!).
إذن، وبكلّ اختصر، ودون "لفّ أو دوران": العراق أصبح رسميّاً، الولاية رقم "..."، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكيّة (لا أعرف الرقم بالضبط، من فرط الإضافات، بعد "11 سبتمبر"!).

[#].....................

... وفي هذا "الزمن البمبي... كمان وكمان" (أخشى أن يتحوّل إلى "فوشيا"!)، أبحثوا عن أصغر مغزى، في هذه القصاصات، ولا تشغلوا نفسكم بـ"الأكبر" (فهو شأن "الكبار" فقط: أصحاب الفضائح، وملوِّني "الشمس"!)، ولكم أن تضحكوا من جديد، أو أن تبكوا:
## قيل بأن مجمّع البحوث الإسلاميّة بـ"أزهر" مصر، قد تلقّى طلباً من مجموعة من مسلمي روسيا، يتضمّن مشروعاً لإنشاء مسجداً فوق سطح القمر، لكي ينطلق منه الآذان، وتوجيه إذاعة للقرآن الكريم منه، إلى جميع دول العالم، وبذلك يتوحّد حسب رأيهم جميع البشر... كوكب الأرض المُدنّس، بضلالات من يعتقدون بأنّهم أسياده، بحاجة لمساجد ومآذن، لم تشغل بال زعماء دول منظّمة المؤتمر الإسلامي، في الكثير من المواقع، أهمّها في عُمق مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، وبقرب أي موقع يرمي بعقل الإنسان، إلى حيث الانحطاط والمجون، ولا داعي للتفصيل، فالأمور واضحة تماماً (!).
## رئيس إحدى دول العالم (ولا داعي لتوضيح اسمه، واسم بلاده، فالستر واجب!)، لم يكتفِ بتفصيل "دستور"، يعطيه فترة رئاسيّة تتجدّد كلّما يحبّ، وإنّما تتيح له فرصة الرئاسة حتّى عام 2020 (من يعيش، ومن يموت؟)، أي رئاسة مدى الحياة، تحت شعار "نعم إلى الأبد" (!).
## ماتت النعجة المُستنسخة "دولّلي"، وتكتّموا على خبر وفاتها نسبيّاً، إلى أن أقاموا لها حفل تأبين رسمي، في جامعة برلين الفنِّية، حيث قال عنها العالم الاستكتلندي إيان ويلموت: "لقد ماتت دولّلي، إلاّ أنها لا تُنسى"، وأضاف: "لقد كانت انبساطيّة للغاية، وكانت واثقة ووديعة، جعلتني على اتصال، بكثير من الناس، ما كان أن ألتقيهم، في غير هذا الظرف" (بصراحة، حبست دموعي، هل أنتم كذلك؟).
## كان الكاتب السوري محمّد الماغوط حاسماً، وهو يرفض التعامل مع الجيل الجديد، واختار ممثلاً من جيل المخضرمين (زهير عبدالكريم)، من أجل بطولة مسرحيته الجديدة: "قيام... جلوس... سكوت"، وقال مبرِّراً رفضه: "لأنّه جيل لم يقرأ قصيدة واحدة، ولم يُعجّب بلوحة، ويريد أن يأخذ ولا يعطي" (!).

كاتب صحافي سوداني
[email protected]