حزيناً جاءني إبني الذي يعمل في شركة كبيرة لبيع الأجهزة الألكترونية في إستكهولم.
بادرته بالسؤآل: ماذا بك يا ولدي؟
أجابني بصوت كئيب: صرت أخجل من كوني مسلماً بين زملائي السويديين.
قلت : لماذا؟. ماذا حدث؟. هل بدر منك ما يعيبك؟.
قال: لا. بل العكس هو الصحيح. فلقد رُقيت بفترة قياسية. لجديتي وإخلاصي في العمل. وقد رشحوني لأكون مديراً لفرع رغم قصر زمن توظيفي ووجود من هم أقدم مني وأعلى شهادة. وكلهم سويديون..
قلت : ما الخبر؟. وما هو الشيء الذي أخجلك إذن؟.
قال : منذ تعييني في وظيفتي قبل عامين وغالبية الذين يمسكونهم في حالة التلبس بالسرقة داخل فرعنا. هم من المسلمين.


قلت : ما ذنبك في ذلك؟. أياك وإن دافعت عن أفعالهم المشينة. أ لذلك أنت خجل !؟..
قال : أبداً يا أبي. ولكن الذي حدث بالأمس واليوم هو الذي جعلني آتيك لأستفسر منك عن صحة الأقوال التي سمعتها من اللذين فضح جرس الإنذار سرقتهما الصغيرة ولكنها غالية الثمن خاصة ( حرامي ) اليوم الملتحي واللابس لدشداشة قصيرة.
قلت : قل لي. ماذا قال؟.
قال : لقد نادوني الحراس كما المرات السابقة حين يدعي الممسوك بالسرقة. إذا كان عربياً. عدم إتقانه التكلم باللغة السويدية لأصير مترجماً..


دخلت إلى الغرفة التي وضعوه فيها. خلف محل العرض ومعه حارسين.
القيت السلام عليه فرد بأحسن منها. وأضاف. الحمد لله يا بني لأنك مسلم وأنا على يقين بأنك ستساعدني على الخروج من هذا المأزق.
لم أرد عليه. إلتفتُ إلى الحراس مستفسراً عن فعلته فقالوا. بعد مروره بين عامودي الإنذار. إكتشف الجهاز إن شيئاً معه لم يدفع ثمنه للمحاسب.


أمسكنا به قبل محاولته الهرب وجلبناه إلى هنا. وعند طلبنا منه أن يخرج ما بحوزته. تكلم باللغة الفرنسية التي فهمنا منها أنه عربي ولا يجيد السويدية. وبما أنك تجيد العربية لذا ناديناك لغرض الترجمة..
نقلت إلى الرجل ( المؤمن ) قول الحارسين. فطلب مني أن أخرجهما من الغرفة أولاً لأنه يود أن يكلمني على إنفراد..


بدوري. رجوت من الحارسين الخروج. فنفذا طلبي. بعد أن حذراني منه وإنهما سيقفان خارج الباب المغلق مستعدين لكل طاريء إلى وقت مجيء رجال الشرطة الذين إتصلا بهم..


إستطرد إبني قائلاً بعد أن خلت الغرفة إلا مني و الرجل ( المؤمن ) الذي بانت عليه المسكنة والطيبة.
فقلت له. الآن نحن وحدنا في الغرفة فأخرج الذي بحوزتك. فأجابني بعصبية.
أنت مسلم فكيف تصدق بالصليبيين الذين يتهمون كل مسلم بالسرقة.
قلت له ( مازال الكلام لإبني ). إن كنت صادقاً فدعهم يتحسسون جسمك.
رد غاضباً. كيف أتركهم يلمسونني. فهم أنجاس..


قلت. هل أنت زائر في السويد أم مقيم؟
أجاب. أنا لاجيء ولكني لم أحصل على الإقامة الدائمة لحد الآن.
قلت. إذن لماذا تريد البقاء هنا وشعبه أنجاس كما قلت قبل قليل.؟!
قال. إن كل الدنيا أرض الله.
سألته. من أية دولة أنت؟
قال. من ( !!!!!!!!!!!!!!! )
قلت. لماذا لم تختر دولة إسلامية اُخرى لإيواءك بدل السويد ( الكافرة )؟؟.
قال. لأعيد منهم بعض ما سرقوه منا !!!
بتعجب إستفسرت منه ماذا سرقوا. وكيف سترتجعه؟
قال. ألا تعتقد بأن المال الذي يمنحونه لنا هو أقل من أل70 بالمائة من ما يسرقوه يومياً من بلداننا الإسلامية !!؟
قلت. إذا كان قولك صحيحاً، فهل المواطنيين في الدول الإسلامية يحصلون على شيء من ال 30 بالمائة التي ابقوها عند حكوماتكم؟؟؟
قال. أراك تدافع عن ( الكفرة ).
قلت. بل عن الحق..
إسترسل إبني قائلاً .
قلت له بما أنك تتوخى النجاسه من الحراس السويديين. فدعني أنا أتحسسك. فأنا مسلم مثلك. إن لم أجد شيئاً فهم سيصدقون شهادتي..


قال وعلامة الفرح ظهرت على تقاسيم وجهه.
هل صحيح بأنهم سيصدقونك؟


قلت. نعم فهم يصدقون الكاذب إن لم يمتلكوا ما يثبت زوره.
قال. وماذا يمتلكون في حالتي؟..
قلت. الكاميرات منتشرة في كل أرجاء المحل وزواياه. حتى في المخزن لمراقبة العمال. وأيضاً هنا داخل الغرفة المتواجدين أنا وأنت فيها. وتسجل دقائق الأمور خلال اليوم كله.
أختفت أسارير البهجة من على وجهه. وظهر التجهم بدلها. وقال
الآن اُريد أن أقول الحقيقة. ( اُقسم ) لك بأني لم أحاول السرقة ولكني ( نسيت ) مكان المحاسب فإنطلق جرس الإنذار..


قلت. ما هو الشيء الذي ( أردت شراءه ) وأين هو؟؟
رفع أسفل دشداشته إلى الأعلى. عندئذن سحب من تحت حبل اللباس. (خافي عورته ). جهازان. صغيران. غالية ثمنهما.
ناولهما لي وهو يقول
أرجوك أن تجد حلاً لي. فهذه هي المرة الثانية التي أمسك فيها بهذه الحالة. وأنت تعرف. أن دائرة الهجرة سوف لن تمنحني حق الإقامة لو اُبلغتموها بها. ولا أعتقدك ترضى لعائلتي التي فيها شابين جميلين مثلك أن تُطرد من السويد..


قلت هذا ليس من إختصاصي الشرطة هي التي بيدها القرار..
هنا صاح بهمس مرتفع.
إبني. هل قلت بأن مكاننا هذا توجد فيه كاميرات.؟
أجبته بنعم.
قال. وباب الغرفة هذه، غير مقفل بالمفتاح. أليس كذلك؟
قلت. نعم
قال. دعني أدفعك. وتقع أنت على الأرض. أما الحراس فأنا كفيل بهما. الكاميرا ستسجل الحادثة وكأنك لم تشاركني الإتفاق فتسقط المسؤولية من عليك..
هنا يقول إبني لقد أجبته بعصبية.
كيف تريدني مشاركتك بجناية هي من الكبائر في جميع شرائع الأديان. وكذلك في قوانين هذه الدولة التي أعيش بخيراتها؟


ولما يئس من جري لمجاراته في القبح.
قال. يبدو أنك تطبعت بأخلاقهم. ولا فائدة منك.
فقط دعني الآن اُصلي !.
يقول إبني. قلت له كل ما أرجوه. أن لا يعرف ولديك فعلتك هذه. فيتطبعا بها وفرشت له بعض الكارتونات النظيفة. ووجهته نحو القبلة ليصلي.
في هذه الأثناء فتح الباب. ودخل البوليس مع الحارسين إلى داخل الغرفة فرأوا الرجل ( المؤمن ) وهو يصلي.
منعت ذهابهم أليه وهو في حالة السجود. راجياً منهم الإنتظار إلى أن ينتهي من الصلاة التي أرجو أداءها غفراناً لفعلته المعيبة.
إنتهى ولدي من سرد القصة.


قلت له : أرى عيناك ترقرقتا.
قال بنبرة متجهدة. أنا حزين لمنظره وهو يسير مطأطاً رأسه والبوليس خلفه.
بعد قليل توجه أحد الحارسين نحوي وطرح السؤآل التالي عليّ: أنه مسلم مثلك. أليس كذلك؟.
في الختام أكرر سؤآل العنوان.
هل أخطأ إبني؟؟؟؟؟


حسن أسد