الحلقة الأولى

في سبتمبر من عام 2005م نشرت إحدى الصحف الدانماركية رسوماً كاريكاتيرية تتعرض للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبدأت تتفاعل القضية بشكل شعبي بعد ثلاثة أشهر عندما طالب العديد من العلماء المسلمين بمعاقبة الصحيفة الدانماركية بالإعتذار وفرض عقوبات رادعة على كل من شارك في هذا العمل المشين.

ومنذ اللحظة الأولى التي تم نشر هذه الصور بدأت الجهود الدبلوماسية لحث الحكومة الدانماركية لإتخاذ موقف مراعاة لشعور المسلمين ولكن تم هذا الرفض بلسان رئيس الوزراء على إعتبار أن ذلك الذي نشر في الصحيفة المذكورة أعلاه يعتبر من حرية الرأي.

وحول بداية قصة الكاريكاتير المسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقول أحد المشايخ في الدانمارك quot;لقد قام مؤلف دنماركي بتأليف كتاب للأطفال عن الإسلام، وأراد صورة للنبي صلى الله عليه وسلم ليجعلها على غلاف الكتاب، وحاول مع العديد من الرسامين فلم يفلح في إقناعهم برسم صورة فانبرت له صحيفة quot;يولاند بوسطنquot; وأخذت على عاتقها تشجيع الرسامين، واستطاعت أن تقنع 12 رساماً كاريكاتيرياً برسم اثنتي عشرة صورة للنبي صلى الله عليه وسلم كلها تتسم بالحقد والسوداوية والنظرة الخاطئة لنبي الإسلام والمسلمين.

وهكذا بدأت القصة في الدنمارك بتاريخ 30-09-2005م، وأخذت تداعيات الحدث تتزايد داخل الدنمارك وبعد نشر الصور بأسبوعين تقريباً قامت صحيفة دنماركية أخرى بنشر صور أخرى لا تقل قبحاً عن الصور الأولى، وهكذا فقد تشجعت الصحف حتى رأينا صحيفة نرويجية تأخذ نفس صور صحيفة يولاند بوسطن وتنشرها واختارت لها أول أيام عيد الأضحى المبارك.

وهناك في السويد حزب عنصري صرح بأنه يفكر بأن يحذو حذو الصحيفة الدنماركية وبدأت بيانات الشجب والإستنكار من العديد من المنظمات والجمعيات الإسلامية والعربية في الدانمارك، تعبر فيه عن غضبها الشديد مما نشرته صحيفة يولاند بوستن الدانماركية من تطاول على شخص الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وهي عبارة عن رسومات متخيلة ومشوهة تُزعم أنها للرسول الأعز الأكرم صوات الله وسلامه عليه.

وفي تصريحات لأحد أئمة المساجد في الدانمارك، إن الرسوم تظهر شخصا على رأسه عمامة على شكل قنبلة وبيده خنجر وخلفه امرأتان منقبتان، ويأتي هذا في إطار التطاول على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم تم تحت غطاء من quot;حرية التعبيرquot; بينما لا يسمح بالكلام عن السامية.

ومع تفاعل القضية بدأ مسلموا أوروبا يتجهون لطلب مقاطعة اسلامية شاملة لمن quot;يهينquot; الرسول كما بدأت تتصاعد موجات الإستنكار الإسلامي لتطاول صحيفة دنماركية على quot;الرسولquot; وبدأ العلماء والكتاب يذكرون بأدلة من كتاب الله القرآن الكريم، هذا الإعجاز الذي تعهد الله بحفظه الى أن يرث الله الأرض وماعليها، ويسعى العلماء لنصرة نبي الهدى ومعلم البشرية وآخر الرسل ومخرجها من الظلمات الى النور قال تعالى: (ولئن سألتهم ليقولون انما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم) (التوبة - اية 66). وسبب نزول هذه الآية ان المنافقين لما قالوا من الطعن في المسلمين وفي دينهم وقد قالوا: (ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء- يعنون النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه- أرغب بطونا وأكذب ألسنا، وأجبن عند اللقاء) فلما بلغهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قد علم بكلامهم جاءوا يعتذرون ويقولون: (إنما كنا نخوض ونلعب)، فلم يقبل الله تعالى عذرهم وكذبهم فقال عز وجل: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم). (التوبة - اية 66)، وقال العلامة السعدي في تفسيره: فان الاستهزاء بالله ورسوله كفر مخرج عن الدين، لأن اصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الاصل، وهذا فيه دلالة على أن الإعتذار لايكفي.

وبدأ بعض الكتاب من الإعلاميين متحمساً بإقتراح محاربة الدانمارك إعلامياً كأحد الإقتراحات ولكن نحب أن نذكر أن في الدانمارك يوجد مائتا ألف مسلم يشكلون 3% من عدد السكان الإجمالي، كما يُعد الإسلام ثاني أكبر ديانة بعد المذهب الإنجيلي اللوثري ومع ذلك فإنهم يعانون من التجاهل ونقصان الحقوق لدرجة منعهم من امتلاك مسجد كبير، وينظر كثير من الناس لهم بعنصرية بغيضة تعمل على تهميشهم وعدم الاستعانة بهم في الأعمال وهو ما يزيد من غربتهم وشعور بعضهم - أو قل أكثرهم - بالاضطهاد وعدم الانتماء للمجتمع ويرزحون تحت وطأة البطالة العالية في الدانمارك. فهل كل أوبعض هذه الضغوط ستؤدي الى غزوة كوبنهاجن؟ وهل ستكون من الداخل أم من الخارج ؟ وأنتم إيها القراء على موعد مع الحلقة الثانية قريباً.


مصطفى الغريب

شيكاغو