اصبحت قضية مناقشة التدخل الايراني في العراق مهمة وطنية علينا الاستمرار في الكتابة عنها كي يمكن الانتباه لها ومحاربة كل من يدافع عن ايران ولو حتى بالقلم وذلك اضعف الايمان. لقد حررت القوات الامريكية العراق من صدام كي تفتح الطريق لايران وعملائها في السيطرة عليه؟ ان تحذير وزير الخارجية السعودي من التدخل الايراني الذي اثار حفيظة صولاغ واتهمنا بالبداوة وركوب الجمل، ومناقشة الدكتور اياد علاوي وكل الكتاب العراقيين الذين يرون بكل وضوح خطورة تدخل ايران في الشؤون العراقية لهو جرس يدق في زحمة الفوضى والضياع الامني الذي وقع العراق تحت قبضته. ان قلق الجامعة العربية ممثلة بوزراء خارجيتها عن الوضع المتدهور الخطر في العراق والذي ما زالت الحكومة الحالية تنظر اليه مصابة بالعجز في مكافحته والقضاء عليه وتكرار ما تقوله كل لحظة على انه نتيجة التخريب والارهاب الصادر عن البعثيين وعملاء الدول العربية فقط، وليس نتيجة عجزها عن التفكير بطرق مكافحة الارهاب منذ تسلمها السلطة عندما دخلت مع القوات الامريكية، واعتمادها على المرينز والتقدم اليهم بطلب البقاء بينهم حتى يستتب الامن!!!!!.

ان الوضع المتدهور في العراق حصل نتيجة عوامل عديدة لا يمكن ان تخفى عن كل انسان في معظم ارجاء العالم وخاصة المتابعين لمجرى الامور، وعند مناقشتها علنا حرصا على ارواح الابرياء تنطلق الاقلام النائمة بكيل التهم، والقاء تبعية ما يجري يوميا على العالم العربي وانزال سيول من الشتائم على العروبة والقومية والامة العربية باجمعها. ان الرعب الذي يحتل نفوس المواطنين والدول العربية ودول العالم لما يجري في العراق من تمزيق لوحدة الشعب العراقي والسماح لايران والمطبلين والمدافعين عنه حدى بالجامعة العربية الى تنفيذ مطلب وزراء الخارجية العرب بالتدخل السري. ان التدخل الايراني الصريح في كيان هذا البلد العربي العريق بدا ياخذ طريقا خطرا مستغلا التفرقة الطائفية التي اصبحت ديدنة الحكومة التي لم تنفك من شن حملاتها المملوءة تمزيقا لنسيج الشعب والمبنية على التفرقة العرقية، والتهديدات التي لم تألوا بعض الجهات الرسمية الحكومية من اطلاقها ابتداءا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير داخليتها وغيرهم.

ان العراق بحاجة الى الحذر من التغلغل الايراني في مفاصله، وما سينتج عن هذا التدخل من معضلات اقتصادية وكوارث اجتماعية خطيرة، لانه سيعتمد على التمزق الطائفي الذي يقود الى المزيد من حمامات الدم والتي ستؤدي الى اضعاف العراق وضياعه برمته ويصبح لقمة سهله في فم ايران لابتلاعه.

ان تحذير وزير الخارجية السعودي، واياد علاوي وكل العراقيين والعرب الشرفاء من استمرار التدخل الايراني في شؤون العراق لم يأتي من فراغٍ، بل جاء نتيجة المهاترات العلنية التي تقوم بها عصابات بدر والاحزاب الدينية المتطرفة الاخرى من اعمال تخريبية لصالح ايران في العراق. ان عدم حل هذه المليشيات التي غُسلت ادمغتها مسبقا وتغيرت ولاءات مسلحيها الى ايران لهي خطورة صارخة في ضياع العراق بشكل مباشر وغير مباشر. و الخوف من" انزلاق البلد الى الهاوية" هو الذي دعا الى اتفاق وزراء الخارجية العرب من ارسال عمرو موسى للنظر في امر العراق وعقد مؤتمر لمناقشة معظم الامور والخروج بحلول تنقذ العراق من هذا المأساة التي يمر بها. لكن التصريح المتعجرف لجواد المالكي العضو القيادي في حزب الدعوة ورئيس لجنة الامن والدفاع في الجمعية الوطنية حماه الله من عيون الحاسدين على حمله الثقيل لهذه المناصب العديدة والتي تذكرني بمناصب صدام حسين العديدة يحمل بين طياته الروح العدائية لكل ما هو عربي او مبادرة عربية. انني من اكثر المنتقدين لسلبية الجامعة العربية ولكن هذه المبادرة تعتبر رغبة صريحة صادقة صادرة عن وزراء الخارجية العرب لايجاد حل او وسيلة لاخراج العراق من البئر الذي وقع فيه. ان تصريح الشاب المالكي نفسها غير واضحة تثير التساؤلات الكثيرة عن اسباب رفض هذه الشخصية ومن يقف خلفها مبادرة الجامعة العربية. ان ما وضعه المالكي من شروط رغم رفضه تسميتها شروطا توحي بأن العراق العربي اصبح ملكا لحزب الدعوة والائتلاف الشيعي يتصرف فيه كما تصرف حزب البعث فيه ايضا، وثانيا يوحي الى سلخ العراق العربي من المنظومة العربية وعزله عزلا كاملا وتغير هويته الى هوية فارسية باعتبار حزب الدعوة جناجا من الحزب الحاكم في ايران، والزيارات المكوكية التي يقوم بها الحكيم عبد العزيز لايران لاثبات الولاءات، وما يحصل في البصرة والمحافظات الجنوبية تكفي عن الدخول في شرح مسهب لما يدور بشكل لا يخفي على الطفل في الشارع العراقي. ان رفض المالكي بالاعتراف بالتمزق الحاصل في مكونات الشعب العراقي لهو دليل واضح على عدم معرفته لما يدور في الشارع لاعتصامه في المنطقة الخضراء المحصنة او، ربما لانهم هم المسئولون عن هذا التمزق المتعمد عند وضع نسب وارقام وخرائط تمزق العراق وتوزيع المؤسسات والوظائف حسب الطوائف وجعل مبدا الانتقام هو محورهم الاساسي اعتقادا منهم بانهم ينتقمون من صدام القابع في زنزانته وليس انتقاما من افراد الشعب العراقي الابرياء.

لمصلحة من ما يحصل ؟ ولمصلحة من ترفض الحكومة وحزب الدعوة ( حزب البعث الجديد) الانتماء العربي للعراق العربي؟ ولمصلحة من ترفض فتح باب الحوار مع الدول العربية؟ ولمصلحة من يباع العراق في المزاد العلني الفارسي؟ ولمصلحة من تشن الحملات الطائفية؟ ولمصلحة من يصرح الشاب قليل الخبرة والحنكة السياسية المالكي هذه التصريحات المتعجرفة البعيدة عن الدبلوماسية والفهم السياسي للوضع العراقي الحالي؟ ان الانتماء لحزب لن يكفي بان يكون الانسان سياسيا كي يتمشدق ويتقول بما تحلو له نفسه. ان ما اصاب هذه الحكومة بالفشل هو عدم اختيارها لذوي الخبرة والحنكة السياسية، بل اتمنى ان يكون كلامي خفيفا على الذين سيهاجمونني، اختارت رجالا غير مناسبين لادارة بلد معقد في تركيبته وخريطته وانتماءاته فضيعوا العراق وشعبه. واخيرا، ولمصلحة من يفصل المواطنين من اشغالهم لانهم ليسوا من طائفة الحكومة الحالية؟ واخيرا اخيرا ولمصلحة من هذه الرحلات المكوكية والسباق الحاصل بين رئيس الجمهورية ورئيس وزرائها في جولاتهم المريحة حول العالم ؟ لك الله يحميك يا شعب العراق بحق هذا الشهر المبارك.

الدكتورة خولة الزبيدي

[email protected]