يا عرفات: ألا يكفي أنك تحكم ما تبقى من أشلاء فلسطين من القبر؟!

&

&

&

كم هو مُحزن ومُشين ومُعيب ومُخزٍ ومُمَسخَر وضع القيادة الفلسطينية الآن الممثلة بالحزب الديكتاتوري الأوحد وهو حركة "فتح"، الحاكم لما تبقى من أشلاء فلسطين؟

إن القيادة الفلسطينية التاريخية الباسلة المظفرة، لاهية عما ينتظر اشلاء فلسطين الباقية من مستقبل مظلم أسود، وهي تشاهد الديناصور الاسرائيلي يلتهم مزارع وقرى ما تبقى من فلسطين، بينما السلطة الفلسطينية منصرفة الصراع على الكراسي المفخوتة، وإلى اللعب بمستقبل الشعب الفلسطيني، واضاعة الفرص السياسية التاريخية، ومشغولة عن الشعب الذي يموت كل يوم بالخلاف الشخصي على المصالح والمال منذ أكثر من اسبوعين، وعلى من سيكون وزير الداخلية، هل هو رجل عرفات الذي يحكم الآن من القبر بعد أن اشتد به المرض، واصابه الخَرَف السياسي، ولم يعد قادراً على تضبيط جملة سياسية واحدة، بعد أن بلغ من العمر عتياً (73 سنة) وانتهى عمره السياسي منذ سنوات طويلة، وأصبح مستشاره السياسي نبيل أبو ردينه، يقف خلفه دائماً، ويُلقّنه بما يجب أن يقول، كما نشاهد على شاشات التليفزيون، أم سيكون رجل أحمد قريع؟

&

أي شوكة في حلق فلسطين أصبح ياسرعرفات الذي يُصرّ على البقاء على كرسي الحكم وعلى رأس السلطة الفلسطينية حتى آخر رمق، وحتى آخر لحظة من حياته التي انتهت سياسياً وفعلياً منذ العام 1994 وبعد دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، وعلى أكثر تقدير في العام 1999 حيث انتهت مدة رئاسته، وانتهت مدة شرعية المجلس التشريعي الفلسطينى، ولم يعد لا الرئيس العتيد، ولا المجلس التشريعي شرعيين. فهما يحكمان الشعب الفلسطيني زوراً وبهتانا وبعصا الفتوات، وبدون غطاء شرعي.

أية مصيبة هذه التي انتُكب بها الشعب الفلسطيني الذي وضع ثقته في قيادة خاسرة وفاشلة ومتشبثة في الحكم، ومدافعة عنه، حتى ولو تم القضاء على ما تبقى من أشلاء فلسطين؟

أية معركة مضحكة ومفضوحة يخوضها الآن عرفات ضد أحمد قريع؟

وأي معركة خاسرة ومفضوحة قادها عرفات ضد حكومة محمود عباس؟

وأي معركة سيقودها عرفات ضد رئيس الحكومة التي سيأتي بعد أيام، وبعد فشل واستقالة قريع؟

&

&أي قائد خاسر عرفات هذا الذي يقود الشعب الفلسطيني الى الجحيم والفوضى السياسية والفراغ السياسي ليبقى هو وحد ماليء هذا الفراغ، ولا أحد غيره؟&&&

لقد خسر معارك كثيرة ولكنه ظل في السلطة. فقد خسر معركته& في عام 1970 مع الدولة الأردنية فيما عرف بايلول الأسود،& وخسر معركته في لبنان وخرج منها في 1983، وخسرسنوياً نتيجة لدعمه عدوان صدام المشين على الكويت والسعودية مليار دولار سنوياً& كان يذهب لخزينة المنظمة، نصفها من التبرعات الشعبية والجمعيات الخيرية ورجال الأعمال والدول والنصف الآخر من أجور العاملين الموظفين في الخليج الذين طردوا منه بعد 1991.& ولم يسفر الكفاح المسلح الفلسطيني عن نتائج هامة، إذ لم يُعد شبراً واحداً من الأرض،& ولم يُعد جزءاً من الأرض غير معاهدة أوسلو السلمية. وبعد أوسلو لم يفلح عرفات في اقامة حكم ديمقراطي مستنير، ولم يبدأ ببناء الدولة بقدر ما انتشر الفساد المالي والإداري وتحولت& مناطق السلطة الفلسطينية الى مزارع لقادة حركة "فتح" الحزب الأوحد الحاكم في فلسطين.

&

ربما يتساءل البعض سؤالاً وجيهاً، وهو: من أين يستمد عرفات قوته الآن وهو في هذا العجز وفي هذا السجن، وفي هذا الحصار؟

من الجيش، فلا جيش لديه؟

من جهاز مخابراته، فلا جهاز قوياً لديه؟

من جهاز أمنه وبوليسه، فلا جهاز امن يُذكر لديه؟

من قبيلته، فلا قبيلة لديه؟

من كوادر فتح، التي تتناحر الآن لكي تتقاسم باقي فتات الكعكة الفلسطينية، ربما؟

ولكن المؤكد والظاهر للعيان أن عرفات يستمد قوته من دفتر الشيكات الذي لديه، والذي يمثل أموال السلطة الفلسطينية الني نقلها عرفات كلها باسمه، واصبح هو العاطي والمانح والرازق والمُغني والمانع والمُفقر والمجوّع؟

فقد كشف وزير سابق في السلطة الفلسطينية ان عرفات حول مبلغ 560 مليون جنيه استرليني أي ما يعادل المليار دولار الى حسابه الشخصي من الميزانية الفلسطينية. وكشف كريم النشاشيبي ممثل صندوق النقد الدولي في غزة والضفة الغربية في دبي امام الصحافة ان عرفات حول المبلغ المذكور من الميزانية العامة الفلسطينية الى حسابه الشخصي.

&وإلا لماذا يعتكف وزير المال الفلسطيني سلام فياض في منزله، ويرفض المشاركة في حكومة الخمسة أو الستة وزراء المؤقتة لعدم قانونيتها، كما قال بشجاعة نادرة؟!

وكيف يسكت الشعب الشعب الفلسطيني عن نهب ملياري دولار من أموال الشعب الفلسطيني،&وأن عرفات لم يطلب التحقيق القانوني في مشاكل الفساد المالي والاقتصادي التي تعاني منها السلطة الفلسطينية.

وقال مصدر فلسطيني لـ"إيلاف" انه اذا كنا نتحدث عن الفساد وتحويل أموال الى حساب الرئيس عرفات الشخصي فإنه من الأولى ان نتكلم عن مليارين من الدولارات نهبت من أموال الشعب الفلسطيني عبر استثمارات في الهواتف الجوالة في الجزائر وتونس، واستثمارات فلسطينية اخرى في سورية والسودان وجنوب شرق آسيا.

إن عرفات لا سيف لديه الآن غير سيف المال الفلسطيني المسروق من مال الشعب الفلسطيني والذي يتحكم به عرفات في رقاب كل العناصر الفلسطينية بدءاً من رئيس الحكومة وانتهاءً بخادمه الشخصي.

فإي دولة هذه، وأية سلطة هذه، وأي مسرحية سخيفة ومُملة تلك التي نشاهدها كل يوم من تأليف واخراج وبطولة عرفات المطلقة والوحيدة.

وما هذا المسلسل السياسي السمج والغث والقبيح الذي يقدمه عرفات للشعب الفلسطيني والشعب العربي وللرأي العام الدولي في شهر رمضان؟

ألا تكفينا هذه المسلسلات السخيفة والسمجة في رمضان؟

&

عندما طالبنا قبل أشهر برحيل عرفات وتنحيته نتيجة للخرف السياسي الذي هو فيه، وعدم صلاحيته وقدرته العقلية والجسدية على ادارة الصراع الفلسطيني الفلسطيني والفلسطيني - الاسرائيلي المعقد، واعتبرناه شوكة في حلق فلسطين، وأنه السبب وراء فشل حكومة محمود عباس، وقلنا قبل أشهر أيضاً بأن أحمد قريع سوف يلاقي نفس المصير الذي لقيه محمود عباس، قامت الدنيا علينا ولم تقعد، واتهمنا بأن آرائنا تتفق ورأي الصهاينة.

فأين العيب إن كان جميع سكان الأرض يرون النهار واضحاً، وضوء الشمس ساطعاً، ولا يحتاج إلى دليل؟

إن العجيب والغريب والمُستهجن فعلاً أنه لا يوجد رجل واحد جريء في القيادة الفلسطينية حتى الآن، يستطيع أن يكون فدائياً حقيقياً، ويقف على منبر من منابر الاعلام العربي المشهورة، ويقول لعرفات كفى مسخرةً أيها "الختيار"، ارحل بعد أن اصبحت تحكم ما تبقى من أشلاء فلسطين من القبر؟

&

&-6-

أن كل رئيس حكومة فلسطيني سوف يأتي، رغماً على أنف الآلهة العرفاتية، وبمباركة من الدول اللاعبة على الساحة الفلسطينية، سيكون كرزاي آخر، وهو ما أطلقه عرفات على عباس (القدس العربي، 4/9/2003) ، وبذا سوف يتهاوى رؤساء الحكومات الفلسطينية واحداً وراء الآخر، كل ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر، كما تم مع حكومة عباس. وستظل الآلهة العرفاتية في عليائها الرملي، تقهقه حبوراً وزهواً بانتصارها وحدها، ولا شريك معها، على كل اللاعبين في الساحة الفلسطينية، وعلى مزيد من الدم الفلسطيني الذي يقدم كل يوم قرابين للآلهة العرفاتية.

&إن الآلهة العرفاتية وغيرها من الآلهات العربية أوقفت مفعول الآية من سورة آل عمران( وتلك الأيام نداولها بين الناس) وأصبحت الأيام العربية بفضل الديكتاتوريات العربية بدون تداول!

&

ارحل أيها العجوز المتصابي سياسياً، فقد بهدلّتنا وبهدلّت القضية الفلسطينية.

&اخزيتنا واخزيت القضية الفلسطينية أمام الشارع الفلسطيني والشارع العربي والرأى العام الدولي، وانت تقوم بتعطيل الحكومة الفلسطينية طوال هذه المدة، لا لشيء إلا لأنك تريدها حذاء على مقاس رِجلك وليس على مقاس رِجل فلسطين. فهي حكومتك أنت شخصياً وحكومة آل القدوة، وليست حكومة فلسطين، وقد وضعت مفاتيح فلسطين في جيبك، ودفتر شيكات فلسطين في جيبك، وامسكت برقبة فلسطين، ورحت تخنقها.

&فلا حكومة تشكلت، ولا أمن استقر، ولا مفاوضات بدأت، ولا ارهاب أُسكت، ولا دكاكين سياسية أُغلقت. وبدا ما تبقى من أشلاء فلسطين وكأنها مزرعة لك، أو ضيعة ورثتها عن آبائك واجدادك من آل القدوة العظام!

اتق الله يا رجل في بلدك وشعبك الذي منحك هذه الزعامة، وهذه الشهرة السياسية، وكفاك من نلت من زعامة ومال وغنائم وفضائح وروائح كريهة أزكمت الأنوف.

افسح الطريق لغيرك.

ودع ألف زهرة فلسطينية تتفتح.

&

ارحل أيها الرجل، وكفاك اخطاء جسيمة منذ أربعين عاماً لم تُحقق خلالها ما حققه ابو مازن في أوسلو. فلولا أوسلو لكنت ما زلت حتى الآن في تونس مهاجراً منسياً، تتقلب على موائد الحكام العرب من صدام إلى القذافي.

ارحل أيها الرجل، وفكَّ رقبة فلسطين المخنوقة من بين يديك المرتجفتين، في هذا الشهر الفضيل، واعتقها من ربقك وربق الديكتاتورية الفتحوية التي تكاد ترمي سمكة السردين الفلسطينية، في فم الحوت الاسرائيلي المتربص بها.

ارحل يا رجل، فابنتك زهوة في انتظارك.

اتق الله يا رجل.

ارحل حتى تجد غداً من يترحّم عليك، ويقرأ الفاتحة على قبرك!

&

&