جاء أداء الرئيس المصري محمد حسني مبارك لليمين الدستورية بمثابة إغلاق لملف الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2005، ولم يعد أمامنا الآن سوى التعليق عليها ومحاولة تقييمها... لكننا سنسلك اليوم مسلكا آخر نطرح من خلاله أحد السيناريوهات التي لم يلتفت إليها رئيسنا الفائز محمد حسني مبارك، ويتلخص هذا السيناريو في تساؤل واحد.. ماذا لو كان قد تقدم المرشح الرئاسي محمد حسني مبارك إلى الانتخابات الرئاسية كمرشح مستقل بعيدا عن حزبه الوطني الديمقراطي..؟؟

الحقيقة أن فرضية دخول مبارك كمرشح مستقل إلى الانتخابات الرئاسية الماضية كانت ستجلب العديد من المنافع لمسيرة الديمقراطية في البلاد وللعملية الانتخابية، بل وله شخصيا كمرشح رئاسي... فعمليا لم يستطع أحد من المرشحين المستقلين الحصول على تأييد 250 عضو من أعضاء مجلسي الشعب والشورى و المجالس المحلية للمحافظات، لذا.. فإن تقدم مبارك كمرشح مستقل كان سيكون بمثابة اختبار حقيقي لشعبيته بين رجال السياسة والحكم في البلاد الذين كانوا سيجدوا أنفسهم مطالبين بالوقوف إلى جانب مبارك المرشح الرئاسي، وليس مبارك الرئيس.

ولعل نزول مبارك كمستقل إلى حلبة المنافسة على منصب رئاسة الدولة كان سيعطي حزبه الوطني الديمقراطي فرصة كي يدير نفسه أمام وضع جديد لا يستند فيه إلى زعامة الرئيس مبارك وشخصه.. خصوصا وأن الحزب قد يواجه بالفعل هذا الموقف في الانتخابات الرئاسية القادمة حالة عدم وجود الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية القادمة لأي سبب من الأسباب.

إن علينا أن نعترف أن من اتجه إلى انتخاب مبارك في الانتخابات الرئاسية الماضية إنما انتخبه لشخصه، وليس لأيديولوجية أو فكر الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه مبارك.. وقد اعترف بهذا الأمر قيادات الأحزاب الأخرى وأحد قيادات الحزب الوطني الديمقراطي.

وقد يتساءل البعض هنا عن أهمية عرض هذا السيناريو الآن بعد أن انتهاء الانتخابات الرئاسية وأداء مبارك لليمين الدستورية.

الحقيقة.. أنها فكرة نطرحها الآن على أمل الاستفادة منها في الانتخابات الرئاسية القادمة، خصوصا وأن البعض يرجح أن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم قد يدفع بالسيد جمال مبارك نجل الرئيس الحالي في الانتخابات الرئاسية القادمة كممثل للحزب بدلا من ترشيح أباه مرة أخرى.

ربما ليس من حقنا التدخل في سياسات الحزب الوطني، لكن ما يهمنا هنا هو صورة بلادنا التي قبض فيها حزب واحد على مقاليد السلطة في مخالفة لتقاليد الديمقراطيات في العالم، لذا.. نتمنى أن نرى السيد جمال مبارك كمرشح مستقل في الانتخابات الرئاسية القادمة إذا ما تم ترشيحه لمنصب الرئاسة، كي يثبت لمعارضيه أنه يرشح نفسه إلى منصب الرئاسة بجماهيريته بين الناس وبين السياسيين، ليخلـِّف وراءه الحزب الوطني كي يمارس السياسة كأي حزب من أحزاب الدولة فتتحقق العدالة بين الأحزاب.

ربما في تلك الحالة قد تـُجرى بعض التعديلات الدستورية لضبط الأوضاع حيال وجود رئيس مستقل على كرسي الحكم.. ولعلنا قد نجد وقتها رئيسا مصريا مستقلا فوق الحزبية فتتغير بذلك الأجواء السياسية في البلاد، وهذا كله فقط... في حالة إذا ما تخلى المرشح الرئاسي للحزب الوطني عن حزبه وتقدم كمرشح مستقل إلى انتخابات الرئاسة المصرية محاولا تجميع الحد المطلوب من أصوات الجماهير المصرية.

صحيح أن كلمة "لو" الافتراضية تفتح الباب لشيطان الخيال.. غير أن افتراضاتها قد تدفعنا لتأمل المستقبل.

عبدالرحمن مصطفى حسن