كان محزنا جدا ما سمعناه عن الرسوم الدنماركية التى تنال من النبى الكريم محمد! شىء لا يليق و لا يصح!
و مع احترامنا و تأكيدنا على حرية الفكر و حرية التعبير الا أنه من الضرورى التأكيد على أن هذه الحرية لابد و أن تستخدم بتصرف واحترام لمشاعر الآخرين وبمسئولية (responsibly) كما أكد على ذلك الرئيس الأمريكى جورج بوش.

و لعل الأمر الذى لم يلتفت له الكثير من المسلمين فى هذه الأحداث هو أن الأديان جميعا تخضع لنفس المعاملة فى الدول الغربية، و لا يستثنى من ذلك أى دين، وكثير من المسيحيين العرب المهاجرين فى الغرب لديهم قصص عن مواقف صادمة لمشاعرهم الدينية مع بعض أولئك الذين يسيئون استغلال حرية التعبير فى هذه الدول، و بالتالى لا نستطيع أن نلصق تهمة العنصرية بالشعب الدنماركى أو الصحافة الدنماركية، فهم يعاملون جميع الأديان نفس المعاملة.

لكن ماذا عن الشرق؟ كيف تعامل الأديان - خصوصا أديان الأقليات؟
فى احدى دول الشرق الأوسط - مصر - و التى أتشرف بالانتماء اليها، يوجد شخص يدعى زغلول النجار، تم اطلاقه على العقل المصرى منذ عدة سنوات للمزايدة على التيار الدينى المنتشر فى طول البلاد و عرضها، حتى تظهر حكومة الحزب الوطنى الحاكم أمام الشعب الغلبان أنها حكومة ورعة و تقية ترعى الاسلام ( الاسلام فقط وليس الأديان، فالحكومات فى هذه المنطقة من العالم لا تعترف سوى بدينها فقط) و تم اعطائه مساحة اعلامية كبيرة من أجل استدراج أكبر كم ممكن من المشاهدين الغلابة والمغيبيين. و مع الوقت أخذ النجم الكبير يستغل مصطبته الاعلامية فى اهانة معتقد أبناء مصر من الأقباط (تماما بل و أكثر مما فعل رسام الدنمارك) و استمرأ النجم الكبير الموضوع، فالعملية مربحة و ليس هناك من يردعه أو يرده عن ظلمه، فهل لنا أن نشبه رسام الدنمارك بأنه زغلول النجار طبعة الدنمارك؟

توجد فروق تجعلنا لا نساوى بين الاثنين، سنوردها هنا و نترك الحكم للقارىء:
1- الرسام الدنماركى يعمل فى جريدة خاصة لا يمولها دافع الضرائب، بينما النجم الكبير زغلول النجار أغلب مصاطبه الاعلامية مصاطب حكومية تمولها الدولة من أموال دافعى الضرائب.
2- الرسام الدنماركى فعل ما فعل مرة واحدة، و لم نسمع أنه استمرأ ( استحلى ) هذه الفعلة الحمقاء، بينما الأمر يختلف تماما فى حالة النجم الكبير.
3- الدول الغربية بما فيها الدنمارك توجد فيها كتابات وأعمال فنية لا حصر لها تمس الكثير من المقدسات الدينية لكل الأديان وعلى رأسها المسيحية وهو أمر تستغله و تستفيد منه الجمعيات والهيئات التبشيرية الاسلامية فى الغرب فى الدعوة للاسلام، بينما الدولة التى أطلقت زغلول النجار و رعته وترعاه لا تسمح بأى كتابات أو أى أعمال فنية أو دراسات نقدية دينية.

4- زغلول النجار يخرج لنا منتجاته ولا يسمح لأى رأى آخر بالتعليق و لا تنشر الصحف التى يكتب بها أى تعليقات تننتقد ما يكتب، بينما الصحف الغربية تسمح للرأى الآخر بالتعليق.
5- الدنمارك كانت صريحة و أعلنت أنها مع حرية العبادة و مع حرية الفكر ولم تدع ما ليس لها و لم تتغن بالوحدة الوطنية فى حملات اعلامية فارغة، بينما عندنا تدعى الدول أنها تحترم الجميع وتساوى بين الجميع، وهو كلام فى أهون الأحوال وبأقصى درجات التأدب غير صحيح وغير حقيقى.
6- قد يعلق البعض أن رسام الدنمارك كان متهكما ساخرا بعيدا عن النقد العلمى، وهو بالطبع تعليق موضوعى صحيح، لكنه لا يسبغ على زغلول النجار والسباب الذى يكيله لأهل الكتاب و مقدساتهم شيئا أفضل، بل ينبغى أن نؤكد على أن رسام الدنمارك لم يسعى لاهانة دين لصالح دين آخر ولم يختبىء خلف ديانة الأغلبية أو خلف لحية أو خلف حكومة أو خلف مقدس أو حتى فى جيب رئيس تحرير حكومى، بل احتمى فى حرية الفكر و قلمه، و الأمر بالطبع يختلف فى حالة النجم الكبير!
7- رسام الدنمارك لم يأخذ دور ابن كثير أو الطبرى و أخذ يفسر القرآن على هواه مثلما يفعل زغلول النجار أحيانا عندما يفتى فى الكتاب المقدس و يفسر أياته كما يحلو له.
8- رسام الدنمارك حسب معلوماتى ارتكب جرما باساءته لمقدسات الاسلام، لكنه حسب علمى لم يرتكب جرما بسب المسلمين، و هو هنا يختلف عن زغلول النجار الذى لم يسلم منه لا الأقباط و لا معتقدهم.

بعد كل هذا، هل لنا أن نساوى بين فعلة رسام الدنمارك من ناحية وأفاعيل زغلول النجار وأمثاله المنتشرين فى طول وعرض بلاد العرب من ناحية أخرى؟ و هل يخرج علينا بعد ذلك من يدعى احترام العرب للأديان و الأقليات و أن الخطاب الدينى عند العرب عال العال و لا توجد به مشاكل؟ وهل لنا أن نسأل لماذا لا نسمع عن احتجاجات من الاخوة المسلمين فى مصر و بلاد العرب، كتاب و نقاد و صحافين و اعلاميين و حتى مواطنين عاديين على أفاعيل هذا الشخص المتكررة؟
هل هم أيضا استمرأوا هذا النوع من الكتابات؟
حقا: لايصح في الأذهان شئ لو احتاج النهار إلى دليل

ملحق: عينات من كتابات زغلول النجار و للقارىء أن يحدد موقعها من العنصرية والتعصب:
1- لا توجد مقارنة بين نزاهة القرآن و بين هزاءة و رداءة ما يسمى بالكتاب المقدس.. فهو مثل الكشكول جمعه اليهود للنصارى و جمعوا فيه فترة زمنية تمتد أكثر من 3000 سنة..فهو كتاب ملىء بالأخطاء العلمية و الأخطاء اللغوية ( القاهرة - 27 سبتمبر 2005)

2-ونظرا لضياع أصول الرسالات السابقة كلهاrlm;،rlm; وتعرض ما بقي من ترجمات منحولة لبعضها إلي قدر هائل من التحريف الذي دفع بأهل الكتاب إلي الشرك باللهrlm;،rlm; وإلي عدد من الوثنيات القديمة والمعتقدات الباطلةrlm;،rlm; فقد تعهد ربناrlm;(rlm; تبارك وتعاليrlm;)rlm; بحفظ وحيه الخاتم حفظا كاملا كلمة كلمة وحرفا حرفا إلي يوم الدين بنفس لغة وحيهrlm;(rlm; اللغة العربيةrlm;).rlm;
الأهرام 24 يناير 2005
rlm;rlm; .........................................................
عماد سمير عوض