القصد من كتابة هذه المقالة تبيان ما فعله الفكر الديني المتطرف والخطاب الديني المتخلف لرجال الدين والافعال الاجرامية للارهابيين من ردة فعل في نفوس المتدينيين وكيف خلق حاجزاً نفسيا كبيراً بينهم وبين الدين وكل ما يتعلق به من مظاهر وطقوس !

قضيت مدة طويلة من عمري وانا أقرأ وأدرس القرآن الكريم، ووصلت درجة الهوس والشغف بالقرآن عندي الى أنني كنت أخشى ان يصيبني عمى البصر ولاأتمكن من أستكمال مشروع دراسة القرآن والاطلاع المعمق على تفسيره وتأويله، وكنت أتقبل كل ما يقوله مفسر القرآن الذي أعتمد عليه كمرجع لي، وكانت هذه غلطة كبيرة وثقة في غير محلها عندما سمحت لنفسي بأخذ قناعاتها الدينية والفكرية بشأن القرآن وعموم شؤون الدين من رجال الدين الذين هم أبعد ما يكونون عن ملامسة الفهم المعرفي المتجرد البعيد عن الانحياز الايديولوجي، وما كتبه رجال الدين من تفسير للقرآن هو أحد أسباب التخلف والتشوه الفكري للمسلمين.


في شهر رمضان المبارك الحالي كلما أحاول ان أقرأ القرآن كجزء من النشاط الروحي لهذا الشهر أشعر بمانع نفسي كبير يمنعني من القرأءة رغم حبيوتقديسي لهذا الكتاب الكريم، فقد أرتفع جدار سميك بيني وبين مظاهر الدين، وأصبحت أخاف من طرح الكثير من الاسئلة على نفسي التي تنتفض في داخلي كلما أقترب من القرآن وأجد ان من الافضل لراحة أعصابي وذهني تأجيل مناقشتها وتجميد البحث عن إيجاد الأجوبة لها.


لقد أصبحت محاصراً بهاجس ان الثقافة الدينية المترشحة من كتب تفاسير القرآن والعقائد والفقه والأصول هذه الثقافة هي من أنتج كل هؤلاء الاشرار من المجرمين والقتلة الارهابيين، وهي من أنتج كل هذا التخلف الفكري والانحطاط الحضاري، ومشكلة الديانات كافة في كل زمان ومكانكانت في طبيعة المحتوى الاجتماعي والحضاري لبنيتها وتركيبها، لاحظ كيف ان التطور الاجتماعي والحضاري للمجتمعات المسيحية ساهم في تطور عملية الفهم والممارسة الدينية في المسيحية، وكيف تم تطويع المسيحية لمفاهيم العقل والعلم والتقدم الحضاري وقوانين حقوق الانسان.


حالة الأغتراب الروحي والفكري أزاء الدين ومظاهره التي أعيشها بالتأكيد يشعر بها غيري اشخاص كثر خصوصا في العراق وايران والصومال وجنوب لبنان حيث يطحن رجال الدين بتخلفهم وتسلطهم حياة الناس وحرياتهم، وحيث تحول الفكر الديني والاحزاب الدينية الى جحيم يومي يفتك بأرواح البشر وكرامتهم ومعيشتهم !


ولايوجدحل سوى الخيار الفردي حيث يختار الانسان قناعته الدينية بمفرده بعيداً عن سلطة وافكار رجال الدين، خيار الانسان الحر الذي يحترم عقله وروحه ومفاهيم العقل والعلم وحقوق الانسان والتعايش السلمي مع الاخر المختلف وفق مبدأ الاخوة الانسانية للبشر.

خضير طاهر
[email protected]