الحلقة الخامسة

يبدوا أن قضية الرسومات الكاريكاتورية في الصحيفة الدانماركية وماتلاها من أحداث لن تنتهي قريباً، ومازالت الحشود الغاضبة تضرب في كل مكان والقادم أكبر، ونستكمل اليوم مابدأناه في الحلقة الماضية بعد أن نلخص أهم ماجاء فيها: ملكة الدانمارك طالبت بالتصدي للاسلام، تناقض بعض التصريحات بخصوص المقاطعة مابين مؤيد ومعارض، تذكير بردود فعل الأوروبيين على بعض التصريحات، الدساتير الغربية والإجراءات غير الصارمة، وجهة نظر الكاتب في المقاطعة، نبذة تاريخية، دعوة للإستفادة من هذه التجربة.

وفي هذه الحلقة سوف نعرض بعض الأفكار ونستعرض جزء مما تداولته وسائل الإعلام حول تطورات القضية، فقد نشر خبر إستطلاع للرأي مؤخراً مفاده أن 79 % من الشعب الدنماركي يعارض الإعتذار للمسلمين، وعليه يتضح أن الذين يغالطون التاريخ كثيرون، فهذه الإساءة تعتبر أحد أشكال العنصرية البغيضة التي جرت الويلات على المجتمع الدولي بأسره.

وبدأت بعض الهيئات الدولية العمل على حوار الأديان وعليه نقول إن من هو حريص على حوار الأديان وخصوصاً الفاتيكان عليه أن يأخذ زمام المبادرة ولكن هذا لم يحدث، فقد تأخر كثيراً في الرد على هذه القضية، وإذا لم يكن هذا الحوار معنياً بإحترام الأنبياء في المقام الأول فلا داعي للإستمرار فيه.

وبدأت الجهود التي تقوم بها منظمة المؤتمر الإسلامي تؤتي ثمارها بالدعوة الى عقد إجتماعاً إستثنائياً يضم 57 دولة على مستوى السفراء لبحث القضية quot;في القريب العاجلquot;، ولهذا نحث منظمة المؤتمر الإسلامي على أن تفكر كيف تستفيد من الأحداث لتكوين إستراتيجيات تقوم على أساسها بنشاط مكثف ومنظم له أهداف محددة ويتم تقييم هذه الأهداف على فترات دورية، وأن تعمل على البدء بحملة للتعريف بالإسلام والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في مختلف دول العالم الغربي.

ولاسيما أن هذه الدول بدأت تفهم وتتفهم طبيعة المسلم، وهذا سيدفع الدول الغربية للنظر في قوانين النشر لديها إن عاجلاً أم آجلاً وأن كان البعض منها قد بدأ بالفعل على إصدار قوانين تجعل الإساءة لأي دين من الأديان عملا عنصريا يعاقب عليه القانون فالعاقل من إتعظ بغيره، وهذه فرصه جيده لنعطى للغرب نظره واقعيه ونبين لهم أن هناك خطوط حمراء ينبغي عليهم ألا يتعدوها وهو الوقت المناسب لنثبت أننا حضاريين وعلى درجة من التقبل للآخر والنقاش معه، كما ينبغي أن نتعلم أن لا نتساهل أو نتجاهل مايسيء الى الأديان.

ونريد أن نذكر وزراء منظمة المؤتمر الإسلامي قبل إجتماعهم ما قاله بات روبرتسن في حق النبي صلى الله عليه وسلم إنه quot;ارهابي وقدوة للكراهية وليس للحب..quot; أما جيري فويل، فقد قال إنه quot;رجل عنيف ويدعو الى العنف..quot; وغيرهم كثير طالما أن الملفات سوف تفتح.

ويجب أن نأخذ على محمل الجد ماقاله عضو الكونغرس، النائب الجمهوري توماس تانكريدو، عن التهديد بتدمير الأماكن المقدسة للمسلمين في مكة، كما نود أن نذكر بما قام به رسام الكاريكاتير الأمريكي المعروف دوج مارلت بتصوير النبي وهو يقود شاحنة محملة بالمتفجرات، وقد كتب تحت الرسم عبارة: quot;وماذا سوف يقود محمد؟!quot;، ألم يقل جون أشكروفت، وهو يتولى منصبا رسميا، وزارة العدل، إن: quot;الإسلام هو دين يطالبك فيه الرب أن ترسل ولدك ليموت من أجله (الرب). والمسيحية هي عقيدة يرسل فيها الرب ولده ليموت من أجلكquot;؟!

ونود أن نرفع بين أيديهم التحذيرات التي صدرت عن المفوضية الاوروبية من إنها قد ترفع شكوى الى منظمة التجارة العالمية في حال شجعت بعض الحكومات في العالم الإسلامي على مقاطعة المنتجات الدنماركية، كرد على نشر الصور المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.

كما نود أن نرفع بين أيديهم إقتراحاً بدراسة أهم الأسباب التي من أجلها يهاجر المسلمون الى النرويج والدنمارك وباقي دول العالم الغربي وقد شبهها البعض بهجرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الى الحبشة متذرعين بالقول أن بلادهم ترزح تحت نير الدكتاتوريات وهدر الثروات ونهبها وتوزيعها بين المسؤولين الفاسدين في تلك الدول وفي هذا تشويه لكل مايتصل بالحضارة العربية والإسلامية.

وأن لاينسوا بأن لهم إخواناً يعتبرون أقليات مسلمة هناك ينبغي التحذير من التعدي على حقوقهم المدنية وممتلكاتهم المادية إذا ماتطورت الأحداث الى أكثر من ذلك فهناك تنظيمات نازية تعمل على التحرش بهم وإثارتهم والبعض يعمل على التطهير العرقي ضدهم عن علم ودراية كاملة بذلك لأنهم مازالوا يحتفظون بهوياتهم ومعتقداتهم وعاداتهم وأديانهم.

كما ينبغي عليهم أن يناقشوا موضوعاتهم بكل تجرد وأن يضعوا نصب أعينهم أن بعض الحكومات التي تطالب ببعض المعارضين السياسيين في تلك الدول قد تستفيد من هذا الوضع بعقد صفقات سرية لتسوية الأوضاع على حساب قضية شغلت الرأي العام الإسلامي والعالمي حتى لانحيد عن الهدف وننشغل في قضايا جانبية ومن ضمنها تضييق الخناق على المعارضين المطلوبين لبعض الحكومات فهذه هي السياسة كيف تستفيد من الأزمات لتحقيق أهداف بعيدة عن لب المشكلة. وقد يذكي نار الخلاف هذا بعض أجهزة الإستخبارات التي همها الوحيد هو القبض على المعارضين السياسيين في الخارج.

وأن الهدف الأساسي هو المطالبة بحقوق المسلمين المشروعة التي تكفلها لهم جميع الديانات السماوية، والقوانين الدولية العادلة التي تنص على احترام الأديان، وتفرق بوضوح بين حرية الرأي والتطاول على الرسل.

وأفضل مانختتم به مقالنا قوله تعالى {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } التوبة40

وقبل أن أودعكم أتسائل هل هناك علاقة ذات دلالة علمية أو دينية ستؤدي الى غزوة كوبنهاجن؟ وهل ستكون من الداخل أم من الخارج؟

الحلقة الرابعة

مصطفى الغريب

شيكاغو