منذ أيام.. صرح المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر لوكالة الأنباء الفرنسية انه على استعداد أن يرسل عشرة آلاف شاب quot;مقاتلquot;، للقتال بجوار حزب الله اللبناني، وكرر السيد المرشد العام نفس الدعوة في أحد المؤتمرات الحاشدة بنقابة المحامين المصرية، وأكد أن الجهاد ليس عبثا أو لهوا وأنه يحتاج إلى تكنولوجيا متطورة وأن الإخوان مستعدون لذلك..!!

فهل في دعوته تلك رسالة خفية بأن الإخوان لديهم التكنولوجيا المتطورة لتسليح شبابهم..؟
وإذا كان الجهاد ليس عبثا أو لهوا كما يرى السيد المرشد العام..فهل لديه بعض الأجوبة على أسئلتنا المشروعة حول دعوته العبثية..؟ فعلى سبيل المثال.. على يد من سيتم تدريب هؤلاء الشباب..؟ ثم أين ستكون مواقع التدريب..؟ وما هو موقف الجيش المصري من هؤلاء الشباب..؟ كما أنه أليس غريبا أن تسمح دولة لديها جيش كامل كمصر بإعداد ميليشيات مسلحة للحرب..؟ ثم ما هو مستقبل شباب تدرب على السلاح خارج النطاق العسكري الحكومي.. في دولة بها بطالة وفساد واحتقان داخلي..؟؟، ألا تستحق تلك الأسئلة الإجابة عليها وهي متعلقة بمستقبل مصر ومصيرها..؟

كان المرشد العام قد طالب الحكومات أن تسمح بهذه الإعدادات العسكرية الشعبية أو على الأقل أن laquo;تغض الطرفraquo; عنها، ومن العجيب أن تأتي مثل تلك العبارة المبهمة في قضية مصيرية، مع ما تحمله من تحييد كامل للحكومات واستغلال لموقفها العاجز الحالي بدلا من تحريكها سياسيا من داخل النظام عن طريق مقترحات عملية، وتظل الخطورة الحقيقية هنا كامنة في طرح فكرة تسليح شرائح مدنية من المجتمع... في مجتمعات لا تتصف بالعدالة، مما يجعلنا نتوقع ما قد تسفر عنه مثل تلك المقترحات مستقبلا، وما تحمله من نوايا لإسقاط الشرعية عن الحكومات عمليا، بحيث يحل من يحارب ويحمي محل من اكتفى quot;بغض الطرفquot;، وجلس هو الجيش النظامي يتابع الموقف.

من المؤسف أن نجد من يؤيد تلك الاقتراحات أو يزايد عليها بين ممثلي القوى المصرية الأخرى.. القوى التي تحاول أن تتجاوز دورها المقتصر على جلسات توبيخ الحكام العرب ومحاولات التحفيز ضدهم إلى خطوات أكثر جاذبية.. فعلى ما يبدو أن دعاوى تسليح قطاع من الشباب من أجل الجهاد قد لاقت استجابة لدى البعض.. كأحد ممثلي التيار الناصري الأستاذ سامح عاشور نقيب المحامين المصريين الذي طالب بفتح باب الجهاد ضد العدو الصهيوني.. لاعبا على نفس النغمة المرتجلة التي بدأها المرشد العام للإخوان، أما بين الأوساط الشبابية فليس من المستغرب أن تجد أحد شباب التيار الإسلامي من طلبة المرحلة الجامعية يطالب في إحدى التظاهرات الأخيرة أن تتحول الجامعات إلى أماكن تدريب للمقاومة، وحدث أيضا أن قام بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ndash; منذ أيام قلائل ndash; بتوزيع منشورات للحض على الجهاد مثلما حدث في محافظة أسيوط الأمر الذي تسبب بعدها في حالة تحفز لدى الأمن وصدام مع المتظاهرين في أحد المساجد ثم اعتقال الكثيرين منهم هناك.

حاول المرشد العام مؤخرا تعديل الموقف بعد الانتقادات تعرض لها من قبل بعض الخبثاء ndash; على حد قوله- الذين حرفوا كلامه، وأكد في حديثه لقناة العربية الفضائية أنه لو تم فتح باب الجهاد فالرقم سيتجاوز العشرة آلاف إلى المائة ألف متطوع، لكنه أكد أن ذلك لن يتم إلا تحت أعين الحكومات، مثلما كانت المقاومة في الأربعينات والخمسينات قبل الثورة المصرية، ورغم محاولات المرشد العام لتعديل الموقف إلا أنه لم يتناول أثر دعوته لفتح باب الجهاد.. على الصعيد السياسي الدولي أو الإقليمي، أو حتى على الصعيد الداخلي عقب إنشاء طبقة مارست فنون القتال ولها ولاءها لجماعة ذات طابع سياسي كجماعة الإخوان المسلمين.

لقد بدأ حزب الله حربه وحده، وهو يقاتل الآن وحده والأضواء كلها مسلطة عليه، وعلى ما يبدو أن هناك من يريد مشاركته الأضواء تحت دعوى فتح باب الجهاد.

إن سعي البعض إلى الجهاد وحده وعلى مسئوليته الخاصة، دليل على أننا لسنا على قلب رجل واحد، وأن قلوبنا شتى... لنتعرف أننا امة تحتاج إلى إعادة بناء.


عبدالرحمن مصطفى
القاهرة - مصر