(2)

الإسلام : دين جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم.

الله رب لا شريك له، ومحمد نبي المسلمين ورسولهم.

والقرآن الكريم : كتابهم الموحى إلى نبيهم من الله.

لكن المسلمين بحكم اختلاف الفكر وحكمة الحياة وسنن التاريخ، اختلفوا إلى مذاهب عدة، انطوت كل تلك المذاهب تحت لواء مذهبين كبيرين هما : المذهب السني و المذهب الشيعي. حتى أصبح المذهبان يمثلان للإسلام تعادلية هامة تحافظ على جدلية الفكر وتجدده وتمنعه من السقوط في بحر الجمود القاتل إذا ما عرف المسلمون كيف يستغلون ذلك الاختلاف المذهبي إلى ما يؤدي إلى النهوض بالأمة وليس إلى الخلاف الذي يؤدي إلى إنهاكها وتخلفها وربما انقراضها.

بل أن المذهبين السني والشيعي، يمثلان توازنا للإسلام السياسي والفكري والاجتماعي مثلما يمثله الحزبان الكبيران (الجمهوري والديموقراطي ) بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

حيث يظل الحزبان (الجمهوري والديموقراطي ) يمثلان التعادلية الجدلية الصحية للحفاظ على التوازن السياسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي لشعب الولايات المتحدة ليتبادل الحزبان قيادة أمريكا من مرحلة إلى أخرى عبر جدلية سياسية تخضع لأحكام العقل وفلسفة المنطق أكثر من السير وراء العواطف والفوارق الدينية والعرقية.

لكن ما يهدد المسلمين منذ انتهاء خلافة الإمام علي و انتقال الحكم الإسلامي إلى الدولة الأموية : أن الانقسام السني الشيعي عند المسلمين يقود إلى انهيار الأمة الإسلامية كلما كان الحكم سواء كان سنيا أم شيعيا، حكما طائفيا يفسر الإسلام بما يبرر للطائفة الحاكمة أن تقمع وتلغي الطائفة الأخرى.

وقد ظهر في حياة المسلمين ثلاث دول إسلامية كبرى، حكمت المسلمين لفترات طويلة من التاريخ بعد انتهاء الخلافة الإسلامية. حيث حكم الأمويون انطلاقا من الشام كدولة تمثل التيار الإسلامي السني. وحكم العباسيون من بغداد كدولة تمثل التيار السني في بداية حكمها، وكدولة شبه سنية شيعية قبل زوالها.

ثم قيام الدولة الشيعية الفاطمية (الإسماعيلية ) التي بدأ حكمها في المغرب ثم استقرت دولتها في مصر وقد أصبحت قاهرة المعز لدين الله الفاطمي والجامع الأزهر كأشهر المعالم التي ميزت الحكم الفاطمي الشيعي.

ولم يكتب لأي من تلك الدول الثلاث البقاء سوى عبر ما يمثله الفكر السني ذو المنهج الأموي والعباسي أو ما يمثله الفكر الشيعي الذي يدعي إتباعه انه من نهج أهل بيت الرسول.

لكن منهج الإسلام السني قد أصبح أكثر انتشارا منذ سقوط الدولة الفاطمية وحتى قيام الثورة الإسلامية الإيرانية ذات المنهج الشيعي الجعفري، التي بعد قيامها أعادت للمسلمين توازنا جديدا سنيا شيعيا حيث عاد الإسلام الشيعي للبروز منذ قيام الثورة الإيرانية وازداد رسوخا بسقوط البعث العراقي وبروز الأغلبية الشيعية في العراق، وقبل ذلك ظهور حزب الله الشيعي وحركة أمل الشيعية كحزبين منظمين فكريا وعسكريا، إضافة إلى بروز العديد من المذاهب والقوى الشيعية المختلفة في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي كدليل على وجود توازن شيعي سني داخل البيت الإسلامي الواحد، ويجب علينا أن نعترف انه منذ قيام الثورة الإيرانية وبسبب ذلك التوازن السني الشيعي استطاعت الدول العربية المحتلة أراضيها أن تؤسس لقيام مقاومة للاحتلال في لبنان وفلسطين أدى إلى خلق توازن قوة مع الدولة المحتلة، كدليل على صحة وجود توازن سني شيعي بالرغم من أن هناك الكثير من المحاولات لتحويل ذلك التوازن الشيعي السني إلى تناحر واختلاف مثلما يحدث الآن في العراق ويقف وراء ذلك التحالف قوى أجنبية وأحيانا بمساعدة ودعم قوى عربية داخلية.

إلا أن الفرق بين تعادلية الإسلام السني الشيعي وتعادلية الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديموقراطي :

أن المسلمين لا يزالون غير مدركين ولا واعين لأهمية التعادلية التي يرفضها كل من الإسلام السني والإسلام الشيعي بسبب نزعة بعضهما لإلغاء الآخر وإقصاءه والقضاء عليه.

بينما ارتقى الشعب الأمريكي بوعيه كي يجعل من تعادلية الحزبين ميزانا يحافظ على توازن الدولة العظمى واستقرارها وكرامة إنسانها وحريته.

وتلك براهين تدل على أن أمريكا سوف تمضي في تفوقها كونها تملك آليات النقد والتصحيح والبناء عبر تعادلية الحزبين اللذين لايسعى احدهما لإقصاء الآخر أو إلغاءه مهما اختلف الحزبان في رؤيتهما نحو المستقبل وحول الحاضر.بينما لايملك المسلمون غير آلية الهدم والقتل والإلغاء على حساب حاضر الشعوب ومستقبلها.

الحلقة الاولى

غدا.. الحلقة الثالثة

سالم اليامي [email protected]