شربل بعيني
&
&
&
&لقد كثر الكلام عن (عبدة الشيطان) في العالـم العربي، وعن كيفيّة التخلص منهم، حتى لا يشكلوا خطراً على اليهود والمسيحيين والمسلمين المؤمنين الموعودين بالجنة، الذين، وللأسف، يحاربون بعضهم البعض، باسم اللـه، بوثنية متوحشّة تؤدي الى الغدر والسحق والموت، ويخجل منها الحيوان، والانسان والانبياء، واللـه عز وجل.
&إن التناحر الديني الذي تتخبّط به أدياننا السماوية، جعل الشيطان يتلاعب بنا، كما يتلاعب الهر بفأره، وجعلنا نبتعد عن اللـه، كردة فعل سلبية تجاه رجال الدين وفتاويهم وأعمالهم وتسخيرهم الدين للشر فقط.
&بإمكان كل رجل دين صالح تقي محاربة الشيطان، وطرده من مجتمعاتنا، دون تكفير أو تطبيل أو جعجعة.. فقط بالصلاة والتقوى.
&وفي تحقيق رائع عن (طرد الشياطين) أجراه الصحافيان جورج حايك ورانيا طايع لـ (نهار الشباب) منذ سنوات، ما زلت أحتفظ به في أرشيفي لساعة كهذه الساعة، روى أوسابيوس، وهو أحد سكان عبادات القرية اللبنانية في منطقة المتن، حادثة جرت لابن عمته يوسف المصاب بالروح الشريرة، فقال:
ـ كان يوسف ابن عمتي يصاب بنوبات يغيب فيها عن الوعي، فتعتريه هزات جسم قوية.. ولـم يستطع مغربي ولا طبيب قانوني ان يشفيه، ولـم ينجح فيه دواء.. ويوسف هذا من بلدة حجولا وأكثر سكان هذه القرية من الشيعة، ويسكن فيها شيخ عرف بمقدرته الفائقة على إخراج الشياطين، اسمه سليمان عسّاف، فعندما احضروا المريض يوسف الى الشيخ سليمان امره ان ينام ارضاً على بطنه، وان يسترخي ويسلّم امره للـه، ثـم أخرج الشيخ كتاب صلوات وادعية واخذ يتمتم، ثـم أخرج من تحت الطرّاحة قضيباً من اللوز أخضر، وأخذ يضرب به الأرض ويقول: (أخرج منه).
&وكنت اسمع صوتاً يقول: (من أين أخرج؟.. هل أخرج من عينه؟).. فيجيب الشيخ سليمان عسّاف: ( بل تخرج من ابهام رجله، أخرج يا ملعون وادخل في الدجاجة السوداء!!).
&وكان امام البيت دجاجات تنقّب في الارض آمنة، وما هي الا برهة حتى انتفضت الدجاجة السوداء، ودارت على نفسها كالمجنونة تضرب بجناحها و( تقاقي ) ثـم اختفت عن انظارنا. وعندما رفع الشيخ عنه الدثار، رأينا العرق يتصبب من جبينه، وكذلك وجدنا المريض مسترخياً وجسمه مبللاً بالعرق البارد. تلفّتنا ناحية الابهام، واذا هناك بقعة مستديرة لونها أزرق. فعلمنا أن الروح خرجت من هناك ودخلت الدجاجة..
&كما روى الأب مروان خوري هذه الحالة:
ـ فتاة لبنانية، 14 عاماً، بدأت تنتابها نوبات هستيرية في الليل، فأجرت فحصاً طبياً في مستشفى الجامعة الأميركية، تبيّن بنتيجته أن صحتها واعصابها جيدة، فعندما أدخلتها إلى الكنيسة أخذت تلهث وتسعى الى الهرب مرعوبة.. أثناء الاعتراف شعرت بأمر يلقطها على حنجرتها، فعجزت عن متابعة الكلام، وتغيّر لون عينيها وشكلها وصوتها وقالت: (ماذا تريد؟.. لا تقترب) عندها رميتها بالماء فسجدت على ركبتيها وغطت وجهها بشعرها، ورددت بصوت رجل: (لا تقترب..). فلـم أتراجع، بل وضعت يدي على رأسها وزاد صراخها وشعرت بقوة خارقة تمسك بيدي، حتى كادت الدماء تتوقف في عروقي. أمرت الشيطان بالخروج بعدما صليت وصلّبت على عنقها بالزيت.. فجأة كشف الشيطان عن اسمه وكيف دخل إليها، فخرج وارتاحت الفتاة..
&وعن قوة الشيطان، روى الأب دون كانديدو حالة فتاة نحيلة هشّة ظاهرياً، اقتضى لتجميدها اثناء التقسيم (طرد الشيطان) اربعة رجال.. لقد قطعت الرباطات كلها ومنها الحزامات الجلدية العريضة التي حاولوا تكبيلها بها، وعندما كانت موثقة الى سرير حديدي بحبال غليظة، كسرت جزءاً من الاطار الحديدي وطوت زاوية مستقيمة.
&وعن قوة الشيطان أيضاً، يخبرنا الشيخ هشام خليفة هذه الحالة:
ـ كنت أقيم في حمّانا ايام الصيف، فأتى إليّ شاب، 25 عاماً، برفقة ذويه وطلبوا مني ان اصلي عليه.
&دخلنا الجامع، وبمجرد ان وضعت يدي على رأسه لأقرأ الآيات الخاصة بطرد الشياطين أخذ يصرخ: (دعوني).. فلـم اتركه. عندئذ قال: (أريده لأن الملك يريده..) أي أنه سيقتله ـ الشاب حاول الانتحار مراراً في منزله في عرمون ـ لذا أكملت صلاتي، فارتمى على الأرض وانتفض كالدجاجة المذبوحة، مما دفع والده ووالدته وشقيقه الى تكبيله، وبعد قراءة دامت ربع ساعة انتهيت، فكأنني كنت أخوض معركة مع سبعة رجال..
&وفي جاليتنا الأسترالية طرد أحد الأبطال المسلمين، الذين يؤمنون بأن اللـه محبة وعدالة، وان الإسلام ما جاء إلاّ رحمة للعالمين.. (شيطاناً رجيماً) من منزله في منطقة بلمور ـ سيدني. وإليكم القصة كما رواها لي السيّد يوسف نادر:
ـ كنت بزيارة أحد أصدقائي من العسكريين اللبنانيين القدامى، لتهنئته بمولوده الجديد، فإذا بجرس الباب يدق، وبأحد (المبشرين) المسلمين الكويتيين أو السعوديين لست أدري، يدخل ويبدأ بالبسملة والصلاة والدعاء بذبح الكفّار عن بكرة أبيهم، فقلت له: ومن هم الكفّار يا شيخ؟. فقال: المسيحيّون.. فصاح به صديقي المسلم: إخرس.. لعنك محمد وعيسى معاً. فقلت للشيخ: أنا مسيحي.. قم اذبحني.. فتعجّب قائلاً: أمسيحي بيننا؟!.. أنا أقصد المسيحيين الأستراليين. فصاح صديقي المسلم مرة ثانية: إذا لـم تخرج الآن.. سأذبحك أنا لأخلّص البشرية من شرّك. فهرول خارجاً وهو يتمتم أشياء لـم نفهمها.. فأكملت الزيارة، وودعت صديقي المسلم البطل.. على أمل اللقاء معه نهار عيد الفطر المبارك.
&قصّة مماثلة حصلت معي في منطقة غرانفيل.. إذ أوقفني أحدهم وقال: لـم نعد نقرأ لك في الصحف، هل جفّت شاعرية شربل بعيني؟.. فقلت: لا، ولكنني أشرف على طباعة أعمالي الكاملة، قبل أن يطويني ثرى الغربة.
&في هذه الأثناء مرّت امرأة مسلمة محجّبة بقربنا.. فهمس في أذني وهو يشير إليها: لقد وسّخوا أستراليا.. فقلت له: لماذا؟!.. ألأنّها ترتدي (الإيشارب) الذي كانت جدّتك وأمك ترتديانه في قريتك عند دخول الكنيسة؟!.. أم لأنها تشبه الراهبة التقيّة في لباسها؟!
&وقبل أن يفتح فمه، مرّت سيّدة هندية تلتف بشرشفها الطويل، فقلت له: وماذا ستقول عن هذه السيّدة الهندية الفاضلة أيضاً.. هل وسّخت البلد؟. أم أن (المحجّبات) المسلمات هنّ اللواتي وسّخنه فقط، لأنهن من دين غير دينك؟. كلامك وكلام أمثالك من المتعصّبين هو الذي وسّخ هذه البلاد وأتلف أعصابنا.
&وعندما رأى الريق يتطاير من فمي، أطلق لرجليه العنان.. وصوتي يهدر خلفه: الويل لكم.. ساعة الدينونة.
&أنا لست من مؤيّدي الحجاب ولا من محاربيه.. أنا مع حريّة الإنسان التي لا تتجزأ.. فكما يحق لملايين الفتيات التعري على البحار وفي الشوارع، يحق أيضاً لملايين النساء ارتداء ما يرغبن من اللباس، وما علينا سوى احترام شعورهن..
&الشياطين بيننا، يلبسون لباسنا، يتكلمون بلساننا، يحملون كتبنا المنزلة، يختبئون بين صفحاتها، ويزرعون الفتنة أنى ذهبوا.. فهل من أبطال، كذاك المسلم، يقدرون على طردهم من مجتمعاتنا الآمنة قبل ارتكاب المجازر البشرية في الكنائس والجوامع والمجمعات السكنية، كما حصل ويحصل في كثير من البلدان التعيسة.