يا أيتها الأرواح الطاهرة لكل من أجهز صدام على حياته قبل أوانها قاتلِكم نال جزاءه الحق.
لن تروه بجواركم في علياء جناتكم. بل مأواه هناك، في سعير جهنم حيث مصيره بئساً وعذابه أليم.
يا أولاد اُختي الثلاثة. أمكم مسها الجنون بعد أختطافكم منها عام 1982.


بعدكم صيرت السجادة التي تصلي عليها طوال اليوم. فراشها ومثلها غطاء نومها لتواصل مناجاتها إلى السماء كي تعيدكم إليها سالمين. بقت على حالها تلك إلى يوم سقوط الطاغية عام 2003. عادت إلى رشدها فصرخت سأشتري ثلاثة خراف لأنحرها شكراً لله تحت أقدام قرات عيناي. سمير ونزار ومنير وأخذت تتوسل الجميع بصوت أجهشه بكاء الفرح. اُقبل أقدامكم. إذهبوا وإسرعوا بجلبهم إليّ.ألم تسمعوا بكسر السجون؟.


لماذا لم يأتوا بأنفسهم. فنحن ما زلنا نسكن في نفس البيت الذي أخذوهم منه
سكتت برهة ثم قالت / لربما طول فترة غيبتهم في السجن قد أنستهم السبيل ألينا.. ثم هاجت لتصرخ بالجميع
لماذا أنتم واقفون؟؟


إذهبوا وأبحثوا عنهم. فلربما الآن هم هائمون في الشوارع. يتوسلون بسواق سيارات التاكسي لإيصالهم إلى هنا. ولا أحد يقف لهم لأنهم لا يحملون فلوساً.
ولكن لماذا لا يقولون للسائق بأن اُمنا ستدفع لك أضعاف ما تستحق؟؟


ثم أخرجت من صندوق خشبي ما لم تعد من الدنانير لتقول. اُقسم بحياتهم الغالية عليّ أني سأمنح لمن يجلبهم أليّ كل هذا المال ولكن بشرط أن يكون إبن أخي ( أنور ) المؤدب. الجميل معهم..
وواصلت قائلة. لا زلت أحتفظ ( بطقم ) الذهب الذي إشتريته لزواج سمير. وجهزت له كل مستلزمات بيته..
رفعت قطعة قماش كبيرة من على تلة لتظهر تجيزات لبيت كامل. لم تستخدم او تستعمل أبداً منذ قرار سمير بالزواج من حبيته في نفس العام الذي غيب و معه أخوته وإبن خالهم أنور فيه. سنة 1982.
مر يوم. يومان. إسبوع.
نفذت كل الحجج والأعذار والأسباب التي خدورها بها كي تبقى على أمل رؤيتها لفلذات كبدها.
بعد شهر. ما عادت تسأل لقد أحست دون أن يقول لها أحد، أنها لم تلتقيهم أبداً في الحياة ثانية. عليها إنتظار الموت لتجتمع بهم في الدنيا الآخرة..


رجعت إلى صومعتها. رمت بنفسها. على ملابس سمير ونزار ومنير أخذت تشمها. بللتها بدموعها. رفعت عيناها إلى السماء وأخذت تصرخ بغضب.
لماذا لم تخبرني بالحقيقة يا أخي أبو أنور لقد كنت تدركها جيداً ولكنك لم تبلغني بها.؟!
هل كنت تخاف عليّ. أم كنت لا تعلم؟؟.
فأنا لستُ أقل حنيناً منك على فلذات كبدي..
مهما تعذرت فلن أصدقك.
لقد خدعتني ورحلت إلى إبنك قبلي. اُقسم بإرواحهم أنا اُحبه كما أولادي. أليس هو إبنك أي إبن أخي أي إبن اُمي وأبي..
سأعاتبك حينما ألتقيك قريباً عند الرب العظيم....
أما الآن وقد نفذ حكم الأعدام بمن أثكل شرفاء العراق بكل أشكال المصائب والفواجع. نشكر الله لمنحه الحياة لنا كي نحظر يوم الفرحة بنهايته.


فيا أيتها الأرواح الطاهرة لضحايا الطاغية، بشراك بموت من غيبكم عنا ويا أهاليهم الثكالى، لتقر أعينكم بخبر أعلان شنق من جعل دموعها مدراراً طيلة سنوات حكمه العجاف..
إن الله أمهل ولم يهمل..


حسن أسد