استمعت مثلي مثل كثيرين وباستهجان شديد الى الخطاب الغاضب للسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في دمشق رغم اني أحترم لحيته وأقدر تاريخه ولطالما لفت نظري بكاريزماه الواضحة وذكاءه السياسي الذي خانه للاسف مرتين في شهر واحد كما يبدو..

ومبعث الاستهجان هو ذلك الهجوم العلني الشديد وبطريقة فضائحية مبتذلة على الرئيس عباس والحكومة السابقة الى درجة الاتهام بالتآمر و في هذا حتى ولو صدقت كل دعاواه صب للزيت على النار وربما اشعال مبكر لفتنة في توقيت غاية في الاشتباك والالتباس والخطورة..!!

ولن تساهم غضبته العنتريةمطلقا ومهما كانت مبرراتهافي اخراجنا وحماس مما نحن فيه.

ولننظر الى بركات السيد مشعل التي هبطت على الجامعتين اللدودتين الاسلامية والازهر..!!

وياخوفي..

من أن تكون هذه بداية لفيلم رعب طويل..يقوم ببطولته زعران الوطن وقواديه..فتشمت بنا اسرائيل ويضحك علينا العالم بكل اللغات ويدفع الثمن في البداية والنهاية المواطن المسكين المشدود بين حصانين أهوجين ويموت في كل يوم مليون مرة..!!

لن يجدينا ومشعل نفعا أن يولول عبر الفضائيات ويردح لرموز حكومة فاسدة مضت بأخطائها وخطاياها فقد بدأت شرعية جديدة عبر صناديق الانتخابات واختار الشعب حكومته التي يجب أن تكون على مستوى التحدي وتوقع وضع العصا في العجلة من الصديق قبل العدو..ومن ثم البحث عن حلول ابداعية للازمة الراهنة بهدوء وروية.

وبقدر ما أقلقني خطاب مشعل اياه فقد أعاد الى نفسي الثقة بحكمة القيادة الفلسطينية الجديدة ماقاله نائب رئيس الوزراء ناصر الشاعر أن ماقاله مشعل يعبر عن رأيه فقط و لايمثل رأي الحكومة الفلسطينية..!!

وللعلم فكما قلت آنفا أن هذا هو الخطأ الساذج الثاني لمشعل في خلال شهر بعد الخطأ الاول الذي تمثل في الغزل الاعتذاري الذي قدمه دون تفويض من شعبه حين حل ضيفا على الحكومة الكويتية مدعما بالهجوم على صدام حسين لانه هاجم واحتل الكويت في القرن الماضي وما كان ليفعلها لو أن صداما بقى حاكما للعراق مع علمي أن خالد مشعل ومعظم الحمساويين قد حولو ا عداوتهم لعروبة صدام وقوميته الى تأييد ودعوة له في المساجد..خاصة عندما أسلم حرب الخليج الثانية ووضع عبارة الله أكبر على العلم العراقي!!

وما فعله خالد مشعل في الكويت رغم انه يندرج في اطار علاقات quot;خذ وهات quot; الا انه تجن فاضح على شعبه والتاريخ وتكرار لما فعله الشاعر الانتهازي اياه وبعض الساسة الفلسطينيين عندما حجوا الى الكويت طلبا للرضا والاشتياق الى بريق الدينار الكويتي المعظم..!!

نعم..لقد أيد الشعب الفلسطيني صدام في دفاعه عن البوابة الشرقية للوطن العربي كما أيده الكويتيون أنفسهم ولن يخجل من ذلك.و أيده أيضا في عروبته وقوميته ووقوفه المنفرد أمام الهيمنة الامريكية في وقت أعلنت فيه معظم الانظمة العربية خضوعها لارادة البيت الابيض وتنفيذها لمخططاته..!!

ومع ذلك فان الشعب الفلسطيني لم يؤيد صدام في احتلاله للكويت أو فيما ارتكبه بحق شعبه من خطايا وأخطاء وبالتالي فاننا لم نخطىء بحق شعب شقيق بما يستوجب الاعتذار ومن يحاول القيام بذلك من وراء ظهورنا فهو يجير كرامة شعبه لمصالح خاصة ولايستحق الا الاستهجان و الازدراء..!!

وأنا كفلسطيني..

عندما أقرأ بعض الصحف الكويتية أشعر بالغصة وتعتمل في صدري مشاعر ممزوجة بمهانة الذكريات السوداء والغضب..!! وأعرف أن من quot;الكوايتةquot;من يحمل أطنانا من الكراهية للفلسطينيين دون وجه حق أو ربما بسبب تصرفات فردية ضيقة ومحدودة وبات يؤمن بأن اسرائيل هي الاخت غير الشقيقة للكويت من أم أمريكية..!!

ولا أدري سببا لهذا الحقد العربي الاصيل..ربما لاننا نحن الفلسطينيين أعلنا الحرب على الكويت وقمنا بنهب البترول الكويتي..وقدنا الدبابات العراقية المهاجمة..وقصفنا من حولنا بصواريخ سكاد..

أو ربما لاننا لم نتطوع في الجيش الامريكي الذي حرر الكويت وبترولها من طمع الطامعين وجعلها قاعدةللامن والامان..!!

لقد كانت مهزلة غزو الكويت ببساطة وباعتراف المحللين الغربيين بمثابة صفين جديدة رتب لها الغرب وامريكا بالذات بتواطؤ من حلفاء الامس ممن احتموا بصدام ولقبوه ذات يوم بفارس البوابة الشرقية مما أجج غروره ودفعه الى ما هو مرسوم له من ارتكاب حماقات دفع ثمنها كل العرب

وزيادة في توضيح جحم المهزلة التاريخية العربية فان حرب الخليج العراقية الايرانية التي انتصر لها معظم العرب لم تكن الا ضمن مخطط امريكي لاضعاف صدام والخميني معا لكي تبقي أمريكا صاحبة القوة الوحيدة في المنطقة ومع الاسف ان الغباء العربي السياسي حين ذاك كان في قمة تجلياته..!!

والسؤال لمن يكتبون التاريخ الامريكي للمنطقة من أصحاب الدشاديش المنمقة..

ماذا فعلنا..؟! وماذا أسأنا.؟!

هل كتب علينا دائما أن نكون quot;الحيط الواطية quot; وquot; ملطشةquot; كل الهاربين من وجه قضيتهم والمتنكرين لعروبتهم..!!

ولنفترض أن زعيمنا الراحل قد أخطأ وانتصر للجهة الخطأ..فهل نستحق كشعب عربي أن نكتوي بنار اسرائيل ثانية..؟

ماذا فعل الفلسطينيون لكي يصر أمراء الكويت على الاعتذار..؟!!ومن الذي يجب أن يعتذر..؟!!

هل يعتذر أطفال المدرس quot;خليل بحور quot; الذي سحل حيا في الشوارع المظفرة بعد فقء عينيه وهرس جمجمته وتقطيع جسده بفظاعة فاقت مهنيا مافعل ويفعل الاسرائيليون..؟!!

هل تعتذر الصبايا الفلسطينييات عن اغتصابهن في احتفالات وطنية من قبل فحول الكويت الاشاوس..؟!!

أليس في الاعتذار المزيف باسم الشعب الفلسطيني ودون علمه ورضاه انتهازية فاقعة وتجن صريح على الشعب والتاريخ مهما كانت الدوافع وراء ذلك..؟

ان الشعب الفلسطيني لم ولن يعتذر عما لم يرتكب حتى لو قام بذلك دون تفويض سياسي منافق أو شاعر متملق لان ذلك يتنافى وكرامته وليعلم أمراء الكويت أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة..ومن العيب والعار ان تستمر الفرية الغريبة ضد شعب عظيم كالشعب الفلسطيني لم يقبل لاي شعب آخر في العالم أن يعيش الاحتلال لحظة..فكيف به يقبل ذلك لشعب شقيق..!! وهو أي الشعب الفلسطيني الذي قدم مخلصا للكويت خاصة المداميك الاولى في نهضته من عرق وخبرة وعلم ابنائه؟

ان الذنب الحقيقي للشعب الفلسطيني انه كان دائمابلا قيادة تستحقه وبلا وطن يحميه وبلا أهل وأخوة ينصفونه ويدافعون عنه وبالتالي فقد بيع كما يباع دائما وفي أول مساومة وكان كبش الفداء الملائم لوليمة استقبال الاسكندر الامريكي..!!

ولا استغرب أن يتواصل مسلسل الاهانة والتمييز والمطاردة مع بقايا الفلسطينيين في الكويت وبعد مرور أكثر من 15 عاما على حرب البسوس الجديدة وحالهم بات أسوأ بكثير من حال الخادمات الفلبينييات..!!

ولا أدل على ذلك الرسائل الفلسطينية المستغيثة بمنظمات حقوق الانسان والتى تنشر بين الفينة والاخرى في الصحف.

لقد قطعنا الامل في عودة الكويت الرسمية الى عروبتها ونخوتها و لن نفاجأ من القاعدة الامريكية العتيدة اذا أعلنت حكومتها غدا اكتشافا تاريخيا يؤكد على وجود التوأمة الشرعية وبرعاية امريكية مع تل أبيب..!! في زمن أصبحت فيه العروبة نكتة بايخة تدعو الى الرثاء و من ثم مواصلة البكاء..

وفي النهاية لابد من همسة صادقة في أذن السياسي الشاب المتحمس خالد مشعل مع كل الاحترام مناشدا فيه قوة ايمانه وانتمائه..

quot; أرجوك.. لا تتسرع بدافع الاجتهاد أو الغضب..لقد أخطأت مرتين في حق شعبك وكأن بداية القصيدة لا تبشر بخير..!!

أرجوك..لاتكن شؤما علينا..وكن معنا من أجل وحدة الصف والهدف.

وان كان عليك أن تعتذر لأحد فلتعتذر هذه المرة الى أصغر طفل من أبناء شعبك quot;..!!

وكفى..

توفيق الحاج