كنت قد تناولت فيما سبق ( الساقية) كنموذج في اطلاق الاسماء على الادوات بالنهج النوبي، كما سبق لي ان تناولت المقطع (آب) في نهايات بعض اسماء القبائل السودانية وبعض المدن والمناطق، علما بان هنالك بعض التيارات تأول بجاوية المقطع (آب) وكنت قد سُقت من المبررات ما يُعزز إعتقادنا في نوبيته المقطع (آب). حيث انه مقطع نوبي مالوف يُضاف الى الاسماء، ويقابله (آد) في الافعال. وأن تلك الاضافات تُعطي دلالات معينة للمفردة.. و في سبيل المثال لنا ان نأخذ في البدء ( ولياب ) الاتية من الاسم ولي / ولياب. و أحمد / أحمداب. و علي / علياب.. وبذات النهج والسياق نجد أسماء بعض المناطق المنتهية بالمقطع (آب) حماداب...دريشاب...عزيزاب.. الخ...

وكنا قد عززنا طرحنا بوجود مقطع نوبي اخر يضاف الى الافعال (آد) وأخذنا مثال لذلك الفعل (كبـــاد... نيـــاد) فكلمة (اكل وشرب) عندما يضاف اليهما (آد) تأتي بصيغة مدلولها( مأكول ومشروب) !! ولم أجد لنلك اللاحقة النوبية التي تضاف للأفعال تأثيرا قويا كاللاحقة (آب) التي فعلت فعلتها بالاسماء، وأربكت اللغويين وكادت أن ترغمهم في سن قواعد خاصة بها. وقد اتفق الكثيرون على وضوح تأثير اللغة النوبية في تكوين لهجة عربية خاصة في مناطق النفوذ النوبي. وقد سبقني بعض المهتمين في البحث في مفردات العامية السودانية ليجدوا ذاك التأثير الواضح. فقد وجد بعض الباحثين أن بعض الاضافات واللواحق في العامية السودانية كإضافة كلمة (قاعد) كبادئة تأتي بعدها الأفعال ( قاعد يبلس).. وغيرها من الافعال المسبوقة بها آتية بتأثير نوبي واضح، حيث أن النوبيين يأتون بالبادئة ( آق ) كثيرا قبل ذكر الفعل نفسه (اق- كبن ) قاعد يأكل. وليس هنالك خلاف في التأثير والتأثر فكان للنوبيين أن يثروا اللغة العامية بمفردات ولواحق ونهج غير مسبوق كما أشرنا في الساقية (اسي كليه) والشادوف (شادو فوق).

واليوم نتناول مقطع آخر من تلك المقاطع النوبية التي اثرت واضافت (للهجة) مفردات جديدة وسياق غير مألوف. فلنا أن نتاول مقطعا نوبيا آخر وجد حظا وفيرا في الالتحاق ببعض اسماء المدن والمناطق ليوحي بذلك وجود علاقة نوبية قوية بين ذاك الاسم ذو الملمح النوبي، ونلك المنطقة أو المدينة التي نحمل ذاك الاسم. ويمكنني أن اجزم القول بأن المتابعيين سوف يلحظون وجود علاقة مؤكدة عند ورود ذاك المقطع الفريد أو اللاحقة النوبية والمالوف لدى النوبيين اللذين سيجزمون بوجود علاقة نوبية واضحة !! فللاحقة النوبية (تي)... تواجد ملحوظ في أواخر بعض المفردات.

حيث انه من المألوف لدى النوبي ورود المقطع (تي) في مفردات نوبية كثيرة. منها في سبيل المثال(فنتي..كتي.. مرتي)..الـخ.. وهذه اللاحقة نجدها في كثير من اسماء المدن والقرى وبعض المناطق.. وليس في ذلك غرابة. ولكن لنا ان نتوقف عندما نجدها في مسميات مناطق بعيدة عن الخريطة النوبية الحالية. وليس هنالك غرابة لو وجدناه في جزيرة ( توتي) ذات الاصول النوبية المعترفة بها ! أو في (ترتاتي) التي تغنى بها خليل عباس في جبل مرة !! وذلك لوجود علاقة تاريخية ونواصل عرقي شهد له واقر به الباحثون. فلوجود تواصل في الاصول النوبية لاغرابة في ان تنتهي اسم تلك القرية بما هو مألوف لدى النوبيين.. قد نجده في (كورتي) وكذلك (التي) في الجزيرة !! وهنالك صرخة نوبية واضحة في ( سوركتي ) و(تندلتي )، وايضا نجده في (كوسني).. وهنالك مدن وقرى ومناطق كثيرة تحمل مقاطع نوبية !! واسماء كثيرة تحمل في طياتها دلالات نوبية!!! ويحتاج الامر الى بحوث ووقفات بحثية متأية وعميقة بعيدة عن العواطف والمؤثرات الخارجية، فاغلب المناطق السودانية على امتداد الخريطة الجغرافية الحالية كانت قد تاثرت بشكل أو بآخر بتلك الحضارة النوبية التى سادت وغطت مساحات شاسعة. ولا غرابة في ان تمتد ثاثير تلك الحضارة الى اقاصي الارض.. و تكون لها تأثيرأ قويا، و بقاء ووجود ملموس

ولياب

كاتب نوبي

[email protected]