الامبراطورية الجماهيرية الثورية التي تحكمها اللجان


رحب العالم بقرار محكمة ليبية غير نزيهة وغير مستقلة باعادة محاكمة ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني بتهمة تسبيب انتشار الايدز في احد المستشفيات.
المعلومات التي تتسرب من قبل اشخاص ليبيين يزوروا ليبيا باستمرار وبعضهم ديبلوماسيين يتحدثوا لاصدقائهم على اساس الكتمان والسرية تشير الى ان السبب الرئيسي في انتشار الايدز هو المستشفيات القذرة والاهمال وفشل الحكومة من خلال لجان من الجهلة التي تدير المستشفيات. قبل سنوات تم طرد كل مدراء المستشفيات واستبدالهم برجالات النظام الموئيدة للدكتاتنور.
وذكر لي صديق عاش سنوات طويلة في ليبيا ولا يزال يزورها بانتظام أنه في حالة معينة يعرفها تم تعيين سلئق حافلة كمدير لاحد المستشفيات بعد طرد المدير الرسمي.

المستشفيات في ليبيا تفتقر للمعدات والادوية وادوات التعقيم الحديثة ولا يستطيع العاملون ان يشكوا عن ذلك ويعملوا في ظروف قاسية وتحت وطأة لجان من الجهلة. وعندما تفشل هذه اللجان يستطيع العقيد البارع الذكاء ان يلوم اللجان التي تقوم بدور كبش الفداء.
يتعين على ذوي الاطفال ان يلوموا الحكومة الفاشلة والنظام الفاشل على محنتهم وليس على الممرضات.
وثمة سبب آخر في انتشار الايدز في صفوف الرجال والنساء هو الهجرة الغير مدروسة من دول افريقية مجاورة وانتشار الدعارة وهذا لا علاقة له بممرضات او اطباء بل بفشل النظام الليبي الذي يترأسه جهلة واغبياء.


معمر القذافي الحائزعلى دكتوراة فخرية من الجزائر سوف لا يتنحى عن الحكم التسلطي الا بالقوة. قام بتجربة استراتيجية الانبطاح وانقذ جلد ذاته مؤقتا ولكن الشعب الليبي لا يزال يرفض العقيد وسلالته. والغريب أن هناك تهافت مشبوه لدى الحكّام العرب من الاقتراب من العقيد العتيد الذي وصف الاخرين بالغباء في مؤتمر القمة في الجزائر. وهو الذي بات هدفا للازدراء والتسلية والاحتقار.

هذا رجل المعجزات الذي حوّل بلد غني في ثرواته الى بلد عالم ثالث بوليسي قمعي فقير. يطرح على شعبه المسكين وعلى العالم نظريات غريبة تتسم بالسذاجة والغرابة ويتمتع بشخصية منفصمة و تتألف من شقين وكلاهما quot;شريرquot; كما وصفه المرحوم الرئيس السادات.

لانقاذ جلد ذاته ونظامه وليتجنب مصير الدكتاتور الآخر صدام حسين انبطح لأميركا والآن يتغازل مع اسرائيل. من يلومه اذا اراد ان يتجنب الحفرة البائسة التي اختبأ فيها صدام حسين. الانبطاح لم ينقذ شاه ايران وماركوس الفيليبين ونورويغا.

هل نسي العالم تاريخ العقيد الارهابي وضلوعه في المؤامرات واغتيال المعارضين لنظامه البوليسي القمعي الذي هدر ثروات البلد على مشاريع فاشلة وسرق المليارات.

العقيد لا يزال متورطا في محاولة اغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبدالله ولم يتم براءته بعد.

هذا العقيد دمر اقتصاد ليبيا ونهب ثرواتها ووضع لجان من الساذجين والجهلة للاشراف على ادارة اجهزة الحكومة ويقول اصدقاء ليبيين أن مستوى الاداء والخدمات في ليبيا اسوأ من أي
دولة افريقية فقيرة. والناس تخاف ان تعبر عن رأيها حتى لاقرب المقربين لان نصف الشعب يعملوا كمخابرات للحكومة والنصف الاخر كجواسيس للتأكد ان المخابرات تقوم بدورها والعكس. ليبيا تعيش جوا من الخوف والذعر والناس تشعر انها في سجن كبير تنتهك فيه حقوق الانسان العادي على اساس منهجي.
سألت صديق ليبي لماذا لا تعطي رأيك في الصحف والتلفزيون، قال اذا فعلت ذلك سينتقم النظام من أهلي. اي أن الخوف يصل اوروبا بالريموت كونترول.

وعندما يأتي التغيير سيدفع هذا النظام القمعي ثمنا باهظا لاضطهاد المواطن الليبي وافقاره. المفروض ان يكون متسوى المعيشة في ليبيا يعادل ذلك السائد في الكويت والامارات ولكن تحت قبضة السلطان المطلق يعاني الشعب من الفقر والحرمان والخوف والاضطهاد.

وبقدرة قادر تحول نظام ثوري الى نظام وراثي. جاءت الثورة لتقضي على الفساد وهي التي عاثت بالارض فسادا.

نهاد اسماعيل

لندن