ولقد كثرت الأكف التى دقت باب مصر فى الآونة الأخيرة. بدأ الدق بكف الولايات المتحدة الأمريكية التى أعلن رئيسها أن على مصر أن تكون القدوة لباقى شعوب المنطقة فى تعبيد الطريق للديمقراطية لكى تشارك الجماهير فى حكم نفسها. ثم بدأ دق كف كفاية وحزب الغد الذى تجاسر رئيسه على منافسة مبارك فى كرسى الرئاسة وبدون أن يذكر للإعلام أنه " لو لا قدر الله ونجح فسيتنازل لمبارك عن الرئاسة" كما قالها أحد قارئى الفنجان أو الكف والذى صار فى غفلة من الزمن رئيسا لحزب، رأسه برأس السيد المحترم خالد محيى الدين مثلا. ثم تيقظ ضمير قضاة مصر وانكسفوا من أكل السحت ومن المزايا التى يتحصلون عليها من دماء الشعب الغلبان فأعلنوا فض شراكتهم مع أكلة الحرام من رجال النظام بما فيهم الحرس القديم والجديد.
وكأن كل تلك المصائب التى حلت على رأس النظام لم تكفى، فقد إستفاق الاقباط فعقدوا مؤتمرهم الأول والثانى مطالبين بحق المواطنة الكاملة مرسلين كفا صاعقة من فئة لم تخطر على بال ولا خاطر من بيدهم الحل والربط فى مصر المحروسة. وهنا أسقط فى يد النظام وفكر فى حيلة جهنمية يخلط فيها الأوراق ويبدأ بإثارة فزع من دق على الباب ليقول لهم أن فتح الباب خطر وأن الفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها. وقاده فكره الضيق إلى اللجوء للإحتياطى الإستراتيجى الذى عمل على تنميته طوال عقود ليوم كهذا، لجأ النظام الى فزاعة الإخوان المسلمين التى يقول القانون أنها محظورة، ويقول القائمون على القانون أنها ملء السمع والبصر ولها موطن معلوم ولها رئيس يسمونه مرشدا ولها أعضاء لا يتسترون. ألم يعزى رئيس وزراء مصر فى وفاة مرشدها السابق، ألم تستقبل الجماعة معزين من كافة البلاد العربية ومن بينهم ولى عهد أحد أمراء الخليج، ألم يذهب مرشحى رئاسة الجمهورية المصرية لمحل رئاسة الجماعة طالبين المباركة والدعم وقد خلعوا أحذيتهم على باب المرشد الذى أعلن وقتها أنه واخد على خاطره من مبارك لعدم توجهه لتقبيل عتبة المرشد العام؟ هل قدم أحد من الذين يطلون علينا علنا من الفضائيات الى محاكمة تأخذه بإعترافه أنه عضو فى جماعة غير مشروعة غرضها تغيير نظام الحكم؟
ظن النظام المسكين أن فزاعة الإخوان سترعب الأصوات الزاعقة مطالبة بالإصلاح السياسى وبالديمقراطية. لم يحصل رد الفعل المطلوب من نتائج الإخوان المرعبة فى مرحلة الإنتخابات الأولى فأضاف إليها النظام نتائج أكثر رعبا فى المرحلة الثانية ولكن الأمريكان لم يهتموا ولم يعلقوا على تقدم الإخوان ولسان حالهم يقول وماله، وصول الإخوان لا يضايقنا بل ونرحب به. الأحزاب التى همشها النظام لم تستطع أن تثير رعب الشارع من إفتراض وصول الإخوان للحكم، فقط بعض الأقباط هم من إبتلع الطعم وأصاب أغلبهم الهلع لا يعرف أحدا لماذا؟ فلطالما صرخوا من تهميشهم من جانب الحكومة وعدم حصولهم على حقوقهم الوطنية فمم يزداد هلعهم إذا؟ وهل يمكن أن تزداد جرعة تهميشهم وأكل حقوقهم بالباطل من مجرد زيادة أعداد الإخوان فى مجلس لا يحل ولا يربط إلا بمشيئة وإرادة وتوجيهات السيد الرئيس؟ عموما الذى أعلن هلع الأقباط هم من يسمون بنصارى الحكومة مما فعلا يثير التساؤل عما إن كانوا مدفوعين من النظام لإثارة خوف الأقباط أم هم فعلا خائفون.
على كلا الحالين لم يعبر أقباط مصر أو الخارج عن هلعهم من وصول الإخوان لمجلس الشعب بأعداد لم يسبق لها مثيل بالكيفية التى كان يعمل لها النظام، أو بطريقة تدفع الخارج وأمريكا بالذات إلى تهدئة الطرق على باب الإصلاح فى مصر.
أسقط فى يد النظام وهو يرى نتائج فعلته من أن الإخوان لم يرعوا الصفقة مع النظام وإنما سال لعابهم إلى قضم أكثر مما يستطيعون هضمه. كما أصاب الهلع فئة لم يحسب النظام حسابها وهم كافة المتحررين من المصريين الذين أرعبهم وصول فئة تهدد طريقة الحياة التى إعتادوا عليها وأغلبهم من صفوة المجمتع المصرى. فبدأ النظام يحاول لملمة الللعبة لحصرها فى النطاق الذى سبق تخطيطه، فلم ينجح أحدا من "الإخوان" فى الإنتخابات الأولية من المرحلة الثالثة ونظن أن عددا لن يتجاوز أصابع اليدين سينجح فى مرحلة الإعادة، هذا إن نجح أحد منهم بالمطلق.
الشىء الغريب المريب أن الفضائيات ووسائل الإعلام التى تقوم بالتحليل والمجادلة مع فعاليات جماعة الإخوان "المحظورة" وكافة فئات الشعب المصرى قد أغفلت رأى اللاعب الأساسى الأوحد فى مصر وتحليله والآفاق التى يستشرفها مما كشفت عنه نتائج الإنتخابات، رأى السيد مبارك أو السيد جمال شريكه الموازى فى حكم المحروسة!
السؤال الآن هو ما هى الخطوة القادمة للنظام فى مصر، وإلى أين يتجه؟ سؤال يساوى سبعين مليون شخص فقط لا غير.

عادل حزين
نيويورك

[email protected]