رسالة الزرقاوي الأخيرة..هل حان موعد استهداف السنة؟!

قراءة بسيطة لما بين السطور في التسجيل الصوتي الأخير لزعيم تنظيم القاعدة في العراق تفيد بان الرجل مقبل على مرحلة جديدة من حربه ضد الوجود الامريكي والحكومة العراقية المؤقتة بل والمؤيدين لها من سنة وشيعة واكراد.

الزرقاوي اليوم فيما يبدو تطرف في فكره وتصرفه وفعله على الساحة العراقية الى حد غير معقول او مقبول فتجاوز مسالة الطائفة والمذهب واختلاف الراي السياسي الى ما هو ابعد من ذلك واعلن حربه بلا هوادة ضد كل الشعب العراقي ولم يستثن منهم احدا بحيث يوشك ان لا يترك أي مساحة لمناصريه ومؤيديه في الشارع العراقي.

كنا نعتقد في السابق ان الفكر السلفي الجهادي الذي يتبناه الزرقاوي قولا وفعلا يقتصر مداه على استهداف الشيعة والامريكان والحكومة العراقية المؤقتة اما اليوم فان قائمة الزرقاوي تمتد لتطال كل العراقيين دون استثناء.

والجديد هذه المرة اعلانه الحرب ضد الشيعة في كل بقعة من ارض العراق صراحة دون مواربة وتوجيه النقد والتهديد الى سنة العراق المنخرطين في العملية السياسية او المقبلين على الانخراط فيها..بحيث اطلق لنفسه ولتنظيمه العنان في شن سلسلة محمومة من العمليات التفجيرية لم تشهد لها الساحة العراقية مثيلا منذ سقوط بغداد في يد الاحتلال الأمريكي قبل3 سنوات.

في فترة من الفترات كان للزرقاوي مريدون ومؤيدون ومناصرون ومحبون يعتنقون فكره ويؤيدون فعله بل يبررونه شرعا اما اليوم فان ما يقدم عليه الزرقاوي من حملة تقتيل محمومة قد لا تجد من يبررها من ابناء التيار السلفي الجهادي.
العارفون بشخصية ابو مصعب الزرقاوي يؤكدون حبه للتحدي وصلابة موقفه وتعنته ولعل شخصيته هذه هي التي تجنح به نحو كل هذا التطرف المبرمج والمخطط له بداية من استهداف الوجود الامريكي في العراق وانتهاء بتبرير استهداف سنة العراق أيضا.
ما نود التركيز عليه التحول الذي عليه فكر الزرقاوي فيما يتعلق بتصويب نيرانه نحو اهل السنة هذه المرة فالوقائع تشير الى ان المرحلة المقبلة ستشهد عمليات تفجيرية سيذهب ضحيتها سنة عراقيون واغتيالات قد تطال رموز سنية على رأسها هيئة علماء المسلمين
ومن المهم هنا الاشارة الى رؤية ونظرة الزرقاوي للتيارات الابرز التي تمثل اهل السنة في العراق خاصة هيئة علماء المسلمين والتباين والعداء الذي يكنه لها..
يرى الزرقاوي وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين في كثير من بياناته وادبياته ان هيئة علماء المسلمين- اللافتة الابرز والانشط في تمثيل سنة العراق حتى الان – انها هيئة مشبوهة بحجة انها تاسست بعد الاحتلال الامريكي للعراق مباشرة..وهو على اساس هذه القاعدة يناصب رموزها ومشايخها العداء خاصة وان اغلب مؤسسي الهيئة هم من الاخوان المسلمين الذين يختلف الزرقاوي معهم اختلافا كبيرا وحادا مثل الدكتور حارث الضاري والدكتور محمد عياش الكبيسي.
ولعل احد اهم اسباب عداء الزرقاوي وتياره للهيئة ما تتمتع به هذه الهيئة من حضور وجماهيرية وتمثيل كبير لاهل السنة في العراق خاصة وانها لا تمثل حزباً سياسياً ولا تياراً معيناً وإنما هي مرجعية شرعية لأهل السنة والجماعة تضم ما يزيد على ألفين عالم وتشرف على ما يقرب من ستة آلاف مسجد في مختلف مدن العراق وقراه... ويتبعها عدد من المدارس الشرعية ومعاهد تخريج الدعاة... إضافة إلى بعض المؤسسات الإنسانية والصحية.

اضافة الى ذلك يرى تنظيم القاعدة ان الهيئة لم تتشكل كرد فعل توعوي وطني لقيام الاحتلال الامريكي وانما جائت نتيجة خلافات حزبية وسياسية مع الحزب الاسلامي حول عدة امور ابرزها المشاركة في الحكومة العراقية.
في خطابات الزرقاوي الكثير من التعبئة ضد هيئة علماء المسلمين ومن ذلك قوله ان الهيئة ما كتب لها نوع من القبول في الشارع العراقي أو نوع من الانتشار الإعلامي في العالم الإسلامي لولا استغلالها لورقة المقاومة الإسلامية، وتسلقها على أكتاف المجاهدين الصادقين من خلال محاولة إبراز نفسها على أنها تمثل الجناح السياسي للمقاومة الإسلامية في العراق.
في موضوع النظرة الى الجهاد يتخذ الزرقاوي وتنظيمه موقفا حادا من التيارات السنية العراقية وعلى رأسها هيئة العلماء فهو يرى ان حقيقة موقف الهيئة من قضية الجهاد لا يعدوا القول إلى الفعل، ولا يجاوز الحناجر إلى السواعد.. ويتشدد الزرقاوي اكثر فاكثر في اطلاق الاحكام على مخالفيه من سنة العراق فيصف رموز الهيئة بأنهم منافقون!!.. و"تجارجهاد" اتخذوا القضية الجهادية وسيلة لتحقيق مكاسب ذاتية ومادية ومعنوية ووالله اننا نخشى من تفشي هذا الفكر وهذه النظرة التي يحملها الزرقاوي وتنظيمه ضد باقي التيارات السنية في العراق.
ويعتقد الزرقاوي ان مجرد تنديد الهيئة بعمليات تنظيمه سبب كاف لعدائها خاصة تلك العمليات التي تستهدف رجال الشرطة والجيش العراقيين ورموز وعموم الشيعة.
غير ان اخطر ما في فكر الزرقاوي تجاه هيئة العلماء موقف الهيئة تجاه العملية الديمقراطية والانتخابات في العراق وحتى الدستور العراقي فهو يرى في تبنى الهيئة مشروعية الممارسة الديموقراطية،ولو انها ترفض المشاركة فيها في الوقت الحالي لأنها تجري في ظل الاحتلال.يراها سببا اخر لعدائها.
اما موقف الهيئة من مسالة الولاء والبراء التي يقوم على اساسها الفكر السلفي الجهادي التكفيري فهو كفيل لوحده لاعتماد الزرقاوي وتنظيم القاعدة فكرة " التمايز" لعداء باقي تيارات اهل النية في العراق.
ويعتمد الزرقاوي في موقفه هذا على اساس ان ثمة مواقف دالة على غياب المفهوم الشرعي الصحيح لقضية الولاء والبراء لدى الهيئة من قبيل التواصل احيانا مع الحكومة العراقية او الاحتلال الأمريكي.
الخلاف اذا بين الجهتين كبير وكبير جدا وكنا سابقا نعول على ان الخلاف لا يمكن ان يتطور الى استهداف لكن الامر اليوم ينذر بالكثير مما لا تحمد عقباه في الشان السني العراقي الداخلي فالزرقاوي يرى ان مستقبل الهيئة الى زوال وانه سينتهي بها المطاف كما انتهى بـ "الحزب الإسلامي"..فعلى أي واقع نحن مقبلون؟!!