تلقيت هدايا ( عيديات ) كثيرة بمناسبة أعياد الفطر والأضحى، لكنني أشعر أن عيدية هذا العيد هي الأجمل والأكثر وقعا على نفسي وقلبي. عيدية هذا العيد لا تقدر بثمن فهي أكبر من أحلامي كلها، أكبر من أحلامي مذ كنت صغيرا الى هذا اليوم.

عيدية هذا العيد كانت عبارة عن دعاء من أمي قبل سنوات وهو دعاء الملايين من الأمهات العراقيات quot; يارب خذ الظالم ودع ما تبقى من أولادنا يتنفسون هواء نقيا quot;.

يا أمي لقد حقق الله دعاءك أخيرا.. ربما جاء متأخرا يا أمي، ربما متأخرا جدا فقد فارقت الحياة، لكنني أؤكد لك يا أمي أنني أتنفس اليوم هواء نقيا، هواء نقيا يا أمي مثلما دعوتي لي.

لم أكن أعرف معنى دعائك، لكنني اليوم أشعر بها، أشعر بها بقوة يا أمي فالهواء يختلف اليوم اختلافا كبيرا، فهو يدخل جسمي كنسمة باردة في صيف حار.

أما العيد يا أمي فله اليوم غير طعم الأعياد الماضية، تلك الأعياد التي قضيتها بالغربة والحسرة، الأعياد التي كانت أيامها تشبه التي سبقتها، بل الأيام التي كنت أشعر بها بتعاسة وحزن.

هذا العيد تلقيت يا أمي عيدية كبيرة فقد تم اعدام القاتل والمجرم صدام. هل هناك أكبر وأثمن من هذه العيدية يا أمي؟

تنفسوا معي الهواء الآن ستجدون أنه صار نقيا فصدام المجرم لن ينافسكم على استنشاقه فقد تم اعدامه. لقد تم اعدام الطاغية الذي حرمنا من كل شيء. حرمنا من أبسط حقوقنا الانسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية. لقد ذهب الطاغية الى حيث يستحق بعد أن نال الجزاء العادل ازاء جرائمه التي اقترفها بحق الشعب العراقي.

الثلاثون من شهر كانون الأول سيكون يوما خالدا ليس في تاريخ أهل العراق الشرفاء، بل وفي تاريخ الانسانية جمعاء، إذ في هذا اليوم تم الخلاص نهائيا من أكبر دكتاتور وظالم عرفه التاريخ الحديث. لقد شهد هذا اليوم نهاية العهد المظلم في تاريخ العراق.

هنيئا لكل أم فقدت ابنها، هنيئا لك اب فقد ابنه، هنيئا لك زوجة وأخت وأخ، هنيئا لنا جميعا باعدام قاتل أهلنا ومبدد ثروات بلدنا، هنيئا لكم عيدية عيد الأضحى المبارك.

لا ننسى هنا أن نقدم الشكر الكبير لكل من ساهم في توصيل صدام الى حبل المشنقة. يقف في مقدمة هؤلاء الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم فداء لمثل هذا اليوم، الى المناضلين الذين وقفوا وراء تحرير العراق من الظلم والطغيان، الى الشعب الأمريكي والرئيس الأمريكي بوش وادارة حكومته وجيشه، والشعب البريطاني ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والشعب الاسترالي ورئيس الوزراء جون هاورد، وجميع بلدان قوات التحالف. لا ننسى أن نشكر القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن الذي أصدر قرار اعدام الطاغية، وكذلك الحكومة العراقية الشجاعة التي نفذت هذا القرار.

طارق الحارس

[email protected]

* مدير تحرير جريدة الفرات في استراليا